عائض الأحمد
الأحكام المطلقة ومصادرة حقوق الآخرين هكذا دون تمعن وروية، اتفقت أو اختلفت ليست بتلك المشكلة، إنما أن تجعل من نفسك وصياً وكأن الخطأ والصواب يعنيك أكثر من غيرك، وإلا ما شأنك بمن يدفع من حسابه الشخصي، مستمتعا "بفنجان" قهوته الذي اعتاد عليه منذ زمن دون أن يطلب رأيك في ذوقه أو يطلب "سلفة" فنجانه فيزعجك، حتى تلقي محاضرة تدعو فيها إلى ترشيد استهلاك القهوة وضررها على الأمة، مرورًا بحاجة هؤلاء المحتاجين إلى سد جوعهم وغيرهم يصرف ماله على متعة اعتادها وجعل منها ما يشبه الإدمان.
وقد تأخذ طريقا آخر والحديث له حتى مللناه وسلكنا منحدرات لا نجده فيها تحاشيا لقيمه المرسلة التي ترفض المتعة وتدعو إلى عدالة مراعاة مشاعر من لم يشعر بهم أحد سواه، وكيف لفنجان قهوة جر ويلات على مجتمع ينشد التكافل والتراحم فسقط دون رحمة في "تفل" ما تبقى منها.
من يظن بأن "فنجاني" تنقصه عدالة البشر فقد أرخى حبله وأصبح علته يتعثر فيه كلما حاول أن يشده أرخاه وكلما استقام أغراه فسقط دون أن يجد من يمد له يد عون، بأسه أفسده ينظر تحت قدميه دون أن يرى استقامة ما سواه.
هناك من يظن بأنَّه أكمل نصابه علما ومعرفة وبلغ حدا لم يعد يطيق أهل الأرض ومعشر البشر، فعبس وتعب وضاقت به الحال من أفعالهم فتمنى أن يعيش في غير زمانهم وعلى أرض غير أرضهم وكأنه يعلم بأنَّ ذاك الشعور يدور في دائرة "خصومه" المبذرين إخوة "الشياطين".
"نرجسية خفية" مصيرها إلى فقدان همه الحضور والتزام الصمت، ثم المحاولة مرة أخرى، لجلب الأضواء واستجلاب بقعة أخرى وحديث ذي شجون بغلاف جديد وبرواز أكثر إثارة، سماتهم الشخصية أكثر تعقيدا من قبولهم والتعايش معهم دون مواجهة من نوع أما آن لك أن تصمت.
لها: البقعة المظلمة تظهر أكثر وضوحًا من ضوء مصباحك القديم.
شيء من ذاته: إن أردت المغادرة فاحفظ الود، فما أحيا الجدل نار أطفأتها الريح، وتأففك لا يعني أنك الضحية، وأجمع ما شئت من أخطاء، فما عدت أُنازعك في شيء، المبررات فضائل منقوصة!
نقد: الأوطان تختار ساكنيها وليس أنت.