السلام والأمان.. منهج صيني في عالم مضطرب

ناصر بن حمد العبري

أزور جمهورية الصين الشعبية للمرة الرابعة، وكلها بدعوات رسمية من وزارة الخارجية الصينية ومركز الدراسات بجامعة شنغهاي، هذه الزيارات جعلتني اكتشف في كل زيارة أن الحكومية الصينية والشعب الصيني يكن كل الاحترام إلى الدول العربية والمسلمين، على عكس ما تروج له دول الغرب، وأن علاقة الدول العربية والصين تزداد متانة وتبادل الشعور بالاحترام والتفاهم.

في كل مرة أزور فيها الصين، ألاحظ كيف أن الحكومة الصينية تعمل بجد لتعزيز العلاقات مع الدول العربية، حيث تسعى إلى بناء شراكات استراتيجية في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصاد والثقافة والتعليم.

خلال زيارتي الأخيرة، شاركت في عدة فعاليات ثقافية واقتصادية، حيث تم تبادل الأفكار والرؤى حول كيفية تعزيز التعاون بين الصين والدول العربية. وقد أبدى المسؤولون الصينيون اهتمامًا كبيرًا بالتعرف على الثقافة العربية وتاريخها، مما يعكس رغبتهم في تعزيز التفاهم المتبادل. كما أن المشاريع المشتركة، مثل مبادرة الحزام والطريق، تعكس التزام الصين بتعزيز الروابط الاقتصادية مع الدول العربية. هذه المبادرة ليست مجرد مشروع اقتصادي، بل هي أيضًا فرصة لتعزيز التبادل الثقافي والتواصل بين الشعوب.

إضافة إلى ذلك، فإنَّ الشعب الصيني يظهر دائمًا ترحيبًا حارًا بالزوار العرب، مما يعكس عمق الاحترام المتبادل. لقد شهدت العديد من الفعاليات التي تجمع بين الفنانين والمثقفين من الجانبين، حيث يتم تبادل الفنون والتقاليد، مما يسهم في بناء جسور من التفاهم.

إنَّ هذه الزيارات المتكررة تمنحني فرصة فريدة لفهم كيف يمكن للدول العربية والصين العمل معًا من أجل مستقبل مشترك، قائم على الاحترام المتبادل والتعاون المثمر. ومع استمرار تطور هذه العلاقات، يبدو أن هناك آفاقًا واسعة للتعاون في المستقبل، مما يعزز من مكانة الصين كحليف استراتيجي للدول العربية في الساحة الدولية.

وفي ظل عالم ملتهب بويلات الحروب والنزاعات، حيث تهيمن دول الاستكبار على مقدرات الشعوب، وتخلق حالة من عدم الاستقرار في مختلف المناطق، تبرز السياسة الحكيمة لجمهورية الصين الشعبية كمنارة للأمل. إن الصين، التي تعتبر واحدة من أكبر القوى الاقتصادية والسياسية في العالم، تتبنى منهجًا فريدًا يقوم على تعزيز السلام والأمان، مما يجعلها شريكًا موثوقًا للدول العربية والإسلامية. وتسعى الصين من خلال سياستها الخارجية إلى بناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. فقد أظهرت الحكومة الصينية التزامًا قويًا بمبادئ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، مما يعكس احترامها لسيادة الدول وحقها في تقرير مصيرها.

وهذا النهج يتماشى مع تطلعات العديد من الدول العربية التي تعاني من التدخلات الخارجية والصراعات الداخلية.

ولا شك أن مبادرة الحزام والطريق، التي أطلقتها الصين، واحدة من أبرز المشاريع التي تعكس رؤية الصين للسلام والتنمية. تهدف هذه المبادرة إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين الدول المشاركة، بما في ذلك الدول العربية. من خلال تحسين البنية التحتية وتسهيل حركة التجارة، تسهم هذه المبادرة في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاستقرار في المنطقة.لقد لعبت الصين دورًا متزايدًا في الوساطة وحل النزاعات في العديد من المناطق.

وعلى سبيل المثال، ساهمت الصين في جهود السلام في منطقة الشرق الأوسط؛ حيث تسعى إلى تحقيق تسوية عادلة للقضية الفلسطينية. كما أن الصين تدعو إلى الحوار والتفاهم بين الأطراف المتنازعة، مما يعكس التزامها العميق بتحقيق السلام.تعتبر الصين أيضًا نموذجًا في تعزيز التفاهم الثقافي والديني. فالصين، التي تضم عددًا كبيرًا من المسلمين، تسعى إلى تعزيز العلاقات الثقافية والدينية مع الدول الإسلامية. من خلال تنظيم الفعاليات الثقافية والدينية، تعمل الصين على تعزيز الحوار بين الحضارات، مما يسهم في بناء جسور من التفاهم والتسامح.رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الصين لتعزيز السلام والأمان، إلا أن هناك تحديات كبيرة تواجهها.

إن الصراعات الإقليمية، والتوترات الجيوسياسية، والتغيرات المناخية، كلها عوامل قد تؤثر على استقرار المنطقة، لذا، يجب على الصين والدول العربية العمل معًا لمواجهة هذه التحديات من خلال تعزيز التعاون والتفاهم.