أكدوا ضرورة المزج بين ترسيخ القيم والهوية الوطنية مع التفكير النقدي والابتكار

مختصون لـ"الرؤية": تطوير التعليم يتطلب تمكين الإبداع الطلابي ومواكبة الثورة الرقمية

...
...
...
...
...
...
...
...

◄ الحامدي: على الطلبة الاستفادة من التقنيات الحديثة دون الوقوع في "سلبياتها"

◄ ضرورة إدماج برامج تربوية لتعريف الطلبة بقضايا الخصوصية الرقمية

◄ الشبلي: التفكير النقدي والابتكار والمهارات الرقمية.. أسلحة الطالب في هذا العصر

◄ الجماحية: تدريب المعلمين على دمج الأمان الرقمي في الأنشطة الصفية يخدم الطلبة

◄ السعيدية: تدريب الطلبة على استخدام التكنولوجيا كأداة للتعلُّم وليس للتسلية فقط

◄ العجمية: ضرورة التوسع في مسابقات الروبوت والذكاء الاصطناعي

◄ العلوي: زيادة وعي أولياء الأمور بدورهم في الرقابة والتوجيه يحمي الأبناء

 

الرؤية- ريم الحامدية

 

أجمع مختصون تربويون وأولياء أمور على أن التعليم في سلطنة عُمان يقف اليوم أمام منعطف مُهم في ظل الثورة الرقمية المُتسارعة، مشيرين إلى أن التعليم التقليدي ما يزال يحتفظ بأهميته في ترسيخ القيم والهوية الوطنية، إلّا أن المرحلة المقبلة تفرض ضرورة التحول نحو التعليم الإبداعي القائم على التفكير النقدي والابتكار والذكاء الاصطناعي. وأوضحوا- في تحقيق لـ"الرؤية"- أن التحديات التربوية المُرتبطة بالعصر الرقمي، تتطلب دورًا فاعلًا من أركان المنظومة التعليمية كافةً؛ المدرسة والمُعلِّم وولي الأمر، من أجل تعزيز الثقافة الرقمية والوعي بمخاطر وسائل التواصل الاجتماعي، وغرس قيم الاستخدام المسؤول للتقنية. وشددوا على أن المناهج والمبادرات المدرسية تمثل خط الدفاع الأول في حماية الأجيال، وضمان قدرتهم على الاستفادة من التكنولوجيا دون الوقوع في سلبياتها

 

تحوُّلات رقمية

وطرح الدكتور سالم الحامدي مدير مدرسة علي بن أبي طالب، وجهة نظره حول ضرورة الموازنة بين التعليم التقليدي والتعليم الحديث الذي يواكب الثورة التقنية العالمية والتحولات الرقمية والذكاء الاصطناعي، وقال: "يظل التعليم التقليدي أساسًا جوهريًا في تشكيل المعارف والقيم وصقل الهوية، فهو يمثل الأصول التي يعول عليها هذا البناء المعرفي، ومع ذلك فإن سرعة التحولات الرقمية وتزايد رواج الذكاء الاصطناعي يفرض علينا التغلب من حدود التعلم التقليدي نحو نموذج تعليمي أكثر ابتكارًا وتجدُّدًا، يُركِّز على التفكير النقدي، والابتكار، وحل المشكلات؛ مما يعكس انتقال التعليم إلى عملية إنتاج المعرفة وتوظيفها، وتكييفها مع متطلبات العصر، وتحقيق التوازن بين رسوخ التعليم التقليدي وحيوية التعليم الإبداعي القائم على استشراف المستقبل لأنه المفتاح لبناء أجيال تمتلك القدرة على الريادة والتنافسية في عصر الرقمنة بإيجاز نعتبر التعليم التقليدي يشكّل قاعدة ثابتة، إلّا أن عصر الرقمنة والذكاء الاصطناعي يتطلب نمطًا تعليميًا مبتكرًا يرتكز على التفكير النقدي والإبداع وتطوير مهارات حل المشكلات.

وأبرز الحامدي دور المناهج والمبادرات المدرسية في غرس ثقافة الوعي والوقاية وضمان قدرة الجيل الجديدة من الطلبة في المدارس الاستفادة المقدرات التكنولوجية دون الوقوع في سلبياتها قائلًا: في البيئات المدرسية والعملية، تُعد المناهج والمبادرات التربوية ركيزة أساسية لغرس ثقافة الوعي والرقابة الرقمية، فهي تسهم في الجمع بين المعرفة النظرية والتطبيق العملي للطلبة والمعلمين، عبر توجيههم لاستعمال التكنولوجيا بشكل مخطط وتعزيز مهاراتهم في حماية بياناتهم وهويتهم الرقمية، من خلال إدخال مفاهيم مثل الأمان السيبراني والسلوك الرقمي المسؤول وآليات التحقق من المعلومة؛ مما يساعد في تحويل البيئة التعليمية إلى فضاء تجريبي؛ لترسيخ هذه المبادئ، بذلك تتحول الرقميات من كونها مجرد أدوات تقنية إلى منصة تعليمية وتربوية تُهيئ الجيل الجديد لفهم التكنولوجيا بعمق والاستفادة منها بالشكل الأمثل، مع التوعية بمخاطرها.

تعزيز الوعي

وأكد الحامدي أن المناهج والمبادرات المدرسية تسهم في تعزيز الوعي والرقابة الرقمية من خلال دمج المعرفة بالتطبيق العملي؛ مما يتيح للطلبة استخدام التكنولوجيا بشكل موثوق به وواعٍ، واستثمار فرصها دون التعرض لمخاطرها.

وحول توعية الطلبة بمخاطر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ونشر تفاصيل الحياة اليومية الخاصة وقدرتهم على التعامل الواعي والمسؤول مع التكنولوجيا، أجاب الحامدي بالقول إن توعية الطلبة بمخاطر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي تبدأ من خلال إدماج برامج تربوية وتدريبية تركز على تعريفهم بالتحديات المتعلقة بالخصوصية، الأمن الرقمي، والتأثيرات النفسية والسلوكية. وينبغي أن يُرافق ذلك تنمية مهارات التفكير النقدي وتحليل مصادر المعلومات، بالإضافة إلى غرس قيم الانضباط الذاتي والمسؤولية الرقمية لديهم ؛ من خلال غرس قيم المواطنة الرقمية في نفوس الطلبة، ووضح الحامدي أيضا ولتعميق أثر هذه البرامج، من المهم إشراك الطلبة في أنشطة تطبيقية داخل البيئة المدرسية، مثل محاكاة مواقف حياتية أو دراسة حالات واقعية، ما يساعدهم على تحويل المعرفة النظرية إلى ممارسات عملية، من خلال عدد من البرامج والمسابقات والمشاريع المتعلقة بمادة تقنية المعلومات ومعلمي مادة تقنية المعلومات وكذلك من خلال المسابقات الخاصة بالروبوت والمسابقات الإلكترونية المحلية والدولية ليصبح الطالب قادرًا على التعامل بوعي مع التكنولوجيا، متجنبًا مخاطرها، وقادرًا على الاستفادة منها كوسيلة للتعلم والإبداع والتواصل البنّاء.

ويرى الحامدي أن توعية الطلبة بمخاطر وسائل التواصل الاجتماعي تتمحور حول تعليمهم أساسيات الخصوصية والأمان الرقمي، وتعزيز قدرتهم على التفكير النقدي وتحمل المسؤولية الرقمية، يشمل ذلك أنشطة تطبيقية تساعدهم على تحويل المعرفة النظرية إلى ممارسة عملية وآمنة للتكنولوجي.

مخاطر تربوية

وعن أبرز التحديات والمخاطر التربوية التي يفرضها العالم الرقمي على طلبة المدارس، يرى أن جميع الطلبة في كل الصفوف يواجهون عدة تحديات ومخاطر منها: الإدمان الرقمي؛ وذلك من خلال الاستخدام المفرط للأجهزة الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي يسبب نقصًا في التركيز ويؤثر سلبًا على الأداء الدراسي وكذلك المحتوى غير المناسب وهو التعرض لمعلومات مُضلِّلة أو ذات تأثير سلبي يمكن أن يؤدي إلى تغييرات غير مرغوبة في القيم والسلوكيات، كذلك الخصوصية والأمان عبر الإنترنت فقلة الوعي بأهمية حماية البيانات الشخصية والمعلومات الحساسة يشكل خطرا كبيرًا والتشتت الناتج عن الترفيه الرقمي.

وعن كيفية تحقيق التوازن بين التدريس وتنمية الثقافة الرقمية، ذكر أن إنشاء برامج تعليمية مُبتكرة تجمع بين الأساليب التقليدية والتكنولوجيا الحديثة، مثل تنظيم ورش عمل توعوية حول الأمان الرقمي وإطلاق مشاريع تطبيقية تُعزز التفكير الإبداعي، وكذلك المعلم من خلال اعتماد استراتيجيات تعليم نشطة تُشجع على التفكير النقدي داخل الصف، وتوجيه الطلبة نحو استخدام التكنولوجيا كوسيلة مثيرة ومثرية للتعلم، مع مراقبة تصرفاتهم الرقمية وتقديم الدعم الفردي عند الحاجة، والمنهج الدراسي من خلال تطوير محتوى يُدمج المعرفة التعليمية التعلمية مع المهارات الرقمية الأساسية، مع التركيز على تعزيز قيم المسؤولية والانضباط في التعامل مع التكنولوجيا.

وشدد الحامدي على أهمية إعداد جيل يتمتع بوعي رقمي يُمكنه من استغلال التكنولوجيا بأمان وبطريقة إيجابية، دون أن يؤثر ذلك سلبًا على تقدمه وتحصيله الدراسي أو سلوكياته الاجتماعية.

الثورة الرقمية

وقال خالد الشبلي، مُعلِّم أول بمحافظة شمال الباطنة إنه لا يمكن السباحة عكس التيار العالمي المُتسارع في الثورة الرقمية، ورغم ذلك فإنَّ التعليم التقليدي ما يزال ضروري؛ لأنه يُرسِّخ الجوانب التربوية والقيمية، ويعزز العلاقة المباشرة بين المُعلِّم والطالب، لكن لا يمكن الاكتفاء به وحده. وأوضح الشبلي أن المرحلة الحالية تفرض التحول التدريجي نحو التعليم الإبداعي الذي يركز على التفكير النقدي والابتكار والمهارات الرقمية والذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أن الحل يكمن في الدمج بين النمطين بحيث نحتفظ بالأساس التربوي ونستفيد من فرص الثورة الرقمية، وهنا يكون الطريق هو الموازنة والتدرج.

وأضاف الشبلي أن أبرز التحديات والمخاطر التربوية التي يفرضها العصر الرقمي على بعض الطلبة- لا سيما من الصف السابع إلى الثاني عشر- تتمثل في العزلة الاجتماعية وما يصاحبها من تراجع مهارات التواصل، والتنمُّر الإلكتروني، وضعف التحقق من المعلومات، وإدمان استخدام الأجهزة، إضافة إلى التأثيرات النفسية. وأكد أن المدرسة والمُعلِّم عليهما أن يُخصِّصوا وقتًا للتعليم الأكاديمي، وفي الوقت نفسه يدمجا أنشطة رقمية آمنة ويُدربا الطلبة على التفكير النقدي واستخدام التقنية في المواقف الصفية كأداة للتعلم لا للتسلية فقط.

وأشار الشبلي إلى أن توعية الطلبة بمخاطر وسائل التواصل الاجتماعي مثل نشر تفاصيل حياتهم الخاصة وتعزيز قدرتهم على التعامل الواعي والمسؤول مع التكنولوجيا، يمكن أن تتم من خلال دمج حصص وأنشطة عملية تشرح أخطار نشر الصور والبيانات الشخصية، وتقديم أمثلة واقعية لقصص ضحايا الاستخدام غير الواعي، واستغلال حصص الاحتياطي في تدريب الطلبة على ضبط الخصوصية في التطبيقات عبر ورش عملية، مع التأكيد على أهمية إشراك أولياء الأمور في عملية التوعية وتعزيز المراقبة الإيجابية والحوار مع الأبناء.

وأكد الشبلي أن المناهج والمبادرات المدرسية تمثل خط الدفاع الأول؛ إذ يمكنها أن تغرس الوعي الرقمي من خلال وحدات تعليمية أو محتوى يتضمن مفاهيم المواطنة الرقمية والأمن السيبراني، إضافة إلى مسابقات ومشروعات طلابية في التفكير النقدي والابتكار باستخدام التكنولوجيا، إلى جانب مبادرات مدرسية مبتكرة تعزز الجانب التوعوي والوقاية الرقمية مثل المسابقات والملتقيات والمعارض

التعلُّم الإبداعي

وقالت زليخة الجماحية، ولية أمر، إن التعليم التقليدي لم يعد كافيًا وحده، فالعالم يشهد تغيرات متسارعة والمعلومات أصبحت متاحة للطلاب بضغطه زر، ولم يعد الطالب بحاجة إلى حفظها بقدر حاجته إلى فهمها وتوظيفها. وأوضحت أن المرحلة المقبلة تفرض تحولًا إلى التعلم الإبداعي القائم على التفكير النقدي والابتكار، مع الاحتفاظ بالأساسيات التي يوفرها التعليم التقليدي، بحيث يكون الدمج بين الأساس والإبداع هو النموذج الأمثل.

وأضافت الجماحية أن من الضروري توعية الطلاب بخطورة نشر تفاصيل حياتهم، وذلك من خلال إشراك الأهل والمعلمين معًا، وتنظيم جلسات توعية للأهل حتى يكونوا شركاء في التوظيف، إضافة إلى تدريب المعلمين على دمج الأمان الرقمي في الأنشطة الصفية. وأشارت إلى أن التوعية لا يجب أن تكون من خلال أسلوب المنع والزجر، بل عبر التثقيف العملي وجعل الطلاب يكتشفون بأن نشر تفاصيل حياتهم قد يعرّضهم لمخاطر حقيقية.

وأكدت الجماحية أن المناهج والمبادرات المدرسية تمثل المفتاح لغرس ثقافة الوعي والوقاية الرقمية، باعتبار المدرسة المكان الأول الذي يهيئ الطالب للتعامل مع العالم الواقعي والافتراضي معًا. وأوضحت أن دور المناهج يتمثل في تنمية مهارات التفكير النقدي والإعلامي من خلال تعليم الطالب كيفية التمييز بين الخبر الصحيح والمزيف، وتدريبهم على التحقق من المصدر وعدم تصديق كل ما يُنشر عبر الإنترنت.

المهارات الأساسية

من جانبها، قالت زوينة السعيدية، ولية أمر، إن التعليم التقليدي ما زال له ضرورة أساسية خاصة في المراحل المبكرة، لأنه يضع الأساسيات من القراءة والكتابة والحساب وضبط السلوك، إلا أن المرحلة القادمة تفرض التحول نحو التعليم الإبداعي الذي يعزز التفكير النقدي ومهارات حل المشكلات والابتكار والقدرة على التعامل مع الذكاء الاصطناعي. وأوضحت أن الحل ليس في الاستغناء عن التقليدي تمامًا؛ بل في المزج بين الأسلوبين بحيث تُدرّس المهارات الأساسية مع تدريب الطلبة على مهارات المستقبل.

وأضافت السعيدية أن هناك تحديات ومخاطر تربوية يواجهها الطلبة، أبرزها الإدمان الرقمي وقلة التركيز بسبب الاستخدام المفرط للأجهزة، والمصادر غير الموثوقة التي قد تربك الطلبة وتؤثر على فهمهم الصحيح للمعرفة، إلى جانب ضعف التفاعل الاجتماعي بسبب انعزالهم خلف الشاشات، وكذلك المحتوى غير المناسب الذي قد يتعرضون له عبر الإنترنت. وأكدت أن دور المدرسة والمعلم في هذا الجانب يتمثل في إدماج الثقافة الرقمية في المناهج من خلال تعليم كيفية البحث الآمن والتحقق من المعلومات وإدارة الوقت، إضافة إلى تقديم أنشطة عملية ومشاريع رقمية مرتبطة بالمناهج، وتدريب الطلبة على استخدام التكنولوجيا كأداة للتعلم وليس فقط للتسلية.

