حين يقودنا الحِلم إلى القمة

 

د. ذياب بن سالم العبري

منذ القدم قيل "الحِلم سيد الأخلاق"، ومع تعاقب الأزمنة، ظل هذا الخُلق ثابتًا في مكانه، يتربع على عرش الفضائل، لا كزينة يتفاخر بها الناس؛ بل كأساسٍ تبنى به النجاحات وتثبت به القيادات.

وفي عالم تتسارع فيه الضغوط، لم تعد القوة في سرعة الغضب أو رفع الصوت؛ بل في القدرة على التروي وضبط النفس؛ فالقائد الحليم، حين تواجهه العواصف، لا ينجرف وراء الانفعال، بل يمسك بزمام مشاعره، ويقود فريقه بثقة وثبات نحو تحقيق الأهداف.

وتشير الدراسات الحديثة إلى أن القدرة على إدارة الغضب والتصرف بهدوء تحت الضغط أصبحت من مفاتيح النجاح الشخصي والمهني. والحِلم لم يعد مجرد فضيلة أخلاقية؛ بل مهارة قيادية تؤدي إلى قرارات أفضل، وعلاقات أكثر استقرارًا، ومؤسسات أكثر نجاحًا.

وهذا المعنى أدركه الفلاسفة والحكماء منذ القدم، حين وصف أرسطو الحِلم بأنه التوازن الذي يحمي الإنسان من الإفراط في الغضب والتفريط في البلادة. وجاءت تعاليم الأديان لتعزز هذا المفهوم، حين قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب".

في حياتنا اليومية، كم من فرص ضاعت بسبب لحظة انفعال؟ وكم من علاقات تهدمت حين غاب الحِلم عن الموقف؟ لو أدركنا أهمية هذا الخلق العظيم، لجنبنا أنفسنا كثيرًا من الخسائر، وحققنا كثيرًا من النجاحات بهدوء وعقلانية.

يبقى الحِلم اليوم أكثر من حاجة فردية، إنه مطلب اجتماعي وإنساني. في الأسرة كما في العمل، في القيادة كما في الحياة، يظل الحِلم صمام الأمان، وبوابة الاستقرار والنمو.

ويظل السؤال الذي نحتاج أن نطرحه على أنفسنا: هل نملك الشجاعة لنختار الحِلم سلوكًا دائمًا، ونرتقي به فوق ضغوط الحياة وتقلباتها؟

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة