محمد رامس الرواس
لا يتم ذكر ظفار تاريخيًا أو حضاريًا إلا وتذكر معه شجرة اللبان الخالدة التي عطرت أجواء المعابد والقصور وأماكن الاحتفالات والبيوت عبر آلاف السنين، وانتشرت هذه الأجواء الفواحة منها إلى العديد من البلدان، منها اليونان ومصر، وبلاد فارس وغيرها في أنحاء المعمورة.
واليوم أصبحت محافظة ظفار "أرض اللبان" وشجرتها الخالدة محور استراتيجية وطنية طموحة لتعزيز مكانة محافظ ظفار على الخريطة العُمانية والعالمية، مستندة إلى إرثها العريق ومقوماتها الفريدة، فشجرة اللبان هي الهوية التاريخية والمستقبلية الواعدة، وجزء لا يتجزأ من نسيج المحافظة الحضاري منذ آلاف السنين، فقد كانت شواطئها وسهولها وجبالها وصحراؤها محورًا لتصدير أجود أنواع اللبان إلى العالم، حتى وُزِن بالذهب لقيمته الثمينة حينها.
وظفار أرض اللبان، وشجرتها الخالدة كانت ولا تزال ركيزة أساسية تبنى عليها استراتيجيات اقتصادية تاريخيًا.
واليوم عززت الاستراتيجية الوطنية لمحافظة ظفار هذه المكانة عبر رؤية استراتيجية للمحافظة عكست الأهداف والغايات والتطلعات منها: التعزيز السياحي للمحافظة الذي يعد عامل جذب فريد من خلال توافد الزوار الذين يأتون من جميع أقطار العالم صيفًا وشتاءً، يبحثون عن سياحة وتجارب فريدة وثرية يتم الترويج لها اليوم بأفضل الطرق والوسائل مما يمكنهم من استكشاف معالم أثرية تاريخية، ومشاهدة متاحف وطنية، وأماكن نادرة منها مواقع اللبان الأثرية التي أدرجت في اليونسكو للتراث العالمي، مثل خور روري والبليد وأوبار وغيرها، وتكون زيارتهم مقرونة بشغفهم للتعرف على عملية حصاد اللبان، هذا بجانب رغبتهم لاقتناء أنواعه الفريدة المتوفرة بالأسواق وبأسعار متاحة للجميع، فقد أصبح اللبان اليوم منتجا له مكانة في الحراك المتنامي في الصناعات التقليدية والابتكارية وفي المنتجات التجميلية والروائح العطرية وغيرها من الصناعات والحرف التراثية.
ولأن شجرة اللبان منتج تراثي حضاري، فقد تم المحافظة عليه وتوريثه للأجيال القادمة، مما يعزز شعور بالفخر والانتماء بالهوية الوطنية العمانية الراسخة، والتاريخ العريق الذي يشهد على جوهر قيمها ومنتجاتها، وما كانت تفتخر به سابقا وتتطلع إلى رفده مستقبلا.
وبما أننا نتحدث عن المستقبل، فإن الاستراتيجية الوطنية لمحافظ ظفار في كافة قطاعاتها ومحاورها الأساسية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية تؤكد أن ظفار وشجرتها الخالدة هي سرد تاريخي أصيل يدعو إلى التعرف عليها وعلى مكنونها الزاخر، وعلى أهلها، فلذلك كان هناك الوسم المؤقت لفترة محددة "ظفار أرض التباشير" حتى يربط أرض اللبان بكونها واجهة ترمز للحياة والازدهار والاستكشاف، فهناك الإرث التاريخي والطبيعة الخلابة والواجهات الحديثة المزدهرة وغيرها من المعالم التي تدعو لاستكشاف أرض اللبان، وطريق اللبان وشجرة اللبان وعطرها الفواح.