سالم بن نجيم البادي
لستُ هنا بصدد التصادم مع أحد، ولا أرغب في أن أتتبع العثرات والهفوات، ولكن من الملاحظ تزايد التصريحات التي تثير الرأي العام، ويمكن وصف هذه التصريحات بأنها غير مقبولة، وغير مسؤولة، وهي كذلك غير مدروسة ومستفزة للرأي العام، خصوصًا إذا كانت تتعلق بقضايا تشغل بال فئات واسعة من المجتمع.
تأتي هذه التصريحات وكأنها تستخف بعقول الناس، ومنذ ذلك التصريح الذي يصف الزيادة في أسعار الوقود بأنها تساوي قيمة شطيرة شاورما واحدة فقط، تتوالى التصريحات، مثل تصريح أن الضرائب لن تضر المواطن العادي، والتصريح الذي ينتقد زيادة الرواتب في العام 2011، وتصريح الدفاع عن غلاء الأسعار وبأنه ظاهرة عالمية.
وفي مثل هذه التصريحات، هروب من مواجهة المشكلة، وكذلك يُقال بأنَّ كل بلدان العالم فيها باحثون عن عمل، مع أن لكل بلد ظروفه الاقتصادية والاجتماعية، والاختلاف في عدد السكان والموارد الطبيعية. وهناك من يصرح بأنَّ الشباب لا يقبلون الوظائف المعروضة عليهم، ويصرح آخر لتبرير تحديد الحد الأدنى للأجور وهو 325 ريالًا، وأنه مناسب لحياة كريمة للمواطن وفق دراسات أُجريت في هذا الشأن.
ومن يصرح بأنَّ وزارة العمل غير مسؤولة عن التوظيف، دون ذكر الجهة المنوط بها توظيف الباحثين عن عمل، إلا أن يُلقى عبء التوظيف على القطاع الخاص، وهذا القطاع يُسرّح أعدادًا كبيرة من الناس ويوظف أعدادًا أقل. وجاء ذلك القرار الذي يُلزم أصحاب السجلات، كبيرة كانت أو متوسطة أو صغيرة، وسواء تُدر دخلًا على صاحبها أو لا تُدر، بتوظيف عُماني واحد لكل سجل تجاري. ويظهر علينا من يصرح ويدافع عن هذا القرار، وهو لا يعلم أو لا يريد أن يعلم بالواقع، خاصة في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمشكلات التي تُعاني منها هذه المؤسسات.
وهناك ذلك التصريح الذي يدعو الباحثين عن عمل إلى الرحيل خارج الوطن للبحث عن فرص العمل، وصاحب هذا التصريح لم يبخل على الناس بنصيحته تلك التي تذكرهم بحمل الوطن في قلوبهم وهم يسافرون بعيدًا عن الوطن طلبًا للرزق، ولكنه لا يصرح ليوضح للناس لماذا لا يتم إحلال المواطن العماني محل الوافد في شغل بعض الوظائف، مع وجود وظائف يستطيع الشاب العماني أن يحل محل الوافد في شغلها. كما إنه يصمت عن قضية السماح للأجانب بدخول البلد بحجة الاستثمار، وقد تبين أن كثيرًا منهم لا يملكون المال للاستثمار، وأن هذا الأجنبي قد ينافس المواطن العماني في بعض الأعمال.
وفي الوقت الذي تتزايد فيه أعداد الباحثين عن عمل، تجد من يدافع عن قرار رفع مدة العمل لمن يرغب في التقاعد المبكر من 20 سنة كما كانت سابقًا إلى 30 سنة حتى يستحق الموظف راتبًا تقاعديًا، وكان من المنتظر أن تُخفض هذه المدة لا أن تزيد، لإتاحة الفرص لتوظيف الشباب في وظائف قدامى الموظفين الذين يرغبون في التقاعد المبكر.
ونجد من يصرح دفاعًا عن قرار منح منفعة لكبار السن وهي 115 ريالًا، حتى لو كانوا أغنياء أو رواتبهم التقاعدية عالية، في حين يُترك الباحثون عن عمل دون منفعة مالية ودون عمل.
وأحدهم يصرح بأن الموظف لا يحتاج إلى حوافز مالية؛ فهو يعمل بدافع الوطنية، ولكنه لا يتحدث عن تلك الفئة من الموظفين الذين تم منحهم حافزًا ماليًا وقدره 7 آلاف ريال دفعة واحدة، فهل هؤلاء لا تكفيهم الوطنية؟
ومن التصريحات المُستفزة، الدفاع عن منظومة "إجادة"، مع أنها تحتاج إلى إعادة النظر في إجراءات تطبيقها.
والتصريحات المستفزة للناس كثيرة، وهي تدل على أن أصحاب هذه التصريحات لا يراعون مشاعر الناس ولا يحسبون حسابًا لردود الفعل التي يمكن أن تسببها تصريحاتهم، وهم يعيشون منفصلين عن واقع الناس ولا يعرفون شيئًا عن أحوال وظروف الناس في المجتمع.
وإلى هؤلاء.. نقول لهم: قبل أن تصرحوا، فكروا في عواقب تصريحاتكم، وقولوا خيرًا أو اصمتوا.