أمانات الناس

 

 

سارة البريكي

Sara_albreiki@hotmail.com

 

نعيشُ في بلد ينعم بالخيرات والبركات، وأحيانًا نشعرُ بالضِّيق، وهذا أمرٌ طبيعيٌّ جدًّا في الدنيا، ولكن أن تَصِل بنا الحال لاستغلال فئة معينة من الناس من الذين يعيشون بيننا على أمل أن يتم توظيفهم ونقوم بإيهامهم بأننا مكتب توظيف، ونجعلهم يدفعون مبالغَ طائلة، وهم أشخاص لا حول لهم ولا قوة، يقتاتون من عرق جبينهم.. فهذا أمرٌ عجيب ودخيل على مجتمعنا.

حدث ذلك في ولاية صحم، حين قام أحدهم هناك بالنصب على مُدرِّسة من الجنسية المصرية، أَوهمها بأنه سيجد لها عملًا يضمن لها وضعًا ماليًّا جيدًا، وقام بأخذ أموالها واختفى، وبعد التقصِّي تم الاكتشاف أن هذا الشخص قد نصب على أكثر من خمسة وافدين، أوهمهم جميعًا بأنه سيعثر لهم على وظائف بمبالغ مالية جيدة جدا، ولكن هيهات، فهو يتمادى بطلب المال لتخليص الأمور سريعا، وبما أنه يتبع لمكتب موثوق ومن أبناء الولاية فلم يشك في أمره أحد.

وأمثال هذه القصص للأسف باتت اليوم كثيرة؛ وباتت تفرض علينا أخذ الحيطة والحذر والتحري والتقصي قبل أي خطوة نقدم عليها، وعدم الثقة في الناس الذين لا نعلم ماذا يخبئون لنا من نوايا، فالمرءُ منا بحاجة للمعرفة حتى يصل مرحلة من الوعي لا يُسلِّم معها نفسه وما يملك إلا لمن يثق به.

هناك شركات وهمية تقوم باستغلال العمالة الأجنبية، وخصوصًا أولئك الذين قاربتْ عقود عملهم وإقاماتهم على الانتهاء، فيقومون بالنصب عليهم من خلال التلاعب بمشاعرهم بطريقة تجعلهم يصدقون أن كل الوعود صادقة، فينخدعون ويقومون بدفع المبالغ لهم، فيقعون ضحية مكر وخداع هؤلاء.

إنَّ التحري والتقصي والتدقيق في المعلومات الواردة بالنسبة لنا كمُراجعين، وأيضا الرقابة من قبل الجهات المعنية على سير أمور العمل بكل شركة مُرخَّصة، والزيارات التفتيشية المفاجئة، جميعها قادرة على تعديل كفة الميزان، وردع من تسول له نفسه التلاعب بالمغلوبين على أمرهم، الباحثين عن قشَّة نجاة تجعلهم يعيشون بكرامة، فليس جيدًا أبدًا أن يزداد همهم همًّا ويصابوا بحالة نفسية سيئة جرَّاء من يتاجرون بمشاعرهم.

وأكرِّر بأنَّ عمليات المراقبة والتفتيش المستمرين، والتقصي والتحري، تُسهم بشكل مباشر وكبير جدا في ضبط سوق العمل والمعاملات المالية والإلكترونية وغيرها، مع ضرورة تشديد العقوبة على من يثبت تجاوزه، بحيث يكون عبرة لمن لا يعتبر، مع إلزامه برد المظالم إلى أهلها دون استثناء وبدون النظر لجنسيات الضحايا، فكلنا نعرف أن هذا الأمر ليس صحيحا، ولا يجب أن نسمح به في عُماننا الوفية، ولابد أن نقف وقفة واحدة للضرب على كل من يُريد المساس بمصالح الناس أجمعين، فنحن بلد الأخلاق، ولا يُسمح هنا بتجاوز الحدود.

الأكثر قراءة