◄ وزير "الأوقاف" يرعى افتتاح الندوة بتنظيم من "الوثائق والمحفوظات"
◄ الضوياني: "هيئة الوثائق" تحمل أمانة حفظ تاريخ الأفراد والمجتمعات وضمان صون حقوقهم من الفقدان والضياع
◄ افتتاح معرض وثائقي يقدم سردًا فنيًا للجوانب الحضارية لشمال الباطنة
◄ دراسة الأبعاد الاقتصادية والسياسية للموقع الجغرافي والاستراتيجي لشمال الباطنة
◄ آثار وشواهد تاريخية مدعومة بالوثائق تُبرهن على العمق الحضاري لشمال الباطنة
◄ صحار مِصر من أمصار البلاد الإسلامية وعاصمة مشهود لها بأسواقها وتجارتها المزدهرة
◄ ورقة بحثية ترصد الحضور التاريخ لآل الجُلندى في صحار
الرؤية- مدرين المكتومية
رعى معالي الدكتور محمد بن سعيد المعمري وزير الأوقاف والشؤون الدينية، افتتاح أعمال ندوة "شمال الباطنة في ذاكرة التاريخ العُماني" والمعرض الوثائقي المُصاحب الذي تنظمه هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في ولاية صحار بمُحافظة شمال الباطنة.
وهدفت الندوة إلى الوقوف على واقع التاريخ العُماني والحضارة العُمانية، وتسليط الضوء على تاريخ وحضارة محافظة شمال الباطنة، إلى جانب إبراز دور أبناء وأهالي محافظة شمال الباطنة في مسيرة الحضارة العُمانية والإنسانية، ودراسة الأبعاد الاقتصادية والسياسية للموقع الجغرافي والاستراتيجي لمحافظة شمال الباطنة، إضافة إلى تسليط الضوء على الحضارات القديمة التي قامت فيها والتعرف على الآثار والشواهد التاريخية، واستعراض جوانب من الحياة العلمية والثقافية والأدبية في محافظة شمال الباطنة، وتحليل الوثائق والمخطوطات المتعلقة بالمحافظة. بدأت الندوة بعرض مرئي حول "هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية.. ذاكرة وطن".
البحث العلمي والتوثيق
وفي كلمته، قال سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية: "إن انعقاد الندوة التي تمثل مجالًا مُهمًا للالتقاء بالباحثين يأتي في إطار الجهود القائمة في تعزيز دور البحث العلمي من خلال دور هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في تنظيم هذا الحدث وتحقيق أهدافه؛ حيث تساهم هيئات الوثائق والأرشيف في حفظ تاريخ الأفراد والمجتمعات وضمان حفظ حقوقهم من الفقدان والضياع، كما إن السجلَّات والوثائق بشتى أنواعها يمكنها أن تؤثِّر على المسار السياسي ولا سيما في القرار السياسي والمحاسبة والنزاعات بين المتعارضين السياسيين، فضلًا عمَّا تشكله كونها مرجعًا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومجال التخطيط الحضاري ووضع سياسات تطوير البنية التحتية والمجالات الثقافية والتعليمية والعملية وكل ذلك ينصب في خدمة تطوير المجتمع".
وأضاف: "هذه الندوة تسلط الضوء على دور شمال الباطنة الحضاري والتاريخي، فهي حاضرة عُمانية قامت على أرضها الطيبة حضارة تمتد لقرون عديدة وأضحت حضارة مجان وما ارتبط بها من اتصال حضاري وتجاري مع الحضارات الأخرى ويمتد التواصل والاتصال لتكون صحار مصر من أمصار البلاد الإسلامية وعاصمة من العواصم المشهودة لها بأسواقها وتجارتها المزدهرة، وقامت على أرض شمال الباطنة حضارات متنوعة ما بين التجارية والعلمية وغيرها ، وامتدت لقرون عديدة وأضحت موطنًا تجاريًا ومعبرًا للتواصل التجاري والاجتماعي، كما إنها محور مُهم من محاور الأحداث العُمانية، وتُشكل اهتمامًا في ثنايا التاريخ العُماني دون انقطاع لحقب عديدة، واليوم هي تنعم كغيرها من محافظات سلطنة عُمان بنهضة مباركة في مختلف مجالات الحياة".
