"الثالوث المظلم" في علم النفس

 

 

خديجة بنت مبارك السكيتية **

 

 

يُعد مفهوم الثالوث المظلم (Dark Triad) من المفاهيم الحديثة في علم النفس؛ حيث تم تقديمه لأول مرة عام 2002 من قبل الباحثين ديلروي بولوس (Delroy Paulhus) وكيفن ويليامز (Kevin Williams). يشير هذا المصطلح إلى ثلاث سمات شخصية ذات طابع سلبي، وهي: النرجسية، والمكيافيلية، والاعتلال النفسي، وتشترك هذه السمات في بعض الخصائص مثل التلاعب، قلة التعاطف، والسعي وراء المصلحة الشخصية على حساب الآخرين.

ونهدف من هذا المقال إلى تحليل مفهوم الثالوث المظلم، أسبابه، تأثيره على الأفراد والمجتمع، وطرق التعامل مع الأشخاص الذين يمتلكون هذه السمات.

أولًا: تعريف الثالوث المظلم. يتكون الثالوث المظلم من ثلاث سمات شخصية رئيسية: 1. النرجسية (Narcissism)، وتتميز بالشعور المفرط بأهمية الذات، والحاجة المُستمرة للإعجاب والتقدير، والغرور والاعتقاد بأنَّ الشخص متفوق على الآخرين، ونقص في التعاطف مع الآخرين.

2. المكيافيلية (Machiavellianism)، وتعتمد على التلاعب بالآخرين لتحقيق المصالح الشخصية، والخداع والكذب دون الشعور بالندم، واستخدام استراتيجيات نفسية لتحقيق الأهداف، وقلة الاهتمام بالأخلاقيات طالما أنها تحقق الفائدة.

3. الاعتلال النفسي (Psychopathy)، فهو غياب الشعور بالندم أو الذنب، وعدم القدرة على التعاطف مع الآخرين، والسلوك المتهور والاندفاعي، وأحيانًا يكون الشخص عدوانيًا أو غير مسؤول.

ثانيًا: أسباب ظهور مفهوم الثالوث المظلم

صِيغ هذا المفهوم لدراسة وفهم الشخصيات السلبية التي تؤثر على المجتمع، وقد برزت عدة أسباب وراء ظهوره، منها: 1. تحليل الشخصيات السامة في بيئات العمل والعلاقات الاجتماعية. 2. دراسة سلوك القادة والسياسيين الذين يظهرون سمات التلاعب والنرجسية. 3. البحث في علم النفس الجنائي لفهم سلوك المجرمين والمحتالين. 4. تحليل سلوكيات بعض رجال الأعمال والمديرين الذين يحققون النجاح رغم استخدامهم أساليب غير أخلاقية.

ثالثًا: تأثير الثالوث المظلم على الأفراد والمجتمع

1. في بيئة العمل؛ حيث وجود مديرين أو زملاء متلاعبين قد يسبب بيئة عمل سامة، والموظفون الذين يمتلكون هذه السمات قد يحققون نجاحًا سريعًا لكنهم يتسببون في تدمير الفرق.

2. في العلاقات الشخصية، الأشخاص الذين يمتلكون هذه السمات قد يكونون شركاء سامّين في العلاقات العاطفية، كما إن التلاعب العاطفي وانعدام التعاطف قد يؤدي إلى علاقات غير مستقرة.

3. في السياسة والقيادة، بعض القادة الناجحين يمتلكون درجات من هذه السمات، مما يساعدهم على تحقيق أهدافهم دون الاهتمام بتأثير قراراتهم على الآخرين.

رابعًا: كيفية التعامل مع الأشخاص الذين يمتلكون سمات الثالوث المظلم

1. في بيئة العمل؛ من خلال وضع حدود واضحة عند التعامل مع الشخصيات المتلاعبة، وتجنب الوقوع في استراتيجياتهم النفسية، وتوثيق أي سلوكيات غير أخلاقية والإبلاغ عنها عند الضرورة.

2. في العلاقات الشخصية، عبر التعرف على علامات التلاعب العاطفي مبكرًا، وتجنب الدخول في علاقات طويلة مع أشخاص يظهرون هذه السمات بوضوح، واللجوء إلى مختص نفسي عند الشعور بأن العلاقة تؤثر سلبًا على الصحة النفسية.

3. في القيادة والإدارة، وذلك من خلال التأكد من أن القادة والمسؤولين يخضعون لمراقبة أخلاقية ومهنية، وتعزيز ثقافة النزاهة في المؤسسات والشركات.

وختامًا.. يُعد الثالوث المظلم مفهومًا مهمًا في علم النفس لفهم السلوكيات السلبية التي يمكن أن تؤثر على الأفراد والمجتمعات. رغم أن بعض الأشخاص الذين يمتلكون هذه السمات قد يحققون نجاحًا في مجالات معينة، إلا أن تأثيرهم السلبي على الآخرين يمكن أن يكون كبيرًا. لذا، فإن التعرف على هذه السمات والتعامل معها بحذر يُعد أمرًا ضروريًا للحفاظ على بيئة اجتماعية وصحية متوازنة.

************

المراجع:

1. بولوس، د. ل.، وويليامز، ك. م. (2002). الثالوث المظلم للشخصية: النرجسية، المكيافيلية، والاعتلال النفسي. مجلة أبحاث الشخصية، 36(6)، 556-563.

2. فيرنهام، أ.، ريتشاردز، س. س.، وبولوس، د. ل. (2013). الثالوث المظلم للشخصية: مراجعة لعشر سنوات. مجلة البوصلة الاجتماعية والشخصية، 7(3)، 199-216.

3. جونز، د. ن.، وبولوس، د. ل. (2014). تقديم مقياس الثالوث المظلم القصير (SD3): مقياس موجز للسمات الشخصية المظلمة. مجلة التقييم، 21(1)، 28-41.

4. جوناسون، ب. ك.، وويبستر، ج. د. (2010). الاثنا عشر القذرون: مقياس مختصر للثالوث المظلم. مجلة التقييم النفسي، 22(2)، 420-432.

 

** مدربة قيادة ذاتية

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة