تدرُّج دبلوماسية النار.. تدحرُج ملح السياسة

 

د. قاسم بن محمد الصالحي

 

قد لا نصل إلى تقييم حقيقي لتركيبة كيان لقيط زرع في فلسطين، من دون فهم كامل لشخصيات منظريه، وغايات صناعته البالغة التعقيد.. تلك التعقيدات المترجرجة التي تظهر الشيء وضده على نحو يجعل المتابع والقارئ للأحداث في المنطقة يحتار في تصنيف معادلات التصعيد والكذب في السياسة الدولية؛ هل زاد ملح السياسة الدولية ملاحًا؟ أم أناس الكيان اللقيط مخلصون للنظرية الصهيونية؟ أم غاية صناع وجود الكيان القضاء على إنسانية من يملك الحقيقة، والقبض على حريتهم، وسلب خيرات بلدانهم بدرجة مستفزة؟

تتساقط من القوى الاستعمارية كل أنواع الأكاذيب الاستراتيجية، ذات بعد قومي صهيوني، مقترنة بإثارة الذعر وصناعة الأساطير حول ماضي فئة لا تشرف أفعالها الإنسانية، ولا مستقبلها المبني على الخرافة والأساطير، الذي لا يضر حاضر منطقة الشرق الأوسط فحسب، بل ويزعزع محاولات بناء المستقبل فيها.. لهذا فإنَّ الدعاية التي ينتهجها أشخاص الكيان اللقيط "أكذب ..أكذب.. فسيصدقك الناس في النهاية"، وهي صفة اشتهر بها وزير الدعاية النازي جوبلز.

للقضية الفلسطينية ثلاثة جوانب، الجانب الذي يراه الكيان الغاصب، والجانب الذي يراه المُستعمر القديم الجديد، و"الحقيقة"! التي لا يرى الكيان والعالم الظالم شيئاً منها.. لقد امتد هذا العمى حتى إلى ارتكاب الكيان اللقيط جرائم الإبادة الجماعية في غزة والأراضي التي يحتلها، ثم اتبعها بمجازره في لبنان، ولا يرى العالم الظالم في هذه الجرائم إلا استفزازا وتشهيرا بقطعان الاستيطان وكيانهم، بينما تستمر همجية عدوانه، تتكاثر غدد إرهابه، وتتضاعف جرائمه وعدوانيته، وسط جدل حول تدرج رد المقاومة، وتدحرج كذب السياسة.

بدأ الكيان اللقيط يلعق وجهه القبيح المستفز، وتساقط لعاب كذبته السياسية على بقايا أشلاء الأبرياء، زحفت جرائمه إلى كل الساحات، وكمل ما ينقصها ملح السياسة، ومساندة من زرعه في قلب الوطن العربي.

لقد تدرج رد المقاومة على عدوان الكيان اللقيط، انكشفت عورته، وتسربت حزمة الوهن في جسده.. كان أبشع خلايا هذا الوهن معادلة الانتظار، والوقوف على رجل ونصف.. لهذا على من يعتب على المقاومة كثيرا، ويلومها أشد اللوم على تأخر ردودها، أو تدرجها في استخدام قوتها، وضرب بنك أهدافها في جسد الكيان عليه أن يعي حقيقة تدرج دبلوماسية نار المقاومة في الرد، واستراتيجية القدرة الذاتية، وعدم تكليف الغير أو تجميع بنك الأهداف بشكل عشوائي.. المقاومة تعلم الكيان اللقيط وخبرته، لطالما كان الكذب موجودا في تكوينه، في إعلامه وسياسته.. سرديته من أساسها مبنية على الكذب وعلى تزييف الحقائق التاريخية، لذلك فإنَّ تدحرج كذب سياسة الكيان اللقيط والعالم الظالم تغلف الحقيقة، وصار الكذب من أبرز صفات قادة الكيان اللقيط وداعميه.

لم يعِ العالم الظالم بعد أو لا يريد أن يستوعب الحقيقة، لأنه لا يقر الحق لأصحابه، ويسمي مقاومة شعوب المنطقة للاحتلال، بمسميات سماها هو وكيانه اللقيط، ويطالب دولها أن تحاكي واقع كذب السياسة ومجاراتها، حيث لا قيمة لمبدأ أو رأي أو حتى حق.. يراد لواقع مجتمعاتها أن يحدده كيان زرعه المستعمر القديم فيها، ويرسم معالم مستقبلها، لذلك لا غرابة في زيادة ملح سياسة المنظومة الدولية، لأجل تحقيق الغاية من تكوين هذا الكيان اللقيط.. الأمر الذي عمل عليه منظريه، هو انصياع البيئة الحاضنة للمقاومة، والخضوع للعبة الكيان القذرة في جسد الأمة.. بحيث تصبح خرافته منهجًا، وكذبته فنًا يتسابق إليها الساسة في أمريكا على كرسي السياسة، ليخرجوا عند كل فترة انتخابية بعلوم وفنون وأفكار وممارسات خالية من الحقيقة والثوابت.. هل المطلوب من مقاومة الشعوب مغازلة الكيان اللقيط والغرب بأنظمته والتدحرج في سياسته؟

إن ديدن كذبتهم الكبرى سلام وأمن دوليين، وحقوق إنسان مسلوبة، وديدن مجلس أمنهم التدحرج في تبرير زعزعة سلام وأمن المنطقة من قبل الكيان اللقيط.. رأي مقاومة شعوب المنطقة إعادة الحقوق إلى اصحابها، وإبراز الحقيقة، حتى وإن آثار ذلك غضب الكيان وصانعيه، الذين اعتادوا مواجهة الحقيقة، وحجب حرية رأي شعوب المنطقة الصريح في تصرفات الكيان اللقيط المشينة ضد الإنسانية.. أغضب مساندة المقاومة في لبنان للشعب الفلسطيني الكيان اللقيط، فاختار العدوان على لبنان، بهدف فصل إسناد مقاومة لبنان عن ساحة مقاومة غزة، أن لا تنظر إلى حقيقة الصراع.. ولأن المقاومة في لبنان لم تستجب لدحرجة كذب سياسة الكيان اللقيط، ولم ينتبها السأم حتى إظهار الحقيقة، مهما غضب في عدوانه على لبنان، لن تتخلى عن حق الإنسان الفلسطيني في غزة، حتى وإن تدحرج معه ملح سياسة منظومة الغرب المستعمر، وساندت أمريكا ومن جرى في فلك سياستها عدوان الكيان اللقيط على لبنان، ما لم يستطع الحصول عليه الكيان بدبلوماسية النار لن يستطيع الحصول عليه بملح السياسة.

 

تعليق عبر الفيس بوك