راشد بن حميد الراشدي
الأخيار لا يرحلون من قلوبنا، ولو رحلوا بأجسادهم من أمام أعيننا؛ فأفعالهم ومنازلهم ستظل باقية بخُلقهم الكريم، وحياتهم الساطعة بأنوار الهدى والصلاح.
وقبل أيام غادر عالمنا رجُلٌ بألف رجُل، من بيت كريم وأسرة عريقة ممتدة، تتجذر فيها خصال الخير والإحسان والخُلق الكريم يشهد لها القاصي والداني بفضائل المعروف والعلم والنُبل وفعال الخير.
لقد رحل الشيخ عبدالله بن حمد بن سليمان بن حميد الحارثي عن حياتنا وقلوب محبيه، وننفطر حزنًا على فراقه، وهو من زرع جمائل الصالحين، فأزهرت في بساتين الحياة نسائم وأرواحًا مخلصة لربها؛ فكل من لمس معروفَه وعايش مواقفه الصالحة شهد له بذلك.
رحل وأفق زنجبار والمضيرب وإبراء ومسقط بين ثنايا حياته الوافرة الظلال، العامرة بالخير والمعروفة بالصلاح؛ فأفلح العمل بإذن الله.
رحل الشيخ عبد الله، وهو في عمر المئة عام ونيف؛ حيث وُلِد في مطلع ثلاثينيات القرن الماضي الهجري، وهو أول أولاد الشيخ حمد بن سليمان بن حميد الحارثي؛ حيث كان ذا عقل راجح وشهامة وبشاشة، وقد خلف تاريخًا من العِلم والبِر سيُذكر لأجيال وأجيال. وكانت حياته غنية أنفقها بسخاء في معظم أوجه البر؛ كبناء المساجد والجوامع ومراكز العلم والثقافة وغيرها من أوجه الإحسان. ولقد نالت ولاية سناو إحدى مكارمه، من خلال مساهمته في تأسيس أول مركز ثقافي أهلي في سلطنة عُمان وهو "مركز سناو الأهلي الثقافي" والذي يُعد منارة علم وإرشاد في ولاية سناو، كما ساهم في الكثير من أعمال البر الأخرى.
اليوم.. ونحن نُودِّع الشيخ الجليل، نذكر حياته وجهاده في سبيل الله من خلال أفعاله التي قام بها وندعو له بالمغفرة والفردوس الأعلى من الجنة. وقد رحل الشيخ وبقي الأثر؛ فهو إلى جوار إخوانه وآبائه وأعمامه من أهل العلم والصلاح، الذين كانوا سِيرًا عطرة ملأت الأرض بأفعالها؛ فأزهرت رجالًا حملوا لواء الخير داخل الوطن وخارجه.
رحمة الله تغشى المؤمنين، وعوضُنا- بإذن الله- في أبنائه وأحفاده الصالحين.