حُلم التأهل.. وحقيقة الواقع

 

 

د. خالد بن حمد الغيلاني

khalid.algailni@gmail.com

@khaledalgailani

 

 

الأحلام في كثير منها؛ ما هي إلا ترجمة لرغبة لدى أصحابها في بلوغ هدف معين، وتحقيق أمنية تصل به إلى غاية ينشدها، وعند ذوي الهمم العالية، والرؤى المتقدة، والرغبات والطموحات، تصبح الأحلام حقيقة، ولو كان طريقها وعر المسالك، ذللوه بعزمهم، وسهلوه ببذلهم، ومضوا في طلب العلا، لا تفتر عندهم الحماسة، ولا تقل الرغبة، ولا يخف الشغف.

وليس أدل على ما أقول من قول أمير الشعراء:

وما استعصى على قوم منال // إذا الإقدام كان لهم ركابا

وقبله يقول:

وما نيل المطالب بالتمني // ولكن تؤخذ الدنيا غلابا

وحينما حلم العُمانيون بالحصول على كأس الخليج كان حلمًا مشروعًا، وغاية منشودة، بعد بذل وطول انتظار حققوها، لكنها مرحلة عند ذوي العزيمة في طريق الحلم المنشود، الحلم الذي يراود العُماني الشغوف بكرة القدم، المحب لها، المتابع لصولاتها وجولاتها.

إن الوصول لنهائيات كأس العالم، يبدأ بحلم، وكلنا نعم كلنا نحلم بهذا الحلم، وهو حق مشروع.

لكنْ.. هل بالأحلام نحقق ما نريد؟! أكيد عند كل عاقل تكون الإجابة بلا، وعند كل بصير من يتوقع أن حلمه يتحقق لمجرد الحلم، فهذا هذيان لا صلة له بالواقع.

لذلك من يسعى ليكون حلمه حقيقة، وجب عليه التخطيط والعمل، والجد والاجتهاد، وظهور علامات هذا التخطيط، وبروز نتائج هذا العمل.

هذا ميزان حقائق الأمور، "فالسماء لا تُمطر ذهبًا ولا فضة"، وأي عمل لا تخطيط ولا إعداد له مصيره الاندثار والزوال.

وبعد توجيه كل الثناء والشكر والتقدير، للجماهير العُمانية العاشقة الزاحفة من كل عُمان لأداء واجبها، ودعم منتخبها، والفخار بما تحلم به في مسيرة الرياضة العُمانية، فإن ما حدث واقع لا مهرب منه؛ وحقيقة لا مجال لإنكار حقيقتها وحدوثها.

وفي هذا المجال نسأل: هل هناك خطة واضحة لإعداد المنتخب؟ فنيا وبدنيا ونفسيا وسلوكيا وإعلاميا؟ ما حدث يقول لا.

هل خاض المنتخب مباريات ودية تعينه على التعامل مع هذي المباريات الرسمية المهمة والتي لا مجال لفقدان أنصاف النقاط منها؟ الواقع يقول لا.

هل عمل الأندية وبرنامج إعداد اللاعبين فيها يتسق مع متطلبات المنتخب ويتناسب مع الأحمال البدنية اللازمة ثقلًا وتوزيعًا؟ ما رأيناه يقول أين المطلوب وأين هم؟

هل يوجد نقص في خطوط المنتخب؟ وهل الإصابات تؤثر أو أثرت بالفعل؟ عاد هذا إجابته عند المختصين.

وهل اتحاد القدم بمجلس إدارته ولجانه ودوائره قائم بدوره كما يجب ويحب؟ الجماهير تقول لا، وكثير من المهتمين والمختصين يقولون لا، أنا شخصيا أقول لا، قياسا على النتيجة والأثر، والبعد عن إيضاح الصورة على حقيقتها للجماهير، التي من حقها معرفة الواقع، بدل حلم لم يعد له، ولم يخطط لبلوغه.

الأثر يدل على المسير، فأين هو المسير؟!

ولو كنتُ مكانهم لاستقلت؛ ليس لأني لا أعمل، ولكن من باب الاعتذار للجماهير وللوطن، ومن باب جلد الذات الذي هو أمر لازم في بعض الأحيان.. وفي التاريخ عبر وعظات.

"كلنا معك".. حملة الصف الواحد والصوت الواحد، ما أثرها؟ وما دورها؟ وما نتاج عملها؟ وأين هي من الواقع؟ وما يُثير رغبة وشغف الجماهير؟ ويبعث فيهم الحماس، بالأمس ما رأيت لتلك الطبول أثرًا، فعدت لذلك الصوت الجهوري واللباس المميز والمصر العُماني المزين بعلم بلادي الخالد، عليك رحمة الله تعالى يالمخيني، "هذا العُماني هذا العُماني، يا منتخبنا الغالي، ارفع اسمنا عالي". والمزمار والمسيندو، إرثنا وثقافتنا، وفنوننا، ولا مساس بها، ولا يضرها تصرف البعض في إساءة استخدامها، وتجاوز حدود أدائها، وهي خير في رفع الحماس من صيحة (الألتراس) لا روح فيها ولا نغم ولا شجن.

ثم هل يعقل أن يشتري شخص تذكرته للدخول، فلا يدخل، أن يحجز مقعدًا لا يجده؟ من سمح بهذا السوء في التنظيم؟ من قصَّر في أداء واجبه؟ من ترك الناس في ساعات الحر واشترط عليهم خروجًا بلا عودة؟ من قصَّر في جمهور له حق الاستقبال وحسن المكان وطيب الجلوس وكل الخدمات؟!

يا من عليه الواجب، قُم بما يجب، قُم بما عليك، في كل المجالات تخطيطًا وتنظيمًا وتنسيقًا فنيًا وإداريًا وجماهيريًا، تشجيعًا ونقدًا، وإن تطلب توبيخًا!

لا مجال للتساهل في أن نكون حيث نستحق، لا مجال لعدم البذل لنكون حيث يجب، لا مجال للمجاملة على حساب المنتخب ومن خلفه الوطن. لا مجال أن يكون طريقنا لعبور القارات وفي النهاية حدنا برج الصحوة!

إن كان الأمل باقيًا، ولا زال في الطريق شيء من نور، وضوء من نهار، فلا تتركوه.. لا تتركوه.. لا تتركوه.

"أنا العُماني أنا العُماني وافتخر أني عُماني"، هذه رسالة تعرف طريقها!