عائض الأحمد
جميلٌ أن تتواصل باللهجة المحلية الدارجة، فقد تُغنيك وتختصر لك الكثير مما تريده أن يصل، وقد تمنحك شعورًا مختلفًا في أماكن عدة، حينما تتحدث بها، أقربها إلى النفس بأنك لن تقول بعدها من أنت أو من أي البلاد أو حتى المناطق أو الهجر، وكأنها بصمة تأخذك من لسانك إلى تعبير قد يصل بسهوله ويسر.
هذا إن أعيتك مشقة الاعتذار وكلفة الأشعار ومحو الماضي المنهار وسطوة تساوى الليل بالنهار، وكأنك تدور في فلك لا يعيش به أحد غيرك، مستنفدًا كل ما لديك من طاقة حتى وهنت قواك، بين من أنا وأين كنت وماذا فعلت، ليفعل بي كل هذا. خرج آدم من الجنة وكفى، ولم يخرج من إنسانيته وآدميته وكان الله غفورًا رحيمًا.
حتى وأنت تحلف بأغلظ الأيمان "خلاص عزِّلنا" ولم يعد لدينا ما نبيع أو نشتري به، فستظل المتهم والسبب والقضية حتى يكتب الله لذلك مخرجًا. أو ليس بعد الذنب من استغفار فيمحو "الزلة"، أتيتكم بذنوبي فما حيلتى إن أحلف في كل سكناتي بأن الله عفو يحب العفو، ولم أكن أتصنعُ حبًا أو تقوى، وإنما ولدت معي وأعادتني إلى طريقي الذي كنت أسلكه من سنوات طوال، فما العيب في الصواب الذي أفعله الآن، والخطأ إن عدت عنه؟!
ليتني كنت ملاكًا كي لا أكسر فؤادكِ أو أخدش نسمات هواكِ الذي تتنفسيه.
شرائع السماء تجبر المصاب وتُبرئ العلل، وضغائن الأرض يحملها بنو البشر، فتضمر الشر وتقتل التسامح. أما وقد وصلت إلى بر اللاعودة، فمن يسمع قرع نعليك أو تظن أن يسمعه من يمشي على الماء!
"الذهان" وحيله الانفصال عن الواقع أشبه بأمنية تنتزعك من واقعك إلى ضلالات لا يشاهدها أحد غيرك، تغمرك في حديث الوحدة وهلاوس العزلة وعقاب النفس، على ما لم تقترفه. وإن وصلت بك الحال إلى هنا فما قولي "لقيس" وحب "ليلى" الذي عوقب من أجل شغفه وسطوة مشاعره، فهام على وجه ينشدها ويرقب أثرها حتى فارق الحياة، لينعتوه بالجنون، وليس المُحِب المُخلِص.
المفارقات تصنع الأساطير وتأتي مُقبلة مُدبرة في آنٍ واحد، فلا تعلم أهي نتيجة فعل أم فعل يُراد به نتيجة لم تكن في الحسبان؟!
ختامًا.. سينساك الجميع حينما تتذكر بأنك هنا "أن ترجعي كلك وإلّا خذي بعضك".
شيء من ذاته: يقف في زاوية منزله يتسول الحب، منتظرًا عين شفقة ولمسة وفاء، علَّ خاسر العمر يفيق من سباته.
نقد: الضعفاء يتحدثون في أوقاتهم الخاصة، حينما يستنفر الرجال على الملأ.