محرقة "الإسرائيليين" في غزة

عبد النبي العكري

كثفت قوات الاحتلال الإسرائيلي إبادة سكان شمال قطاع غزة، ولاسيما مخيم جباليا للاجئين، وصعدت هجومها العسكري المُدمر على قطاع غزة، منذ انطلاقة طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، واستمرت في ارتكاب جرائم التهجير القسري والتجويع والتعطيش. كما كثفت من قصفها الجوي والبري والبحري، واستهدفت المنازل ومراكز الإيواء وتجمعات النازحين وخيامهم دون إنذار مُسبق، كما تعمل على نسف وتدمير ما تبقى من منازل وشقق وبنى تحتية، في إصرار على مواصلة جريمة الإبادة الجماعية في غزة، واستغلال تركيز الاهتمام الدولي بعدوانها على لبنان.

وتُواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي هجومها البري الواسع في محافظة شمال غزة والتي تضم مخيم جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا والمغازي ولجأ فيها حاليا أكثر من 400 ألف نازح، منذ مساء السبت الماضي، 5 أكتوبر 2024، وسط قصف جوي ومدفعي عنيف وغير منقطع، وارتكاب جرائم قتل واسعة، مع حصار خانق وعزل كامل للمنطقة عن مدينة غزة، وتجويع ومنع إدخال أي إمدادات إنسانية إليها، وتعطيل متعمد لعمل طواقم الإسعاف والدفاع المدني، وتدمير ما تبقى من مقومات أساسية للحياة، ومحاولات محمومة لتفريغ المحافظة بالكامل من سكانها وتهجيرهم قسرًا باتجاه جنوب قطاع غزة. وهذا الهجوم هو الثالث من نوعه لقوات الاحتلال على شمال غزة منذ 7 أكتوبر 2023، وفي كل مرة فيها قامت قوات الاحتلال بتنفيذ عمليات تدمير وقتل مروعة.

ويتم تداول الأوساط الإسرائيلية لما يعرف بخطة الجنرالات لقطاع غزّة والقاضي بتهجير سكان قطاع غزّة الفلسطينيين تدريجيا باتجاه صحراء سيناء بدءًا بقطاع شمال غزّة .عمدت قوات الاحتلال "الإسرائيلي" الى نشر قوات في التقاطعات والشوارع لعزل محافظة غزّة عن محافظة مدينة غزّة. ثم عمدت إلى نشر قوات في شمال القطاع بحيث تحوله الى مناطق معزوله حيث يتم إطلاق النار على كل من يحاول التحرك خارج فيما بينها. كما عمدت الى فرض حصار محكم لمنع وصول المساعدات الغذائية والأدوية والمياه والوقود وغيرها من مستلزمات الحياة . بل إنها قامت بقصف آبار للمياه بحيث تدفع السكان للموت جوعا أو عطشا أو قتلا.

هدف "إسرائيل" هو إبادة الشعب الفلسطيني في غزة أو إجبارهم على النزوح وها هي تنفذ خطتها وخصوصا في قطاع شمالي غزة.

لقد تابعنا الهجمات التي شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي بالطيران والمدفعية والدبابات والبحرية ضد النازحين الفلسطينيين في قطاع غزّة بما في ذلك خيم اللاجئين في المستشفيات والمدارس والبيوت المهدمة والتي اشعلت النيران فيها وشاهدنا أجساد النازحين الفلسطينيين وهي تحترق في مشاهد مروعة. ويترتب على ذلك خسائر جسيمة؛ حيث يتجاوز عدد الشهداء المائة أحيانا والجرحى أضعاف ذلك إضافة إلى المدفونين تحت الركام والخسائر في الأرواح بسبب المجاعة والعطش والأوبئة والجرحى الذين يستشهدوا لعدم توفر العلاج المطلوب.

أما الوجه الآخر لحرب الإبادة فهو حرمان مستشفيات القطاع من الإمدادات اللازمة لعملها ومنها الطبية من أدوية ومعدات والوقود اللازم لتشغيلها والكهرباء بل واستهداف العاملين بالقتل أو الاعتقال، من أطباء وممرضين وفنيين ومسعفين وغيرهم .ووصل الأمر الى قصف هذه المستشفيات.

ومؤخرا وجه جيش الاحتلال الإسرائيلي إنذارات الى مستشفى الشهيد كمال عدوان والمستشفى المعمداني ومستشفى العودة ومستشفى اليمن السعيد بإخلائها خلال 48 ساعة وإلّا فإنها ستخلى بالقوة. وبالطبع ليس هناك إمكانية نقلهم إلى مستشفيات أخرى في ما تبقى من مدينة غزّة. ويترتب على ذلك مذبحة رهيبة بحق نزلاء هذه المستشفيات من الجرحى والمصابين.

لقد تجاوزت إسرائيل كل الشرائع والمحرمات في حرب إبادتها للشعب الفلسطيني وهي تتمتع بحماية وحصانة الغرب بقيادة أمريكا في ظل عجز فاضح للنظام الدولي وخذلان عربي وإسلامي، ومن الواضح والمؤسف أنَّ حرب الإبادة الإسرائيلية للشعب الفلسطيني ستستمر.