أحمد السلماني
خسارة منتخبنا الوطني الأولمبي لكرة القدم فرصة التأهل إلى نهائيات كأس آسيا 2027 لم تكن مجرد إخفاق رياضي عابر؛ بل مؤشر خطير على طريقة إدارة ملفات المنتخبات الوطنية؛ فالمجموعة التي وقع فيها المنتخب لم تكن مستحيلة والتي تضم: العراق وكمبوديا- المستضيف- وباكستان المتواضع مع كامل التقدير، ومع ذلك خرجنا بخُفي حنين، لنواصل الغياب المتكرر عن النهائيات؛ اذ لم نتأهل سوى مرتين من أصل 7 محاولات! وهو رقم ومؤشر ودليل على أنَّ العمل على مستوى الفئات السِنِّية عبثيٌ وبوصلته فقدت المسار الصحيح ومنذ عقود للأسف!
هذا المُنتخب الأولمبي هو المستقبل الحقيقي للكرة العُمانية، وهو من سيشكل العمود الفقري للمنتخب الأول في السنوات القادمة، خاصة مع تقدم أعمار عناصر "الأحمر" الحالي. والأهم أنَّ الدفة الفنية للمنتخب الأولمبي يتولاها المدرب الوطني بدر الميمني، الذي صنع في مدة قياسية لم تتجاوز عشرة أيام منتخبًا رديفًا مُتميزًا ونجح في قيادته للتتويج بلقب بطولة غرب آسيا، وهو إنجاز لم يأت من فراغ؛ بل من عقلية مدرب واعد يعرف كيف يكتشف الحلول ويصنع الفرق. فهل يعقل بعد كل هذا أن نفرط في الميمني أو في المنتخب الأولمبي؟
ما حدث في التصفيات يثير علامات استفهام. المباراة الأولى أمام كمبوديا لُعبت تحت أمطار غزيرة وأرضية غرقت بالمياه، ومع ذلك لم يُتخذ أي موقف رسمي لوقفها أو الاعتراض عليها سوى مطالبات الجهازين الفني والإداري حينها، بينما مباريات أخرى في التصفيات ذاتها أُجلت لذات الظروف. ثم جاءت الطامة باستدعاء ثلاثة من أعمدة المنتخب الأولمبي للانضمام إلى المنتخب الأول في بطولة ودية، على حساب مُشاركة رسمية مصيرية. نعم، التركيز منصب حاليًا على مباراتي الملحق المؤهل للمونديال، لكن كان بالإمكان التريث حتى نهاية التصفيات، فالنتيجة أن الأولمبي جُرّد من أهم أوراقه، سر نجاح الأحمر الأولمبي كان في هؤلاء الثلاثة.
ولم يتوقف الارتباك هنا؛ فمنتخب الشباب فقد مدربه حمد العزاني بعد إلحاقه بالجهاز الفني للمنتخب الأول إلى جانب البرتغالي كارلوس كيروش، تألق المنتخب في البطولة الخليجية، ولكن كان بالإمكان أفضل مما كان، فهو منتخب يمكن البناء عليه فيما جرى تهميش منتخب الناشئين قبل أن يُعاد تذكره على عجل، ليُكلّف مدرب وطني مؤقت وتم تجميع اللاعبين بالترشيحات. وسيشارك المنتخب الصغير في بطولة ودية إقليمية وسط مخاوف من أن يتم تثبيت العناصر الحالية بعد البطولة بلا إعادة تقييم، رغم أننا نتحدث عن الفئة التي صنعت لنا تاريخًا ذهبيًا حين تُوّجنا أبطالًا لآسيا للناشئين مرتين وحققنا رابع العالم عام 1995.
إنَّ ما يجري يعكس فوضى إدارية وبعثرة للجهود، نحن لا نعترض على إعطاء الأولوية للمنتخب الأول، ولكن ليس على حساب منتخبات المستقبل ولا على حساب مدرب وطني أثبت كفاءته مثل بدر الميمني. الكرة العُمانية بحاجة إلى عمل مؤسسي حقيقي، وإلى استقطاب خبير فني عالمي يعمل مع مدربي الأندية والمنتخبات لتشخيص واقع اللعبة وصياغة خارطة طريق واضحة.
دون ذلك، سنظل كما يقول المثل الشعبي "نعجن المسيلة" ولن نبني منتخبات قادرة على المنافسة قاريًا وعالميًا.