سلوكيات وتصرفات تقلقنا

 

سعيد بن سالم البادي

أشرتُ في المقال السابق بعنوان "الهدوء العُماني ودوره في اتخاذ القرار"، إلى ما معناه أنَّ الهدوء هو العامل الأبرز في جعل اتخاذ القرار العُماني متزناً يتوافق مع ميزان العدل في كل الظروف والمواقف، كما أشرت إلى أنَّ هناك بعض السلوكيات والتصرفات الدخيلة التي بدأت تظهر في المجتمع ولا شك أنَّها تصدر من جاليات تعودت على عدم الانضباط في السلوكيات والتصرفات غير المتوافقة مع المجتمع العماني وكذلك تصدر من قلة قليلة من أفراد المجتمع العماني المقلدين لتلك الفئات الخارجة عن الانضباط السلوكي.

السلوكيات والتصرفات الدخيلة علينا والتي أتحدث عنها أرى أنها ستؤثر على الهدوء وتجعله في مهب الريح وإن لم نشعر بهذا التأثير في الوقت الراهن إلا أننا سنجد أنفسنا في دوامته السلبية في المستقبل القريب إن لم نتلافاه في بداياته ونقضي عليه بالإجراءات المناسبة التي تمنع تغلغله واستفحاله في بيئتنا المجتمعية الهادئة فيجب أن تكون لدينا نظرة بعيدة المدى في مثل هذه المواقف.

فمن تلك السلوكيات ما يلاحظه الجميع في بعض الأحياء السكنية ولا سيما منطقة الخوير بمسقط وبعض الأحياء الأخرى؛ وذلك من قبل بعض الجاليات التي تفرض واقعها في تلك الأحياء السكنية وهي من الجاليات التي دخلت في المجتمع بقوة في الآونة الأخيرة؛ حيث إن البعض يجلس في المقاهي في هذه الأحياء السكنية فيطلق من الهواتف أصوات الموسيقى والمقاطع الصوتية وأصوات الأغاني والموسيقى الصاخبة ناهيك عن بعض المخالفات التي ترتكب من قبلهم كمخالفات التدخين في المطاعم والمقاهي ولا نجد من يتصدى لهذه المُخالفات البينة.

كما يتلاحظ تشغيل الأغاني الصاخبة في الشقق والبيوت التي يشغلونها بصورة مزعجة تخرج من نوافذ مساكنهم في بعض الأحيان وأثناء سيرهم في الطرقات وتشغيل مكبرات الصوت وسماعات المركبات أثناء القيادة إضافة على ذلك أصوات الضحكات التي يصدرها الرجال والنساء في المحلات والمتاجر وبين الأزقة والحوائر وكذا الإزعاج الذي يصدر من نوافذ المساكن طوال الليل في بعض الأحيان دون أدنى مراعاة للآخرين مما يسبب قلقاً وإزعاجاً لكافة القاطنين في المبنى والمباني المجاورة متجاهلين مبدأ انتهاء حريتي أينما تبدأ حرية الآخرين.

وهذا لا يعني أننا نعارضهم في الاستماع إلى ما يريدون الاستماع إليه وإنما نقول أن يستمعوا إلى ما يريدون السماع إليه في حدودهم ولا يسمِعون غيرهم حتى يبقى الهدوء هو سيد الموقف الذي يحتاج إليه الجميع للاستمتاع بما يريد أن يستمتع به وبحرية تامة لا يعكرها أي من المخالفات القانونية أو الأدبية والعادات والتقاليد المجتمعية.

كذلك يتلاحظ أن البعض من هذه الجاليات يقودون مركباتهم في الأزقة والحوائر بسرعة عالية وبتهور ورعونة وكأنَّ قائد المركبة يقود مركبته في طريق سريع لا اعتبار لمسن ولا لطفل ولا لأي عابر طريق ضاربين بقواعد المرور وأنظمته عرض الحائط، فهنا يجب أن يتم التصدي لمثل هذه السلوكيات والتي هي من الأولويات في الحفاظ على السكينة العامة.

ناهيك عن السلوكيات والتصرفات اللا أخلاقية وسط الأحياء السكنية التي تسكنها العوائل وأمام المارة من النساء والرجال، وكأننا تحررنا من أي قيمة أخلاقية؛ فعدد من نساء تلك الأحياء لا يستطعن الخروج من بيوتهن استحياءً مما يشاهدنه في الطريق وأمام أعين الجميع فأصحاب المركبات يقفون وسط الطريق للمفاصلة على أسعار الرذيلة وبدون أي حياء من قائدي تلك المركبات وتلكم النساء اللاتي يعرضن أنفسهن على الراغب وغير الراغب وكأن الأمر أصبح جبراً شئت أم أبيت فلا غيرة تحركنا ولا ضمير يؤنبنا ولا مسؤولية تيقظنا فأصبح الأمر أمراً واقعاً لا أحد يستطيع أن يحرك ساكناً تجاهه.

فإن كنَّا نعتبر تلك السلوكيات من الحرية الشخصية فلنقرأ على أنفسنا وعلى الحرية الشخصية وقيمنا وعاداتنا وتقاليدنا ومجتمعنا المحافظ الفاتحة سبعًا! وإن اعتبرناها من السياحة، فعلينا أن نرفع سقف ميزانية وزارة الصحة للعلاج من الأمراض المُعدية والأمراض الوبائية التي تكلف نفقاتها الوزارة المبالغ الباهظة، التي يجب أن تذهب وتوظف لمهام تأتي في قمة الأولويات لوزارة الصحة ولا تذهب لأمر يجب علينا قطع الطريق عليه بتدابير تكلفتها لا تقارن بما ينفق على مكافحة تلك الأمراض وعلاج أولئك المرضى، والتدابير التي أقصدها هنا هي في الأصل من أولويات الواجبات التي تناط بها المؤسسات الحكومية في اتخاذها للحفاظ على الصحة العامة وهنا تتجلى أهمية هذه التدابير للتصدي لمثل ما نحن بصدده والذي هو عامل رئيسي في تهديد الصحة العامة بما ينشره من الأمراض المعدية والمتعددة.

نداؤنا للجهات المعنية بهذه الملاحظات والتي تهدد قيمنا وعاداتنا وصحتنا ومبادئنا أن تقوم بواجبها المقدس كما عهدناها وكما هي قائمة بدورها الملموس في كافة المجالات المنوطة بها والشكر والتقدير لها عالياً على محاولاتها في التصدي لما يصلها من هذه السلوكيات والشكر والتقدير موصول أيضاً لشرطة عمان السلطانية في بذل الجهود الملموسة واتخاذ الإجراءات القانونية لردع العابثين بالسكينة العامة والصحة العامة وحماية كل ما من شأنه استقرار أمن وطمانينة النسيج العماني بكل أطيافه ممن يتنعمون بالعيش على تراب هذا الوطن الآمن المستقر.

تعليق عبر الفيس بوك