واختتم سعادته كلمته بشكر معالي الدكتور محمد بن سعيد بن خلفان المعمري راعي الحفل، وسعادة الشيخ محمد بن سليمان الكندي محافظ شمال الباطنة، على الجهود التي بذلت تنسيقيًا وتحضيرًا وإعدادًا لهذه الندوة.
ذاكرة التاريخ العُماني
وخلال الافتتاح، تم عرض فيلم مرئي عن محافظة شمال الباطنة في ذاكرة التاريخ العُماني، كما تم افتتاح المعرض الوثائقي الذي يحكي الجوانب التاريخية لمحافظة شمال الباطنة، ويضم مجموعة من الوثائق والصور التاريخية والخرائط والمحفوظات التي تبين جزءًا من التاريخ العريق الذي تزخر به محافظة شمال الباطنة وسيستمر المعرض الوثائقي حتى 26 أكتوبر الجاري.
وتناقش الندوة 29 ورقة عمل تقدمها كوكبة من الباحثين والأكاديميين المختصين من داخل سلطنة عُمان وخارجها، وتتركز في 3 محاور؛ تشمل: المحور التاريخي والسياسي والمحور الاقتصادي والاجتماعي والمحور الثقافي.
وترأس الجلسة الأولى الدكتور علي بن حسن اللواتي، وشهدت تقديم ورقة بحثية بعنوان "محافظة شمال الباطنة في العهد النبوي " للدكتور محمد بن ناصر المنذري وقدمها نيابة عنه الدكتور علي بن سعيد الريامي، والذي قال: "كان شمال الباطنة حاله كحال مناطق عُمان خاضعًا لملك بني الجلندى وكانوا من توام إلا أنهم اتخذوا صحار عاصمة لملكهم، ولما بزغ فجر الإسلام شد العُمانيون الرحال إلى مدينة الرسول ولما علموا حقيقة دعوته صلى الله عليه وسلم أسلم القوم وبذلك نالوا شرف الصحبة وكان من هؤلاء من أبناء صحار مركز شمال الباطنة".
وقدم إبراهيم بن خميس القنوبي ورقة بحثية بعنوان "عمارة أراضي الباطنة من 251هـ إلى عهد اليعاربة.. قراءة في نصوص التراث العُماني"، والتي تناوت التاريخ العمراني لساحل الباطنة من خلال قراءة تحليلية لنصوص التراث العُماني عموما، والتراث الفقهي خصوصا؛ لكونه الأكثر شيوعا في عُمان.
وشملت الدراسة في إطارها الزمني تتبع تاريخ الباطنة العمراني منذ 251هـ إلى عهد اليعاربة، حيث أكدت الدراسة أنَّ أراضي الباطنة لم تَخْلُ يومًا من العمران.
تاريخ آل الجلندى
من جهته، قدَّم الدكتور ناصر بن علي الندابي ورقة بحثية بعنوان "آل الجلندى في مدينة صحار في الفترة ما بين القرنين (1 – 3 هـ / 7-9 م)".
وقال: "لقد كان لآل الجلندى حضور كبير في مدينة صحار؛ أولًا كونهم كانوا حكام عُمان عبر فترة طويلة من الزمن، واتخذوا من مدينة صحار عاصمة لهم، وكانوا فاتحة لدخول أهل عُمان في الإسلام وتشرفوا بوصول رسالة من النبي صلى الله عليه وسلم باسمهم، ثم برز تأثيرهم في الساحة السياسية في تولي الإمام الجلندى منصب الإٍمامة، ثم ظهرت شوكتهم بعد ذلك كولاة لبني أُمية، ثم استمروا كثوار في عهد الإمامة الثانية".
وتابع قائلًا: "إن الهدف الذي تسعى إليه هذه الدراسة هو إلقاء الضوء على الدور الريادي لهذا البيت، وتفاصيل تأثيرهم السياسي والتاريخي على مدينة صحار، عبر القرن الأول وحتى الثالث الهجري، وتكمن علاقة الدراسة بالمحور في كون آل الجلندى لهم تأثير سياسي على مدينة صحار، وتعداها إلى بقية مدن عُمان، حينما كانوا ملوكا وحكاما، ولكون صحار كانت عاصمتهم ومركز انطلاق فكرهم وهيمنتهم فقد وقعت على أرضها الكثير من الأحداث التاريخية التي كانوا هم أساسها ومحركها".
من جهتها، قدمت تهاني بنت عبدالله الحوسنية ورقة بحثية بعنوان "انتقال العاصمة السياسية من صحار خلال الفترة (-177 280هـ / 793 893-م): الأثر والأهمية التاريخية".
وأضافت: "تشكل الحواضر والمدن باختلاف موقعها الجغرافي نقطة تحول لتغير موازين القوى ومراكزها، إذ لا يمكن فصل مقدرات الدول واستقرارها أو اضطرابها عن مواقع عواصمها وإمكانياتها التي تؤثر على أدوارها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحضارية، وعليه فإن تغيير العواصم السياسية يخضع لعوامل متغيرة ومتنوعة، تؤثر بطبيعة الحال على أهميتها ومكانتها وتفاعلاتها مع ما يجاورها من قوى وأحداث، حيث تهدف هذه الدراسة للكشف عن الدور الحضاري والسياسي الذي لعبته مدينة صحار بوصفها أول عاصمة سياسية واقتصادية لعُمان، وعن الأسباب والدوافع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أدت إلى انتقال العاصمة السياسية في عُمان من صحار إلى نزوى بعد إعلان الإمامة الإباضية الثانية عام 177هـ/786م، وبيان أثر ذلك على الأهمية التاريخية لمدينة صحار ومكانتها وتفاعلاتها وأدوارها الوظيفية في مراحل قوة الإمامة الإباضية الثانية ثم سقوطها عام 280هـ/393م، وتكمن أهمية الدراسة في محاولتها لمعالجة انعكاسات انتقال العاصمة من صحار بمركزية أدوارها وتنظيماتها أو هامشيتها وظيفيًا، ولكونها ستقدم سردية حول وظيفة المدن والحواضر في دعم مركزية قوة الدولة في عُمان من خلال الإشارات التي أفردت أهميتها وأدوارها وتفاعلاتها في تكييف المنافع والمكتسبات بما يحقق استقرارها وقوتها أو ضعفها، إضافة إلى الحاجة إلى تأريخ المدن والعواصم العُمانية والوقوف على إسهاماتها وكثافة حضورها في تاريخ عُمان عبر المصادر المحلية والعربية، وتكشف نتائج الدراسة الارتباط التاريخي بين مدينة صحار والإمامة الإباضية وتفاعلاتها الثقافية والسياسية والاقتصادية في فترتها التاريخية، إضافة إلى تقديم فهم أعمق وتحليل لتأثر مقومات مدينة صحار بتموضعها السياسي والتباينات الوظيفية لها قبل انتقال العاصمة إلى نزوى وبعدها على نحو إيجابي أو سلبي بما ينعكس على أهميتها التاريخية ودينامياتها الحضارية".
دولة النباهنة
وشهدت الفعالية استعراض ورقة بحثية في نفس المحور بعنوان "التاريخ السياسي لمحافظة شمال الباطنة في عهد دولة النباهنة من القرن (579هـ/ 1283م _ 1026هـ/ 1617م)"، للدكتورة بدرية بنت محمد النبهانية؛ حيث قالت: "لقد مر التاريخ السياسي لعُمان بمراحل وأنظمة متعددة منذ التاريخ، وإن كان النظام الملكي هو الأكثر ثباتًا ورسوخًا فيها منذ مرحلة مالك بن فَهم حتى التاريخ الحديث، ومن الأسر السياسية التي تولت حكم عُمان خلال تاريخها الوسيط أسرة النباهنة، والتي امتد حكمهم لما يربو عن 4 قرون من 579/1183م- 1024هـ/1617م، وتهدف هذه الدراسة العلمية إلى تتبع التاريخ السياسي لمحافظة شمال الباطنة خلال الحكم السياسي لأسرة النباهنة في محافظة شمال الباطنة خاصة صحار ولوى، وتبرز أهمية الدراسة العلمية من خلال تتبع التاريخ السياسي لعُمان خلال حكم دولة النباهنة خاصة الدولة الثانية، وتوضيح الصلات والروابط بين صحار وبقية المراكز التي اشتهرت خلال هذه الفترة التاريخية، تتبع هذه الدراسة المنهج التاريخي التحليلي، وتوضح الدراسة العمق في الصلات بين الساحل المتمثل في شمال الباطنة والداخل المتمثل في محافظة الظاهرة في عهد دولة النباهنة، وتوضح امتداد النفوذ المحلي لدولة النباهنة عبر والي أو حاكم صحار امتداد من منطقة السر إلى صحار، وكما من المتوقع أن تخرج الدراسة بنتيجة حول الصراعات الداخلية ودورها في تفكيك الوحدة الوطنية والتي استغلها المستعمر المتمثل في البرتغاليين آنذاك، وستوضح العلاقات المتشابكة بين عُمان ومملكة هرمز في هذا المحيط الجغرافي".
وفي السياق، قدم الدكتور موسى بن سالم البراشدي ورقة بحثية بعنوان "الدور الحضاري لولاة صحار في عهد اليعاربة" قال فيها: "ركَّز أئمة اليعاربة منذ تأسيس دولتهم عام 1034هـ/1624م، على استعادة كل المدن العُمانية سواء أكانت مدنًا داخلية خاضعة لزعامات قبيلة أو مدنًا ساحلية واقعة تحت السيطرة البرتغالية، وذلك بهدف إعادة الوحدة العُمانية وإقامة دولة تستعيد أمجاد التاريخ العُماني، وكان من بين تلك المدن مدينة صحار إحدى العواصم التاريخية، ونجحوا في استردادها واتخذوها ولاية كبرى كما كانت في العصور الإسلامية، وقدَّم الولاة الذين تعاقبوا عليها دورًا حضاريا خلال تلك الحقبة الزمنية.
تعاقُب الولاة
وتناولت الورقة الولاة الذين تعاقبوا على صحار في عهد اليعاربة، والأدوار الحضارية التي قدموها في كافة المجالات السياسية والعسكرية والاجتماعية والثقافية بالاعتماد على المصادر التاريخية والفقهية والأدبية المعاصرة لتلك الفترة الزمنية.
وهدفت الورقة إلى تتبع الولاة الذين تعاقبوا على صحار خلال فترة اليعاربة، إضافةً إلى تسليط الضوء على دورهم الحضاري في المجالات السياسية والعسكرية والاجتماعية والثقافية، وبالتالي يتناول البحث ثلاثة محاور أساسية يتمثل المحور الأول في أبرز ولاة صحار في عهد اليعاربة، بينما يتناول المبحث الثاني الدور السياسي والعسكري لولاة صحار في عهد اليعاربة، في حين يتطرق المبحث الثالث إلى الدور الاجتماعي والثقافي لولاة صحار خلال عهد اليعاربة.
وتلخّص البحث في توضيح المستوى الإداري لمدينة صحار في عهد اليعاربة، وتسليط الضوء على أبرز الولاة الذين تعاقبوا عليها، وإبراز الدور الحضاري لولاة صحار خلال تلك الحقبة الزمنية في المجالات السياسية، والعسكرية، والاجتماعية، والثقافية.
أما الباحثة الدكتورة ابتسام حسن الزهراني فقدمت ورقة بحثية بعنوان "صمود أحمد بن سعيد في قلعة صحار ضد الحصار الفارسي في أربعينيات القرن الثامن عشر من خلال المصادر المحلية والأجنبية"؛ حيث قالت: "يوجد عدد من الدراسات السابقة حول موضوع غزو بلاد فارس لعُمان، تطرقت سريعًا لحصار قلعة صحار، ومقاومة أحمد بن سعيد البوسيعدي، وجاءت الدراسات معتمدة على ما ذكر في المصادر المحلية، ومصادر بريطانية، وكيف بدأت مرحلة الغزو الفارسي على عُمان وكيف انتهت بحصار صحار لمدة اختلف المؤرخون في تحديدها، خاصة أنها كانت متفوقة بحريًا على بلاد فارس في عهد نادر شاه، وتهدف هذه الدراسة إلى إزالة بعض الغموض عن هذه الحقبة التاريخية المهمة من تاريخ عُمان، وتاريخ منطقة الخليج العربي عامة، حول الغزو الفارسي لعُمان. وتبرز أهمية هذه الدراسة في أهمية هذه المرحلة في التاريخ لمنطقة الخليج العربي وبلاد فارس، وستستعرض العديد من القراءات في المصادر الأجنبية".