سورة في القرآن تُغيِّر حياتك

 

سما بنت عبدالله الكلبانية

قراءة القرآن الكريم وتدبُّر آياته ومعانيه وإشاراته ورسائله، مسألة يجب أن يعكف على الإتيان بها كل مُسلِّم ومؤمِن؛ إذ إن المولى عزّ وجل أخبرنا في هذا الكتاب العزيز بقوله تعالى: "لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ" (الأنبياء: 10)، والحقيقة أنَّ من بين سور القرآن الكريم تستوقفني سورة البقرة، بجماليات قصصها القرآنية، وبديع حكمة الخالق في طرح قضايا عدة، واستحضار دروس من التاريخ، علاوة على تبيان أحكامٍ شرعية.

لذلك في كل مرة اقرأ فيها هذه السورة المباركة، تغمُرُني طاقة إيجابية، أشعر خلالها بأنَّ الحكمة تحيط بي، وأنها سبب- بإذن رب العالمين- في حمايتي من كل مكروه، فهي حصن منيع من أذى الشيطان.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "اقرأوا سورة البقرة فإنَّ أخذها بركة وتركها حسرة".

وعندما تبدأ في قراءة السورة، ربما يراودك شعور زائف في داخلك أنك لا تستطيع قراءتها، لكن ما إن تتحلى بالإرادة الصلبة والرغبة الشديدة في مواصلة القراءة والانغماس في روحانياتها، تكتشف مدى الفضل العظيم الذي بات يغمرك، حتى إنك لتدعو بعد الفراغ منها فتُستجاب دعوتك بأمر الله، وتتيسر أحوالك وتنشرح أساريرك ويطمئن قلبك.

لا ريب أنَّ سورة البقرة وهي أطول سور القرآن الكريم، قد تكون مُرهقة للبعض، لا سيما كبار السن الذين قد يجدون صعوبة في الانتهاء منها في جلسة واحدة، لكنني أدعو هنا لأن يستحضر كل مسلم عند قراءته لسورة البقرة، عظمة الأجواء الإيمانية التي تُحيط بها أثناء القراءة، ويعلم علم اليقين أن كل ثانية وكل لحظة يقضيها بين صفحات المصحف، يجني الحسنات ورضا الرب ودعوات الملائكة له.

في سورة البقرة ستتعلم- أيها المسلم- أن القُرب من الله نجاة، وأن السعي دون خوف أو قلق سيصل بك إلى حيث تريد بمرضاة الله، وأن الله في عونك دائمًا ما دُمت تتقي مسالك السوء.

نستطيع بقراءة سورة البقرة أن نتخلص من الظلمات التي قد تُكبِّل المرء مِنَّا؛ ففي كل آية سِرٌّ من أسرار العبادة، يُعيد النور إلى قلبك الذي أتعبه الهَمُّ والتفكير والحيرة والشكوك.

ستعلم من خلال سورة البقرة أن الله هو رب هذا الكون، وما من شيء في الأرض ولا في السماء إلّا ويعلمه..

بعد قراءتك لسورة البقرة، ستقول بكل يقين إن الله أحيا قلبي بعد ما كان ميتًا ومنكسرًا.

لقد سبق وأن أصابني حزنٌ وابتلاءٌ عظيم، وتعرَّضت لظلمٍ قاسٍ تجرَّعتُ مرارته كؤوسًا وكؤوسًا، وتألمتُ من أوجاعٍ لم أجد لها علاجًا، بعد أن أُغلِقَت في وجهي كل الأبواب وانعدمت الحلول، حتى هداني الله سبحانه وتعالى ودبر أمري لقراءة سورة البقرة، فانكشفت الغُمّة وانفرج الكرب بإذن الله.

وأذكر على سبيل المثال، أن أحدنا عندما يمرض يذهب إلى الطبيب الذي يُحدِّد لنا جرعة من الدواء تُخفِّف من حدة الألم العضوي.. كذلك الحال بالنسبة للألم النفسي.. إننا في أمسِّ الحاجة لجرعة كبيرة من العلاج الروحي، ولن نجد خيرًا من القرآن الكريم لننهل من عطايا الرب ورضا الإله، فتنعم قلوبنا بالسكينة.

ربما يقول أحدهم إنني قرأتُ سورة البقرة على أمل كذا وكذا، لكن لم يتغيَّر شيء، وهنا نهمسُ في آذان هؤلاء ونقول لهم، إن القرآن الكريم بكل سوره ليس آلةً تضغط على زرها فيتحقق المُراد، وليس تجربة نخوضها؛ بل إن علينا التعامل مع كتاب الله بكل يقينٍ وصفاء نفسٍ وزُهدٍ.

رزقنا الله وإيَّاكم حُسن تدبُّر القرآن، وأسبغ علينا نعمه ظاهرةً وباطنةً.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة