الأفّاقون

عائض الأحمد

الأفّاقون ليس لهم قيمة… وأعني هنا القيمة المعنوية لا الإنسانية.. هم أكثر الناس نفاقًا، يخرجون للناس دون حياء، يلوّنون الوقائع، ويخفون الحقائق.. يكذبون وهم يعلمون، وإن واجهتهم، أقسموا بأغلظ الأيمان على صدقهم ونقائهم.

هم خصوم الحقيقة، وأعداء الصدق، يتوارون خلف شعاراتٍ جوفاء، ويجعلون من الزيف مهنتهم اليومية... ظهورهم متكرّر، أكثر من رؤية من نحب... يتحدّثون في كل مجال، ويفتون في كل اتجاه، وكأن الزمان والمكان صكّا ملكية باسمهم.. يهيمون في كل وادٍ، يثرثرون، يتوهّمون،. ويرتكبون الكذب بلا وجل…

فإن خالفتهم، فأنت آثم، وأنت من بدأ، ولن يصفو لك عيشٌ بعد ذلك.

يحرفون الكلم عن مواضعه، ينسجون الأوهام في عقولهم المريضة، يريدون منك أن تصمت، أن تساير، أن تتخلّى عن الحقيقة لأجل رضاهم. وإن تمسّكت، صُنّفت، وعوقبت، وشُوّهت.

كلمتهم ليست سواء… تُنسج مواقفهم وفق مصالح متقلّبة، يتبعون من غلب، وينسبون القول لمن كذب، أما من صدق، فيُقصى ويُهمّش، لأنه لا يُجيد المساومة على المبادئ. هم يضلّلون الجاهل، ويشكّكون العاقل، ويلبسون رداء النصح بينما يُضمرون السمّ.

يُظهرون المحبة، ويخفون الطعن…

فلا تحزن إن اكتشفت أن ابتسامتهم كانت قناعًا لعداوةٍ قديمة.

أي إعلامٍ يُشرفه أن يكون منبرًا لهؤلاء؟

لقد شوّهوا القيم، أفسدوا الذوق، وزرعوا بذور الحقد في مجتمعٍ كان سليم النية.

لكن -وعلى الجانب الآخر- ثمّة إعلام نزيه، شريف، لا يبيع ضميره… صحفيّون لا تغريهم الأضواء، ولا تشتريهم المصالح، يكتبون من أجل الوطن، ويظهرون للحق لا للترند. هؤلاء، هم منارات في ليل هذا الزيف، وهم من يستحق أن تُرفَع لهم القبعات، لا أولئك المتسلقون. فويلٌ للأفاكين من حصائد ألسنتهم… واحذر أن تشتاق لنورهم، فإنهم أشد ظلمةً من الظلام.

احفظ قلبك من مكرهم، فإنهم لا يرحمون إلا أنفسهم.

هذا زمنٌ بات فيه الصدق عبئًا، والكذب وسامًا على صدر المُتاجر بالمبادئ. إن الكلمة أمانة، فلتكن سلاحًا للبناء لا للهدم، ودواءً للناس لا سمًّا مغلفًا بالمجاملة.

فالإعلام… إما أن يكون نورًا، أو يكون نقمةً تتسلل إلى كل بيت.

لها: الأوسمة لا تصنع الشرف، الحقيقة وحدها من تفعل.

شيء من ذاته: الانحياز للحق لا يحتاج إذنًا من أحد.

نقد: الإعلام سلاحٌ ذو حدّين… فلا تكن ممّن يطعن به في ظهور أهله.

الأكثر قراءة