الضرب في الميت حرام!

 

عادل بن رمضان مستهيل

في كثير من الأحيان، نرى أشخاصًا يختارون انتقاد مواقف أو أشخاص انتهى دورهم في الحياة العامة أو لم يعد لهم تأثير كبير مثل ما كانوا عليه في السابق أثناء المنصب أو عز نجوميته.

هؤلاء المنتقدون يهاجمون أو يوجهون اللوم أو يحاولون نبش أخطاء الماضي، رغم أن الزمان قد تجاوز تلك الشخصيات أو الأحداث. وهنا يبرز المثل الشعبي "الضرب في الميت حرام"، تعبيرًا عن رفض إلحاق الضرر أو الإساءة بشخص لم يعد قادرًا على الدفاع عن نفسه أو الرد على الانتقادات.

فلماذا نصرّ على مواصلة جلد الشخصيات التي انتهت من الساحة؟ أليس من الأجدر ترك ما مضى والنظر نحو المستقبل؟ هذا السلوك يعكس في كثير من الأحيان عدم قدرتنا على التوجه إلى الأمام أو مواجهة التحديات الحالية، فنلجأ إلى الماضي لتفريغ الإحباطات أو تبرير الفشل.

الأشخاص الذين يُهاجمون بعد رحيلهم عن المسرح العام، سواء كانوا مشاهير ، سياسيين، فنانين، أو حتى رياضيين، يصبحون مثل "الهدف السهل".

فلا يملكون القدرة على الدفاع عن أنفسهم، بينما يواصل البعض الهجوم عليهم في محاولة لكسب تأييد الجمهور أو الظهور بمظهر الناقد المخلص. لكن في الواقع، هذه الممارسات لا تقدم جديدًا، ولا تعالج المشاكل القائمة، بل تخلق نوعًا من الهروب من التحديات الحقيقية التي نعيشها في الوقت الراهن.

بدلًا من انتقاد ما انتهى وقته، علينا أن ننظر بعين الحكمة إلى التحديات التي تواجهنا اليوم. الضرب في الماضي، مهما كان جرحه عميقًا، لن يصلح الحاضر ولن يمهد الطريق لمستقبل أفضل. و إن النقد البنّاء يجب أن يكون موجهًا نحو السياسات الحالية، والخطوات المستقبلية، وليس للأشخاص الذين أصبحوا جزءًا من التاريخ.

باختصار.. "الضرب في الميت حرام" ليس مجرد مثل شعبي؛ بل هو دعوة للتوقف عن العبث بما لا يُغير من الواقع، والتوجه نحو الأهم: إصلاح الحاضر وبناء المستقبل. إذا كنا نسعى حقًا إلى تحسين أوضاعنا، فعلينا أن ننتقد من أجل البناء، لا من أجل الهدم.

تعليق عبر الفيس بوك