عائض الأحمد
حينما تُبحر في أعماق اللغة العربية يظهر لك بعض من كنوزها، ولم أجد خلال هذه السنوات من يدّعى أنه أخذ كل ما يرِده لغويًا وترك للآخرين الفُتات؛ فالغني خيره لا ينضب، وأسراره باقية مستمرة لن يخفيها جهل جاهل ولن يُظهرها عالم، ولو علم!
لم أجد أجمل من لغتي لمحاكاة قومي وعشيرتي، مخاطبًا فيهم "ضمائر النصب" وإياك وإياكم أن تتحدثوا بما قد يشير بإشارة امتعاض أو رفض أو سؤال عابر ما هذا؟ ولن يكون الحال أسوأ من "ضمائر الرفع": أنا ونحن ومن بعدنا الطوفان من أنتم؟!
لن يضير أحدنا ذلك الضمير المُستتر الخفي غير الظاهر، الذي يرعى مصالح الآخرين ويتنمر على كل من حوله، معتقدًا أنه نهاية العالم ومطلب السعادة الكامن بين أصابعه يقلبهما كيفما شاء. حضوره وغيابه متشابهان، حينما يتعالى ويكبر ذاك الغائب وتُنحت له التماثيل وتُسقى الأشجار من حول رمزيته البائدة، فاعلم أن حاضرهم غائب منفصل غير مخاطب، مجرور مهما أدخلت عليه أو حاولت تحريكه أو دفعه أو رفضه إن استطعت، فهو غير متصل، يشكو الانفصال الدائم، ويبرز في خلوته فقط، وتظهر عليه علامات السكون، فتحتار أهي أفعال أم مفعول به؟!
رحم الله من نام "مفعولٌ به" وكفى الناس أفعاله!
يقولون: اشترِ السلع البائرة من التاجر الجشع، واحذر أن تبيعها قبل عام أو عامين فقط، نوه بأن لديك ما يكفي منها، وانتظر يوم صاحبك "البائر" إن لم يأتك سعيًا!
نقلًا عن صديقي المفلس منذ سنوات.
ويقول في مكان آخر، أنا لا أخاف عليكم الفاقة؛ بل كثرة النعم.
ختامًا: الخاص والعام لا فرق بينهما إن تعلق شأنهما بالعامة، وكان أثرهما درسًا خاصًا في سياق عام، فهذه تشبه تلك، الفرق من يصل قبل الآخر.
أذكرُ أستاذي قبل خمسين عامًا حينما قال لي: أنت جيد في اللغة، لكن استحلفك بالله أن تحتفظ بكل ما لديك؛ فالوقت لا زال مبكرًا أن تشرح لتفيد غيرك، فعملتُ بما قال، ولكن جلَّ من لا يخطئ يا أستاذ "رضا"؛ فلعلها الأخيرة في "ضمائر النصب"، رفع الله بها شأنك.
شيء من ذاته: وجودك لن يكفي، ما لم يكن سمعك وبصرك ونبضك يُحرِّك ساعتي القديمة.
نقد: الفشل "ربيب" طريقك، والمبرارت نهايته.