د. محمد بن عوض المشيخي **
المساكين من البشر في هذا الكوكب هم الذن يصدقون اليوم بوجود قانون دولي فيه ذرة من العدالة الإنسانية أو تشريعات إنسانية ومظلة قانونية تنطلق منها الدول الكبرى الغربية تجاه الغير وخاصة الولايات المتحدة الامريكية الراعية الأولى لدولة الكيان الصهيوني الغاصب ومقوضة السلام الدولي عبر العقود لكونها تقودها عصابة من الصقور؛ اوصلتهم الدعاية والأكاذيب إلى سدة الحكم في البيت الأبيض؛ وهي عبارة عن حملات إعلانية مدفوعة من(أيباك) هذه المنظمة الصهيونية التي تخترق جميع مفاصل الدولة الأمريكية. ولكي نكون أكثر دقة في هذه المقدمة التي تعبر عن ما يدور في صدورنا وقلوبنا من مرارة عن واقع حال الأمة، فحدث بلا حرج عن تبلد مشاعرنا نحن العرب وقلة حيلتنا وضعفنا أمام التحديات والكوارث التي تحيط بنا من كل صوب؛ حكاما ومحكومين على حد سوى؛ من هنا تنتابني مشاعر الأسف والحزن حول ما يخيم علينا من انكسار وخوف ليس فقط على مستوى عامة الناس بل وصل بنا الأمر أن يعلن بابا الفاتيكان النفير والغضب وتبويخ للكيان الصهيوني المجرم بسبب سياسة التجويع القاتل للأطفال والنساء في غزة، بينما يصمت علماء الدين والمشايخ الذين يشار لهم بالبنان في العالم الإسلامي طوال عشرين شهر، مطبقين مبدأ الخذلان المتمثل في المثل الشعبي الشهير"أذن من طين وأخرى من عجين" بأستثناء سماحة الشيخ أحمد الخليلى المفتى العام للسلطنة الذي وقف بعزم وثبات مع المقاومة التي تجاهد دفاعا عن شرف أمة محمد وعن المقدسات في فلسطين المحتلة منذ طوفان الأقصى المبارك الذي أعاد للأمة شئا من الكرامة. لا شك بأن قرار قتل سكان غزة وتهجيرهم ليس بالعمل السري، بل كانت البداية عند وصول الرئيس الأمريكي إلى البيت الأبيض للمرة الثانية والذي أعلن عن خطة جاهزة لتهجير سكان غزة للدول المجاورة بقوة السلاح لكي يحول القطاع إلى ما يعرف ب "ريفيير الشرق الأوسط" وهو مشروع تجاري استثماري يضم شركات لترامب وبعض رجال الأعمال الأمريكيين من اللوب الصهيوني والذين يهدفون من هذا العمل الاستعماري بالدرجة الأولى إلى التهجير القسري للفلسطنيين من أرضهم، وذلك للاستفادة من مخزون الغاز الذي يقدر بالف مليار متر مكعب موجود في الأراضي الفلسطينة المحتلة منها 30 مليار متر مكعب في بحر قطاع غزة، هذا فضلا عن التفكير بشق قناة بديلة لقناة السويس لربط بين خليج العقبة والبحر الأبيض المتوسط على أن يتبع ذلك خطة أخرى لتهجير سكان الضفة الغربية إلى الأردن مثل ما حصل في حروب النكبة والنكسة في إطار ما يعرف بصفقة القرن التي يمجدها المطبعون العرب ويعملون ليل نهار لتنفيذها على ارض الواقع وكأنها الخلود الابدي العروشهم بدون لا يدركون ما بعد من مخاطر على اوطانهم. بالطبع كانت الخطة البديلة بأن يتظاهر حكام العرب برفضهم لخطة ترامب لتهجير الغزاويين بهدف ذر الرماد في عيون شعوبهم والتمويه على ذلك من خلال إيجاد أداة قتل جديدة للجياع بحيث يتم استدراجهم إلى فخ الموت التي تديره ما يعرف " بمؤسسة غزة الخيرية" التي تتولاها عصابة مجرمة من الأمريكيين بالتعاون مع الجيش الإسرائيلي بهدف قتل أكبر عدد من الشعب الفلسطيني وتجويع الاخرين حتى الموت بالإضافة إلى القصف الجوي والتطهير العرقي الذي تقوده آلة الحرب الإسرائيلية بالسلاح الأمريكي والغطاء القانوني في المحافل الدولية.
وهكذا هي جريمة التطهير العرقي والتجويع حتى الموت لأكثر من مليوني إنسان من سكان قطاع غزة المحاصر منذ أكثر من 19 سنة من الكيان الصهيوني وجيرانه العرب المتواطين مع هذه الجريمة النكراء التي لا نجد لها مثيلا في التاريخ إلإ من ملوك الطوائف قبل سقوط الاندلس تكتمل وتنفذ بكل حذافيرها، إذ ما يحصل اليوم في فلسطين المحتلة، وخاصة غزة يذكرنا بخيانات الحكام في الاندلس فعند ما حصروا النصارى طليطلة أربع سنوات واستسلم أهلها بعد ذلك نتيجة الجوع والعطش؛ سئل أهلها: لماذا صبرتم كل هذه السنوات؟
كان ردهم بأنهم كانوا ينتظرون المدد والمساعدة من زعماء الطوائف؛ فقال الإسبان: هؤلاء الخونة كانوا معنا في حصاركم. وبالفعل بعد سقوط طليطلة تم استهداف دويلات الاندلس التي سقطت تباعا في عهد الملوك الكاثوليكيين أمثال ايزابيلا وفرديناند.
من العار علينا كأمة أن يطالب ملوك ورؤساء الاتحاد الأوروبي بعض قادة العرب المجاورين لقطع غزة لفتح حدودهم أمام شاحنات الأمم المتحدة لإغاثة الجياع الذين هم تحت خط الموت خلف اسوار غزة المنكوبة.
وفي الختام؛ في هذه الظروف الكارثية التي تحيط بالمسلمين من كل جانب هل يمكن لنا أن طرح سؤال مشروع حول موقف ايران من المقاومة؟ ولماذا لا توجه ترسانتها الصاروخية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الفلسطنيين، فتلك الصواريخ المتطورة؛ استطاعت تركيع حكومة نتنياهو وطلبها وقف إطلاق النار في حرب الأيام 12 الأخيرة. والأهم من ذلك كله دور تركيا المحوري في المنطقة وثقلها السياسي والعسكري الذي يمكن التعبير عنه بصراحة لتنتقل من الاقوال إلى الأفعال ولكن الواقع المرير هو "أسمع جعجعة و لا أرى طحنا" ولعل العربدة الإسرائيلية في غزة وسوريا خير مثال على تقزيم تركيا وضعفها الإقليمي أمام إسرائيل التي لها علاقات متينة مع هذا الكيان الغاصب منذ عقود عديدة.
** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري