الحب في زمن التوباكو (12)

 

 

 

مُزنة المسافر

 

كانت اللافتة على المسرح تقول: المكان مُغلق ليس بسبب عيد الفصح، أو شيء من هذا القبيل، نحن فقط في حالة تبديل للمواهب الصاعدة.

غضب الجميع، حين كتب خورخيه كلمة موهبة صاعدة، وقد كنتُ نجمة أَعبُر باسمي أي سماء، لقد نسي خورخيه منتج الأسطوانات المطولة أن الحاكي أو الجرامافون صار لا يصدح إلا بصوتي في البلدة، وأن قلبي الموجوع من إهاناته المتكررة قد صار يثور، خصوصًا حين أطفئوا النور.

قال أحد الجمهور: أين النور؟ خذ يا خورخيه هذا الحذاء لوجهك القبيح، المليء بالبثور.

حصل خورخيه على ضربات متكررة من الجمهور الغاضب، ويا ليته لم يوجه الكلام المباشر لأحدهم وصدح خورخيه: نحن في حالة حزن، لقد سقط زميلنا للتو، ونحن نؤدي في المسرح.

ماتيلدا: توقفتُ أنا عن الغناء، وبقيتُ أمارسُ الصمت لوهلةٍ، لم يُصدِّق الجمهور أن أحدهم قد سقط، خصوصًا أن سقوطه كان في الكواليس، لا يعرف الجمهور ولا يميز من هم فريق الكواليس، وتألمتُ أكثر حين عرفت أنه الغلام الجديد بيدرو الذي حصل للتو على هذه المهنة، لا بُد أن يأخذه أحدهم في عجل إلى المشفى، حمله الرجال بعيدًا عنا، بيدرو المسكين، يشعر بالأنين، سمعت من الرجال أنه الآن في أفضل حال، وأنه بالطبع سيكون بخير، وأن سبب سقوطه كان أنه تحمس كثيرًا حين كان يؤدي الراقصون السامبا، وكان المسرح كرنفالًا ملونًا رائعًا، يعج باللحن والأنوار.

كنتُ في داخلي، أتألم لما حدث للمسرح فجأة، لكن الأمور تحدث. قال خورخيه بهدوء كبير، فهو الذي يديره، ويتولى أموره، وقدمت باقة ورد جميلة لبيدرو الغلام الذي أراد أن يعود لاحقًا لكن لن يكون في الكواليس، طلب مني أن يقدمني للجمهور مثل باقي النجوم.

وكما شهدنا بعدها أن الجمهور لم يرحم خورخيه، وكان يشوه سمعته، ويطلق الإشاعات، ويخبر أنه يدفن المواهب، وأنه رجل كاذب، وأن المسرح بحاجة إلى منتج جديد، واضطر هنا خورخيه أن يعتزل قليلًا النور والأضواء، ويجعلني أتولى الحديث مع الجمهور، وأن يقدمني بيدرو بلباقة بالغة للجمهور، ويتفنن في تقديمي ويخبرهم أنني نجمة كبيرة، وكانت هذه بداية البروباغندا التي تخصني، لقد أطلق عليَّ لقب النجمة الرومانسية.

هل كنتُ رومانسية أكثر من اللازم؟

هل كنتُ متألقة، متوهجة كما هي أنوار المسرح؟

هل كنت أحلم أم أنا الآن أسرح؟

هل يسعى الجمهور لأن يصعد المسرح ليغني معي؟

لقد كان بيدرو مُحقًا! الجمهور كان بحاجة فقط إلى البروباجندا، والدعاية اللازمة لكسب القلوب، وكم هي ودودة تلك القلوب؟ ومُحبَّة لما نفعل، وكم كنتُ أسأل ما الذي يجعلهم يرددون الأغنيات والكلمات، هل هي حلوة للغاية، حلوة لدرجة أن نُردِّدها ونُكرِّرها ونُخبرها للأصدقاء والأحباء؟!

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة