البلوشية: جهود متواصلة للحفاظ على التراث العُماني وتعزيز الثقافة المُتحفية

مسقط- الرؤية

أكدت الدكتورة فاطمة بنت محمد البلوشية مستشار الأمين العام للشؤون المتحفية بالمتحف الوطني، أن المتحف الوطني يهدف إلى الحفاظ على الشواهد والمقتنيات المادية والمعنوية المكونة لتاريخ وتراث وثقافة سلطنة عُمان، وتشمل المهام الأساسية للمديرية على إدارة شؤون المقتنيات، بما في ذلك الجرد والتوثيق، الحفظ والصون، وإدارة المعارض الثابتة والمؤقتة، وإجراء الدراسات والبحوث. كما تهدف المديرية إلى تقديم خدمات الزوار والبرامج التعليمية المتحفية التي تسهم في تعزيز الوعي الثقافي لدى الزوار وفهم أعمق للتراث العُماني.

وتواصل المديرية العامة للشؤون المتحفية في المتحف الوطني القيام بدور محوري في إدارة وحفظ وصون التراث الثقافي والتاريخي لسلطنة عُمان.

وأوضحت البلوشية أن المديرية العامة تؤدي دورًا محوريًا في حفظ وتوثيق التراث الثقافي والتاريخي من خلال قسم البحوث والدراسات وقسم الجرد والتوثيق اللذان يعملان على توثيق التراث العُماني عبر مختلف العصور، بما يدعم قصة السرد المتحفي، كما يعمل قسم الحفظ والصون على حفظ وصون المقتنيات التي تحمل قيمة تاريخية وثقافية لعُمان، بواسطة أيدٍ عُمانية ذات كفاءة عالية، وتضيف إلى ذلك بقولها "تسهم المديرية في نشر الوعي الثقافي عبر ورش العمل، والمعارض، والجولات الإرشادية، التي تسلط الضوء على تاريخ عُمان. كما تحرص على تعزيز التعاون مع المؤسسات الثقافية والمتحفية العالمية من خلال مذكرات التفاهم واتفاقيات التعاون لتبادل الخبرات والمشاركة في الحفاظ على التراث وفقًا للمعايير الدولية".

وفيما يتعلق بمعايير اختيار القطع المعروضة في المتحف، أشارت البلوشية إلى أن المديرية تتبع معايير دقيقة في اختيار القطع المعروضة في المتحف الوطني، حيث يتم التركيز على القطع المنشأة أو ذات صلة بعُمان سواء من حيث الإنتاج أو الاستخدام، وتعد القيمة الثقافية والفنية للقطعة أحد أهم العوامل في اختيار المقتنيات، مما يعزز وعي الزوار بتاريخ عُمان وحضارتها.

وتحدثت الدكتورة فاطمة عن الجهود المبذولة من قبل المتحف الوطني لإعادة تأهيل وصون المتاحف والبيوت التاريخية في مدينة مسقط التاريخية، وهي: بيت الجريزة، والبيوت التاريخية (بيت السيد نادر وبيت السيدة مُزنة)، ومتحف المدرسة السعيدية للتعليم، وبوابة مسقط (مركز الزوار)؛ بهدف تقديم تجربة ثقافية غنية تعكس الحياة السياسية والاجتماعية في مسقط خلال القرن التاسع عشر الميلادي، مما يعزز الهوية الوطنية ويضمن ترسيخها في ذاكرة الأجيال القادمة.

وفيما يتعلق بالتعاون الدولي، أكدت البلوشية أهمية "الدبلوماسية الثقافية" التي تُعد أحد أبرز مسارات العمل المتحفي المعاصر؛ حيث يعمل المتحف الوطني على إقامة شراكات مع مؤسسات متحفية عالمية؛ لتنظيم معارض مشتركة وتبادل المقتنيات. كما يسعى لتعريف العالم بالحضارة العُمانية من خلال مبادرات مثل "قاعة عُمان" في متحف الإرميتاج الحكومي بمدينة سانت بطرسبورغ في روسيا الاتحادية من خلال معرض "الإمبراطورية العُمانية بين آسيا وأفريقيا"؛ حيث بلغ عدد الزوار 414481 زائرًا خلال الفترة من ديسمبر 2023 إلى يناير 2025، وضمن مبادرة "يوم عُمان" "بهاء الفضة: مقتنيات من البلاط العُماني" في متاحف كرملين في موسكو خلال الفترة 11 يوليو إلى 29 سبتمبر 2024.

وأبرزت الدكتورة فاطمة البلوشية دور المتحف الوطني في تقديم برامج تعليمية عبر مركز التعلم الذي يُعد الأول من نوعه في سلطنة عُمان ومجهزًا وفق أعلى المعايير الدولية ويقدم مختلف البرامج التعليمية التي تهدف إلى رفع الوعي العام حول التراث العُماني، بما في ذلك برامج الزيارات المدرسية، وبرنامج ذوي الإعاقة وبرنامج التعليم المستمر، وبرنامج العائلات. وقالت إنه في عام 2024 بلغ إجمالي زوار المتحف أكثر من 152000 زائر، مقارنة مع 110819 زائرًا خلال العام 2023؛ بزيادة وقدرها 37.83%، من بينهم 32656 مستفيدًا من البرامج والمناشط التي قدمها مركز التعلم بزيادة وقدرها 17.04% قياسًا بالعام السابق، كما بلغ عدد الفعاليات المنفذة خلال العام 520 فعالية.

وتطرقت البلوشية إلى الجهود المبذولة من قبل المتحف الوطني على حفظ وصون المقتنيات الأثرية عن طريق كادر عُماني مؤهل لحفظ هذه المقتنيات، بوجود مختبر مجهز بأحدث التقنيات للحفظ والصون، وفي عام 2024، تم حفظ وصون أكثر من 3200 قطعة مُتحفية، مع جرد وتوثيق أكثر من 10600 مقتنى. وأشارت كذلك إلى استمرار جهود أعمال حفظ وصون وتأهيل المعالم السورية المتضررة خلال سنوات الأزمة، ومنها بيت أجقباش، ودار غزالة، ومئذنة الجامع الأيوبي ضمن قلعة حلب الشهباء، وتأهيل جزئي لمتحف تدمر الوطني، وهي مواقع صنفت ضمن التراث الإنساني العالمي لقائمة "اليونسكو".

وسلطت مستشار الأمين العام للشؤون المتحفية بالمتحف الوطني الضوء على تعزيز السياحة الثقافية، قائلةً: "تعتمد المديرية على تنظيم معارض وفعاليات ثقافية وفنية مشتركة مع المتاحف والمؤسسات العالمية، بالإضافة إلى استخدام التسويق الرقمي والمحتوى التفاعلي عبر وسائل التواصل الاجتماعي مما يسهم في الترويج للمتحف وجذب جمهور واسع. كما تسهم الشراكات مع المؤسسات التعليمية في جذب الجيل الجديد من الزوار لرفع الوعي الثقافي لديهم، مع التركيز على السياحة الرقمية عبر توفير جولات افتراضية مما يتيح للزوار من مختلف أنحاء العالم لاستكشاف المتحف عن بعد".

ونوّهت البلوشية بحرص المتحف الوطني في توظيف التكنولوجيا الحديثة لتحسين تجربة الزوار؛ حيث يضم المتحف 33 منظومة عرض تفاعلية، ويُعد أول متحف في سلطنة عُمان يتضمن قاعة عرض صوتية ومرئية بتقنية (UHD)، وأول متحف بالشرق الأوسط يوظف منظومة "برايل" باللغة العربية مما يتيح للزوار بما فيهم الأشخاص من ذوي الإعاقة في التفاعل مع المقتنيات والمعروضات وفهمها بطريقة أكثر عمقًا مما يزيد من شمولية قصة السرد المتحفية. وأوضحت أن المتحف أطلق مشروع "الإرشاد السمعي" باللغتين العربية والإنجليزية، مما يتيح للزوار الاستمتاع بتجربة تعليمية مميزة، ويفخر المتحف الوطني في حصوله على جائزة الإجادة المؤسسية لعام 2023 ضمن أفضل منافذ تقديم الخدمات على مستوى محافظة مسقط.

وذكرت الدكتورة فاطمة البلوشية أن المتحف الوطني يقدم بطاقة عضوية "أصدقاء متاحف عُمان" التي توفر مجموعة من المزايا الحصرية لحامليها كالدخول المجاني والمشاركة في فعاليات ومناشط المتحف الوطني المختلفة، وقد بلغ عدد الأعضاء في هذا البرنامج حوالي 65 عضوًا في عام 2024، وتُعد العضوية فرصة للزائرين والباحثين والمفكرين والفنانين للاطلاع الدائم والمستمر على الموروث الثقافي والتاريخي لسلطنة عُمان والتمتع بالعديد من المزايا الأخرى التي تقدمها المؤسسات المشاركة في العضوية.

وأكدت البلوشية أن المتحف الوطني ماضٍ في تطوير القطاع المتحفي في سلطنة عُمان لأنه يمثل جسرًا يربط بين الماضي العريق والحاضر المتجدد، من خلال حفظ التراث الثقافي والتاريخي لسلطنة عُمان، وتعزيز السياحة الثقافية، وتقديم تجربة مُتحفية متكاملة وفق أعلى المعايير الدولية.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة