يومٌ آمن بحافلاتنا المدرسية

 

منى بنت حمد البلوشية

حوادث مُؤسفة ومُتكررة تقع للتلاميذ في كل عام دراسيّ ولا يخلو منها أي مُجتمع، وهذه المقالة ليست المرة الأولى التي أكتب فيها عمّا يخص الحافلات المدرسية والأمان بها ومراقبة نزول الطلبة حتى دخولهم لبيوتهم في أمان وسلام واطمئنان، فقد أصبح كل عام نسمع ونقرأ بمثل هذه الحوادث المؤلمة، وتكاد تنفطر منها القلوب وتُدميها، ولهذا وجب ويجب اتخاذ كافة الاشتراطات التي تضمن السلامة للتلاميذ من خلال الصعود والنزول وأثناء تواجدهم في الحافلات المدرسية، وهذه مسؤولية تقع على عاتق وزارة التربية والتعليم والمدارس سواء كانت حكومية أو خاصة وسائقي الحافلات والمشرفات، ولا ننسى دور الأسرة أيضًا فمن الخطأ أن نضع الثقل والعبء على جهة واحدة فالجميع عليه الالتفات لمثل هذه الأمور.

مع مطلع هذا العام الدراسي ما لبث حتى سمعنا بدهس طالب بالصف السابع، لم يهنأ بعامه الدراسي وفرحة انتقاله للعام الجديد وبزملائه الجدد. هنا على من سنضع المسؤولية، وهل أخذ السائق أو إدارة المدرسة التحقيق اللازم والاستجواب في هذه الحادثة التي آلمتنا ودفعتني للكتابة والتذكير في مقالتي الثالثة فيما يخص هذا الموضوع.

نعم، إنها أقدار الله وبقضائه يرضى الإنسان ولكن إلى متى ستظل مثل هذه الحوادث تتكرر وتزهق أرواحًا ليس لها ذنب، وهي ترحل وترحل معها أحلامها وطموحاتها، ويظل الندم يأكل سائق الحافلة والكادر الإداري بالمدرسة وحسرة الفقد لأهالي هذا الطالب الذي رحل بغمضة عين، فعلى سائق الحافلة؛ سواء كان الذي يقل الطالب أو حافلة أخرى أن يعي الأسباب التي أدت إلى دهسه لهذا الطالب الذي رحل دون سابق إنذار، هل السرعة والاستعجال هما السبب خلف ما حدث، وإن حدث أن الطالب ما زال لم يتخطَ الحافلة ومسارها، ألّا توجد كاميرات أو إنذار بها. أنا هنا لا أحقق في الموضوع، فكل ما في الأمر هو أخذ الحيطة والحذر لطلبة تقشعر لها الأبدان أن ترحل طفولة بريئة وهي بكامل عنفوان الفرح والسعادة والطموح الذي لم يتحقق لها، وألا يحدث ذلك مرة أخرى بأرواح لا ذنب لها بسبب تهور واستعجال.

ومن المؤسف جدًا أن نسمع بنسيان طفل داخل الحافلة؛ سواء عند أخذه صباحًا لمدرسته أو عند عودته مساءً للبيت، وبعض الطلبة الصغار لا يعي كيفية التعامل وبعضهم ينتابه النعاس ولا يشعر بما يدور حوله. ولا يخلو عام دراسي من هذه الحوادث التي تحدث وتُذكر.

لا بدّ من وضع مجموعة من الإرشادات والإجراءات لضمان السلامة والأمان للطلبة، فلا بد من ضرورة التزام سائقي الحافلات بالالتزام أثناء قيادتهم للحافلة، فكثيرًا ما نشاهد سائقي الحافلات وهم يسيرون بسرعة جنونية، وهذا ما شاهدته بنفسي وبأم عيني، في أول أسبوع دراسي لحافلة مدرسية؛ وهي تسير بسرعة غير آبهٍ سائقها بالمخاطر التي قد يخلفها بعد ذلك- لا سمح الله- فكيف سيشعر بالمسؤولية المُلقاة على عاتقه ومراقبة ذاته في ذلك، وهو يقود الحافلة بهذه السرعة، وتجاوزه الذي كاد أن يحدث في تلك اللحظة ما لم يحمد عقباه محاولًا أن يتخطى وينتقل بين وسائل النقل التي أمامه؟ ألم يشعر بما قد يحدث -لا سمح الله- بعد ذلك؟ وهذا السبب الآخر الذي جعلني أعيد كتابة مقال يخص نقل الطلبة والحفاظ عليهم، أفلا يستحق التذكير والكتابة!

نعلم أن كل إدارة مدرسية تعقد اجتماعًا بداية كل عام دراسي مع سائقي الحافلات وبعضها يعقد تعهدًا يُلزمه بالحفاظ على أرواح بريئة، ورغم هذا يتساهل بعض السائقين وكأن الأمر مجرد نقل هذ الطالب لمدرسته واسترجاعه للبيت فقط دون الاهتمام به، وكأنه لا يهمه سلامته فهل هو مجرد مهنة امتهنا وطبعًا لا أعمم فهناك من هو مهتم وحذر بسلامة الطلبة وأمانهم، وبعض هذه المدراس تتأكد من خلو بطاقة رخصة السائق من المخالفات وتأتمنه على الطلبة.

إناه أمانة عظيمة تقع على كاهل كل من هو مسؤول عن الطلبة من خروجه وحتى عودته لبيته. فلا بُدّ من إطلاق مبادرة، وأعلم هناك مبادارات كثيرة من أجل سلامة الطلبة، ولكن علينا جميعًا أن نكون يدًا واحدة لأجل أبنائنا وحفاظًا على سلامتهم، ويمكننا تشغيل الذكاء الاصطناعي والتطبيقات الإلكترونية داخل الحافلات والتأني بلا تهور من سائقي الحافلات عند خلو الحافلة من الطلبة، ويمكننا وضع الأصوات إلكترونيًا عند قرب طالب من الحافلة أو نسيانه بداخلها وتركيب الحساسات أو ما يسمى " السِنسُر" التي يمكن من خلالها التنبه بعدم وجود طالب حول من الحافلة؛ وتفقد السائق أو المشرقة من خلو الحافلة من الطلبة والاطمئنان عليهم عند دخولهم لمدراسهم وبيوتهم، تجنبًا لحدوث ما لا نودّ حدوثه، فقد بات الأمر يستدعي وضع القوانين الصارمة لذلك.

ويمكن من خلال التطبيقات الإلكترونية متابعة سير الطلبة ومراقبتهم سواء للأسر والمدارس وحتى سائقي الحافلات وذلك في الذهاب والعودة ويكون ذلك من خلال الصوت الذي يصدره عن كل طالب فالمدرسة وسائق الحافلة؛ ليكونوا على دراية بجميع الطلبة والأسركذلك يكون لديها رمز بأبنائها، لضمان عملية السير والنقل الآمن لأبنائنا، نعم هذه الميزة مكلفة ولكن لابد من تطوير الحافلات المدرسية ووضع ميزانية خاصة؛ لتكفل السلامة والأمن والأمان للطلبة ليكون يومهم الدراسي آمنًا لهم ولأسرهم ولمدراسهم وحتى لسائقي الحافلات.

كل ما في الأمر هو أن نكون على علم بأن هذه الحوادث المأساوية تحدث سنويًا بلا استثناء وبدأت بوفاة طفل دهسًا بحافلة مدرسية، وفي كل مرة نجد أنفسنا مسؤولون جميعًا على أرواح بريئة تزهق روحها دون أن تكمل طموحاتها وابتسامتها بيومها وعامها الدراسي الجديد فطلبة العلم أمانة لابد أن نحافظ عليها؛ ليصبح يومهم الدراسيّ مفعمًا بالسعادة والأمان، وأعلم أن هذا الموضوع سيطول ولن ينتهي، ولن نضع المسؤولية فقط على سائق الحافلة والمشرفات بداخلها إن وجد بل على الجميع ولكن السائق مسؤوليته أكبر عن غيره، وحتى المشرع العُماني قد سنّ في المادة (311) من أحكام قانون الجزاء العُماني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (7/ 2018) فيما يلي نصه "يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن 3 سنوات، وبغرامة لا تقل عن 300 ريال ولا تزيد عن 1000 ريال عُماني كل من تسبب بخطئه في موت إنسان".

لذلك.. وجب علينا التذكير والسعي الحثيث لأخذر الحذر وعدم تكرار مثل هذه الحوادث المؤسفة والمؤلمة، فجميعنا عين ساهرة لأبنائنا الطلبة ولأرواحهم حُراس بعد عين الله عزوجل.

حفظ الله أبناء عُمان من كل مكروه وسوء وحقق الله لهم مطلبهم وسعيهم في طموحاتهم التي يسعون لها وتحلق فوق رؤوسهم فهم أمانة علينا الحفاظ عليها بشتى الطرق.

وكل عام وطلبة العلم بخير وعافية واطمئنان وكودرنا التعليمية مبدعين ومنجزين، وعام دراسي مفعم بالإنجازات العظيمة لذواتهم ولعُمان الحبيبة.

تعليق عبر الفيس بوك