حيدر بن عبدالرضا اللواتي
تمتلئ وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي منذ أكثر من شهر بالعديد من الموضوعات التي تهم تشييع سيد المقاومة الإسلامية السيد حسن نصر الله إلى مثواه الأخير، بعدما تم تحديد يوم 23 فبراير 2025، موعدًا للتشييع لهذه الشخصية الإسلامية المتميزة في العالم، وسط تدخلات عالمية سبقت هذا الحدث الفريد.
لقد ساند السيد حسن نصر الله منذ اليوم التالي لـ"طوفان الأقصى" أبناء المقاومة الاسلامية بغزة الصامدة تجاه كل ما قامت وتقوم به إسرائيل من جرائم ودمار وقتل وإبادة للشعب الفلسطيني منذ السابع من أكتوبر عام 2023، وكذلك ما قامت به من هجمات ودمار للعديد من الضواحي اللبنانية وخاصة الجنوب والبقاع والضاحية واغتيال الشخصيات اللبنانية وعلى رأسها سماحته بقنابل أمريكية حارقة وخارقة للأرض.
وجميع ما يحصل في المنطقة من دمار وموت يأتي نتيجة للدعم والتسليح والعون الأمريكي والغربي المتواصل؛ بمشاركة المرتزقة من الجماعات والأفراد الذين باعوا أنفسهم للشيطان الأكبر؛ للقيام بأي عمل يؤدي إلى إخلال التوازن في الشرق الأوسط. واليوم، فإن نفس هذه الدول والمجموعات تحاول الإساءة إلى هذا التجمع المليوني لتشييع سيد المقاومة والذي يأتي من مختلف الشخصيات والطوائف والتجمعات الوطنية والدولية، بالرغم من الإجراءات السلبية التي يحاول البعض القيام بها سواء من قبل المؤسسات الحكومية أو الشخصيات.
منذ أكثر من أسبوع، أعلنت السلطات اللبنانية منع وصول مُشيِّعين وشخصيات من دول معينة، للمشاركة في هذا الحدث للمُصاب الجَلل؛ فشركات طيران معينة مُنعت من الطيران، وشخصيات راغبة أخرى كذلك مُنعت من السفر؛ الأمر الذي أدى إلى إلغاء ُحجوزاتها دون أي مبرر؛ بل أن بعض شركات طيران طلبت من موظفيها عدم المشاركة في التشييع.
واليوم، ورغم هذه الإجراءات السلبية المتخذة من قبل البعض، فإن جنازة سيد المقاومة اللبنانية والسيد صفي الدين سوف يحملها ملايين من المشيعين والحشود من داخل لبنان وخارجه، ليُدخل هذا الحدث قبل إتمامه رُعبًا وخوفًا في قلوب المُعادين والإسرائيليين والأمريكان وتوابعهم. لذا نرى منذ عدة أيام، استنفارًا من هؤلاء الأعداء لأنهم لا يتوقعون ماذا سوف يجري بعد مراسم الدفن في الأيام والأشهر المقبلة؛ لأن توقعاتهم كانت على أساس هزيمة ومحو المقاومة من التاريخ بعد استشهاد أكبر العناصر التابعة لها، وكذلك القضاء على بعض الشخصيات المهمة في المقاومة الاسلامية في غزة، ناسين بأن هذه هي البداية الحقيقية للأجيال المقاوِمة المقبلة التي يجب عليهم مواجهتها في المستقبل، رغمًا عن أنوف الأعداء في تل أبيب وواشنطن وغيرها من العواصم المعادية الأخرى.
المقاومة في المنطقة سوف تظل باقية ما دام هناك من يُقاوم الظلم والعدوان والقهر، وفي غياب العدالة لقيام دولة فلسطين الحرة، نتيجةً للغطرسة الأمريكية والغربية للقضاء على المقاومة وذلك بمختلف المشاريع والأساليب والحيل التي تمارسها تلك الدول في السياسة الدولية منذ أكثر من 80 عامًا.
هذه الضغوط لن تُثني اللبنانيين المُخلِصين عن المشاركة في التشييع، إكراما لهذه الشخصية الفَذَّة التي تمكَّنت من صد الكثير من الخطط والممارسات التي وضعتها أمريكا وإسرائيل للدخول إلى بيروت منذ بداية الثمانينات من القرن الماضي، وأشعلت الكثير من الحروب التي صدتها المقاومة في حروب عدة في المنطقة أهمها حرب 2000 و2006. ولولاها لعاثت إسرائيل فسادًا في المنطقة برمتها.
اليوم ترتفع وتيرة التحريض على القيام بأي عمل يؤدي إلى إشعال فتيل حرب طائفية في لبنان، ولكن الحكماء في هذا البلد لا يعطون الفرصة للأعداء بتهديد نظامهم الداخلي، ولقد كان ذلك جليًا لإخلاص اللبنانيين في أثناء وبعد الحرب المُدمِّرة التي مارستها الدولة الصهيونية على اللبنانيين مؤخرًا نتيجة مساهمتهم لدعم إخوانهم في غزة الصامدة.
إنَّ تشييع السيد حسن نصر الله سوف يكشف حجم المشاركة الشعبية، وسوف يصبح مزار سيد المقاومة خلال الفترة المقبلة قِبلة للزائرين من مختلف أنحاء العالم، ليُذَكِّر الجميع بالتضحيات التي قدمها هذا الشخص من أجل لبنان والعروبة والإسلام؛ فبموته لم تمت المقاومة؛ بل هو الذي هزم العدو وجعله حتى اليوم يفقد نومه، بينما ينام هو قرير العين في مثواه الأخير، وليبقى أنصاره ومحبوه وحشوده يؤكدون له هذه المقولة "نِمْ... إنّا على العهد".