إلى بلدية ظفار.. شبابنا أولى!

 

 

 

حمود بن علي الطوقي

مع استمرار موسم خريف ظفار السياحي، حيث الأجواء الاستثنائية التي تجذب آلاف الزوار من داخل السلطنة وخارجها، تبرز مُجدَّدًا مسألة تمكين الشباب العُماني من المشاركة في الأنشطة التجارية التي تزدهر خلال هذه الفترة، وعلى رأسها أكشاك بيع المشلي (النارجيل) والفواكه الاستوائية التي تتميز بها التربة العُمانية عامةً ومحافظة ظفار خاصةً.

لقد أثبت شبابنا الذين يقصدون محافظة ظفار قدرتهم على إدارة مشاريعهم الصغيرة بكفاءة عالية، سواء في مجال الأطعمة أو الضيافة أو الخدمات السياحية، وهو ما تجسّد بوضوح في منصات التواصل الاجتماعي التي وثَّقت قصص نجاحهم، وجذبت إعجاب الزوار بما يقدمونه من منتجات نظيفة، وخدمات راقية، والتزام كامل بمعايير الصحة والسلامة.

لا أريد هنا أن أستعرض تجربة بعينها، فقد وقفتُ على تجارب ناجحة عديدة تحدثت عنها من خلال تغريدة عبر حسابي في منصة (X)، لكنني أعتقد أن مجرد قطع شبابنا مئات الكيلومترات من مختلف محافظات السلطنة، والوصول إلى صلالة للعمل والمشاركة في هذا الحدث السياحي الكبير، يُعد في حد ذاته نجاحًا يستحق الإشادة. وما علينا إلّا أن نُمكّنهم، ونأخذ بأيديهم نحو الاستمرارية، حتى تتحول هذه الفرص الموسمية إلى منصات انطلاق لمشاريع دائمة ومؤثرة.

في اعتقادنا أن موسم الخريف في محافظة ظفار -رغم قِصر مدته- يشكل فرصة ذهبية لإبراز الطاقات العُمانية الشابة، وفتح أبواب العمل الحر أمامهم، خاصةً في ظل محدودية فرص العمل التقليدية. فتمكين الشباب العُماني من إدارة هذه الأكشاك وغيرها من المشاريع التجارية لن ينعكس فقط على مستوى الخدمات المقدمة للسائح، بل سيسهم أيضًا في تحريك عجلة الاقتصاد المحلي، واستقطاب طاقات عُمانية من مختلف المحافظات إلى محافظة ظفار.

نجزم أننا اليوم أمام فرصة حقيقية لتبنّي سياسات تعزّز من حضور الشباب في الأنشطة السياحية، ليس فقط في محافظة ظفار، وإنما في المهرجانات التي تُقام سنويًا بمختلف محافظات وولايات السلطنة. فهناك مهرجان في ولاية الجبل الأخضر بمحافظة الداخلية، ومهرجان بالأشخرة بمحافظة جنوب الشرقية، وآخر بولاية صحار بمحافظة شمال الباطنة، ومهرجان بولاية بدية بمحافظة شمال الشرقية، ومهرجانات أخرى في محافظات الظاهرة ومسندم وجنوب الباطنة. هذا التنوع في المهرجانات يتطلب من الجهات المعنية، وفي مقدمتها البلديات وهيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، أن تضع آلية واضحة لفتح المجال أمام شبابنا لإدارة الأكشاك التي تقام في هذه المهرجانات، بما يضمن التنظيم والعدالة وتحقيق المصلحة المشتركة.

نعتقد أن الزحف الكبير إلى محافظة ظفار من قبل شبابنا لإقامة مشاريعهم أمر في غاية الأهمية ويستدعي الانتباه، حيث يأمل الكثيرون من زوار محافظة ظفار أن يروا في الموسم المقبل بلدية ظفار وقد رسمت مسارًا جديدًا لدعم رواد الأعمال بالتعاون مع هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بحيث يستفيد الشباب من التجارب الحالية والناجحة، وتصبح هذه المبادرات جزءًا من منظومة اقتصادية مُستدامة تدعم الإبداع وتفتح آفاقًا أرحب لشباب الوطن.

وأخيرًا.. أقول -كمراقب وصحفي أزور محافظة ظفار سنويًا، ولم أغب عن خريف صلالة طوال العقود الثلاثة الماضية، ورصدت عن قرب التطورات التي واكبت هذا الموسم السياحي عامًا بعد عام، وخلال السنوات الخمس الأخيرة- إننا لمسنا قفزة نوعية في الخدمات والمرافق السياحية، إلى جانب إنجازات واضحة جعلت التجربة أكثر ثراءً للزائر. ومع ذلك، تبقى طموحاتنا أكبر، خاصةً وأن صلالة أصبحت قِبلة للسياح من مختلف دول الخليج؛ ما يستدعي مواصلة العمل على تعزيز عناصر الجذب وتطوير الفرص المتاحة لشبابنا.

شكرًا لمكتب محافظ ظفار، وشكرًا لبلدية ظفار، وشكرًا لوزارة التراث والسياحة، ولكل من يدعم الشباب لتحقيق آمالهم وبلوغ تطلعاتهم.

الأكثر قراءة