وأشارت السعيدية إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تتطلب وعيًا خاصًا يبدأ من الأسرة عبر الحوار المفتوح مع الأبناء ومتابعة استخدامهم، كما يمكن للمدرسة أن تنظم ورشًا توعوية حول مخاطر نشر الصور والمعلومات الخاصة مثل الابتزاز والتنمر الإلكتروني والاختراقات. وبيّنت أن تعزيز القدرة على التعامل الواعي مع هذه الوسائل يكون من خلال تعليم الطلبة إدارة الخصوصية عبر إعدادات الأمان وكلمات المرور، وتشجيعهم على التفكير قبل النشر وطرح سؤال على أنفسهم: هل سيضرني هذا المنشور بعد سنوات؟ إلى جانب إبراز نماذج إيجابية لكيفية استثمار وسائل التواصل الاجتماعي في التعليم وريادة الأعمال.

وأكدت السعيدية أن المناهج والمبادرات المدرسية تمثل ركيزة أساسية لغرس ثقافة الوعي والوقاية الرقمية؛ حيث يجب أن تدمج المناهج التربية الرقمية كجزء أصيل يشمل الأمن السيبراني وأخلاقيات الإنترنت والتفكير النقدي، في حين تسهم المبادرات مثل المسابقات الرقمية وأندية البرمجة ومشاريع الذكاء الاصطناعي في تعزيز المهارات المستقبلية. وشددت على أن ضمان الاستفادة يتطلب ربط المناهج بين المعرفة النظرية والتطبيق الرقمي العملي، وإعداد أنشطة تعلم قائمة على المشكلات والابتكار، مع التركيز على القيم والهوية الوطنية إلى جانب المهارات التقنية، حتى لا يفقد الجيل الجديد توازنه.

وشددت السعيدية على أن التعليم في العصر الرقمي يحتاج إلى مزيج بين الأساسيات التقليدية ومهارات المستقبل، مؤكدة أن التحدي الأكبر يتمثل في حماية الطلبة من سلبيات العالم الرقمي مع تمكينهم من استخدامه بوعي وإبداع

التعليم التقليدي

وأوضحت رباب بنت محمد العجمية، مديرة مدرسة الحزم للتعليم الأساسي، أن التعليم التقليدي ما زالت له أهميته، خاصةً في بناء القيم وتعزيز الهوية الوطنية والتواصل المباشر بين المعلم والطالب، لكنه من جهة أخرى لم يعد كافيًا وحده. وقالت إن المرحلة المقبلة تتطلب تعليمًا يُركِّز على الإبداع والتفكير النقدي والابتكار، مع الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة، مؤكدةً أن الأفضل أن يكون هناك مزج بين الاثنين؛ بما يضمن الحفاظ على الأساسيات التي يقدمها التعليم التقليدي، ونفتح المجال أمام الطلبة للتجربة والبحث والتفكير بطرق جديدة.

وأضافت العجمية أن الطلبة يواجهون تحديات كبيرة؛ حيث إن استخدامهم المفرط للأجهزة قد يسبب تشتتًا وضعف تركيز، وأحيانًا يؤثر على دراستهم أو حتى على صحتهم النفسية، كما أن انتشار المعلومات غير الصحيحة عبر الإنترنت يعرضهم لارتباك في الفهم، إلى جانب احتمالية تعرضهم لمشاكل مثل التنمر الإلكتروني. وأكدت أن المدرسة والمعلم لهم دور مهم جدًا في هذا الجانب، إذ يجب عليهم أن يوازنوا بين التعليم الأكاديمي من جهة، وبين غرس ثقافة التعامل الواعي مع التكنولوجيا من جهة أخرى، وذلك من خلال تنظيم حصص وأنشطة توعوية، أو إدخال مشاريع عملية تحفز الطلاب على استخدام التقنية بشكل مفيد.

وأوضحت العجمية أن المناهج الدراسية بدأت تتطرق إلى مواضيع مرتبطة بالتقنية والذكاء الاصطناعي، وهو أمر إيجابي، إلّا أن الحاجة تظل قائمة لتوسيع هذه المواضيع وتعميقها بشكل أكبر، خاصةً في مجال الثقافة الرقمية والأمن السيبراني. وشددت على أهمية أن تطلق المدارس مبادرات عملية، مثل إنشاء أندية للبرمجة أو تنظيم مسابقات في الروبوت والذكاء الاصطناعي، بحيث يتعلم الطالب بالخبرة المباشرة، إضافة إلى ضرورة وجود شراكات بين المدارس والجهات المختصة بالتقنية في السلطنة لتعزيز هذا الجانب.

وأكدت العجمية أن مستقبل التعليم في سلطنة عُمان يحتاج إلى مزيج من الأصالة والتجديد، بحيث نحافظ على قيمنا وموروثنا من خلال التعليم التقليدي، وفي الوقت نفسه نستفيد من الثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي. وأكدت أن دور أولياء الأمور والمربين هو توجيه الأبناء لاستخدام التقنية بشكل واعٍ ومسؤول، حتى يكونوا جيلًا قادرًا على المنافسة والإبداع

نهج التوازن!

وبيَّن سالم بن محمد العلوي، مدير مدرسة، إن التعليم التقليدي يمثل المهارات التأسيسية التي يحتاجها أي إنسان، غير أنه في ظل العالم المتسارع لم يعد كافيًا وحده، بل لا بد من وجود دمج متوازن بين التعليم التقليدي والتعليم الإبداعي المعتمد على التفكير النقدي والإبداعي والابتكار والذكاء الاصطناعي. وأضاف العلوي أن العصر الرقمي يفرض تحديات ومخاطر كثيرة على طلبة الصف السابع إلى الثاني عشر، من أبرزها الإدمان الرقمي؛ حيث يجلس الطلبة ساعات طويلة منعزلين عن العالم الخارجي، إضافة إلى ما يتعلق بالأمن السيبراني والتعرض لمخاطر الاختراق والاحتيال الرقمي، فضلًا عن العزلة الاجتماعية وغيرها من التحديات. وأكد أن دور المدارس في الحد من هذه المخاطر يتمثل في دمج التكنولوجيا في التعليم من خلال المنصات، كما قامت وزارة التربية والتعليم بتفعيل منصة "نور"، إلى جانب تدريب الطلبة على برامج الذكاء الاصطناعي التي تطور من مستوياتهم وتجعل التكنولوجيا أداة للتعلم لا وسيلة للهو فقط. وأوضح أن أبناءنا الطلبة يحتاجون إلى الوعي والثقافة الرقمية، وذلك عبر تقديم ورش مستمرة ومحاضرات من متخصصين في الأمن الرقمي، وتشجيعهم على إنتاج المحتوى الإيجابي المفيد مثل المقالات والفيديوهات التعليمية والمشاريع الرقمية، مع أهمية إشراك أولياء الأمور في متابعة الاستخدام الرقمي لأبنائهم.

وأشار العلوي إلى أن توعية الطلبة بمخاطر وسائل التواصل الاجتماعي مثل نشر تفاصيل حياتهم الخاصة وتعزيز قدرتهم على التعامل الواعي والمسؤول مع التكنولوجيا تبدأ من بناء الثقة بين الطالب والمعلم والأسرة، وذلك بتوفير بيئة آمنة تسمح للطلبة بمناقشة مشاكلهم الرقمية دون خوف من العقاب، إلى جانب عقد لقاءات مع أولياء الأمور لزيادة وعيهم بدورهم في الرقابة والتوجيه.

وأكد العلوي أن المناهج المدرسية لها دور مهم جدًا في هذه المرحلة من خلال دمجها مع التكنولوجيا الرقمية، موضحًا أن السلطنة بدأت بالفعل تخطو خطوات جيدة في هذا المجال، متمنيًا أن يكون الدمج فعّالًا عبر تضمين وحدات دراسية عن الأمن الرقمي وأخلاقيات النشر، وربط موضوعات التكنولوجيا بالقيم الوطنية والإنسانية.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة