سالم بن محمد بن أحمد العبري
لم تكد تضع الحرب الإسرائيلية أوزارها ظاهريًا في لبنان حتى فوجئ البعض أن "النتن ياهو" يُعلن إيقاف القتال، إذ يعتبر ذلك الإيقاف هدنة واستراحة محارب، وليس هذا الإيقاف عن رغبة في السلام وتهدئة لهذه القاعدة الاستعمارية الصهوينية؛ فهي ما وُجدت إلّا للتوسع وإقلاق المنطقة وإشغالها واستنزافها والحيلولة دون وحدتها ونهوضها وتقدمها العلمي والاقتصادي والاجتماعي المنتظم بقيم العروبة والإسلام الثابتة الراسخة.
وقد فوجئ البعض أنه يُعلن تهديد سوريا ورئيسها الدكتور بشار الأسد، وكانت تلك الإشارة هي أمر تشغيل عسكري لعصاباتهم المخزونة في الشمال السوريّ والمُعدَّة والمُجهَّزة.
وقد تكون القشة التي قصمت ظهر الحصان أو البعير كما درج عليه المثل العربي، والعرب كثيرة الأمثال قليلة الأفعال والاتعاظ، وكنت أردد على أصدقائي من السوريين الرسميين والإعلاميين أنني لست مع شحن هؤلاء في باصات خضراء (وحتى لون الباص يُعطينا نحن الذين نحلل كل شيء مؤشرُا كأنهم يزرعون وسيحصدون) نعم حصدوا؛ بل الحمولة أعطت مائة حمولة أي ثلاثة أكياس بذرت وأنتجت 300 كيس، وكأنَّ قبول تركيا بالوضع الذي أنتجته "تفاهمات أستانة" كانت قدرت أنها زرعت لتحصد حصادًا وفيرًا، واستفادت من تفسير يوسف عليه السلام لرؤية الملك: كيف استكانت الدولة السورية بقيادة الدكتور بشار الأسد وظلت تأكل من لحمها ولحم شعبها وهي شبه نائمة أو قابلة وتركيا والغرب الاستعماري والرجعية توثق الرباط على الرقبة مترقبة الوفاة بهدوء وطمأنينة.
وإذا كانت قبل "طوفان الأقصى" تُحاول إرخاء الحبل المشؤوم المربوط بقيصر اللعين والانهيار العربي الغبي من النظم العربية ومن تهدئة حركة تنويم الشعوب بإعلام مركز مستخدما وسائل علمية للتمويل والتضليل والخداع وصناعة الحدث قبل تحققه الميداني، وكان الإعلام المُغرَّب- المسمى عربيًا- يجني أفراده فيضان العطاء حتى البذخ؛ بل السفه، ويرقصون خلف نعوش أمتهم صغيرها كأطفال غزة ونسائها وشيوخها، أو من نعوش رجال هم قلة مؤمنة صادقة صدوقة مخلصة خالصة يأتي السيد حسن نصرالله قائدهم وسابقهم إلى رضا الله ومعه رفاقه إسماعيل هنية وصفي الدين هاشم والسنوار والعروري ورئيسي وينضم معهم رضيَ من رضيَ، وكره من كره بشار الأسد.
نعم.. كرر بشار الخطأ حين لم ينضم مُباشرة لمعركة الطوفان، بتوجيات عسكرية التي سُرَّ الكيان ببقائها، دون أن تؤلم صدره وقلبه منذ عام؛ فانقض عليها وهو يقول: شكرًا يا بشار لِماذا لم توجهها في وقتها إلى رؤوسنا وعيوننا واليوم نحن نحطمها حتى لا ينبعث عربي حر مُؤمن بأنه العدو الأصيل للأمة فيذبحه بها.
نعم أخفق دكتور العيون في أن يوخز عيونكم بها يا أعداء الله وليته فعل، فما دخلت البراغيث القلب ورامكم بها ولو قبل أن تقلع الطائرة به إلى موسكو ويتقوّل المتقولون: إنِّه هرب!
وأخيرًا أقول لهم: لا تموتوا فرحًا يا براغيث الصدر المتقيئ، فالحُرّة لا تأكل بثدييها!