إن أردت أن تُؤالِف.. فلا تُخالف

 

محفوظ بن راشد الشبلي

mahfood97739677@gmail.com

 

في زماننا ترى اختلافات كثيرة خارجة عن المألوف والمنطق والنهج والذوق العام وبعضها خارج عن الدِين والقِيم والمبادئ، فتستنكرها في نفسك وذاتك التي لا تقبل إلا الطيب في الأفعال والأقوال قدر المُستطاع، وهي تندرج في قول المصطفى صلوات اللّه وسلامه عليه: "من رأى منكم مُنكرًا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان"، وهو نوع من صفاء قلب الإنسان في الفعل والقول والاستنكار والنية الصادقة، أو كما ورد في الحديث الشريف إلى آخره في المعنى والتوجيه من رسولنا الكريم، فترى وتسمع في بعض المجالس أو المجموعات كثيرا من تلك المخالفات غير المُبررة لفعلها وقولها إلّا إنها أصبحت دارجة عند البعض من البشر، فتستوقفك تلك المشاهد بنية الإصلاح والتغيير بالنصح والإرشاد وليس بها نية تعكير لصفو الجَمع والحضور.

غير أنَّ نيتك تلك تجدها قد أزعجت بعض الذين اعتادوا عليها وتأتي ردة فعلهم تجاهك بالسخط والزعل والتذمر وتجدهم ينفرون منك ويُغيرون سيرتهم السابقة تجاهك رغم الذي قلته على حق وليس به ما يستنكر ويخالف المنطق والذوق العام غير مخالفته لتوجههم الذي هم ماضون به والذي اعتادوا عليه.

في جَمع من البشر اعتاد البعض على استحواذ نصيب الأسد من الشيء الطيب لهم وينسون الباقين، بينما يوزعون الذي لا تستهويه أنفسهم ولا يرغبون فيه على العامة، وعندما استنكر البعض فِعلهم ذلك وناقشهم فيه زعلوا منه وخاصمه بعضهم وبعضهم صار ينظر إليه نظرات يملأها الاستحقار بمجرد أنه قال كلمة الحق، وآخر تحدث في مجموعة من الناس عن الفضائل التي كان السلف الذين سبقوهم فيها يفعلونها وينتقون أحسنها ويمضي عليها الجميع، بينما اختلف الوضع في عهدهم الحالي وأصبح الجميع يختلف في كثير من تلك الفضائل التي مضى عليها السلف السابق، وبنفس المعاملة عُومل بها هذا الذي تحدث في هذه المجموعة وأيضًا بالاستنكار لحديثه بمجرد أنه خالف بعض توجههم بالتذكير بما كان عليه سَلفهم.

إذن.. الأمر ليس في التوجيه ونوعيته؛ بل هو في عملية التغيير للوضع الأفضل والذي أزعج البعض كونه سيُغير الفكرة السائدة ولو كانت مُخالفة، فإن لم تزعجهم برأيك ذلك لبقيت على محبتهم وودهم لك وودوا لو بقيت مُغمض العينين وتسير خلفهم كالأعمى.

نستخلص من حديثنا في هذا الأمر، أنك إن أردت أن تعيش في مجموعة من البشر مُسالمًا ومُسايرًا لهم على الود والوئام ولو كانت تمضي تلك المجموعة على خطأ فلا تُحاول تغيير أمرها ولو كان بالنصح والإرشاد، وإلّا نعتوك بالمتزمّت الذي يسعى لزعزعة استقرار تلك المجموعة وليس لإصلاحها، وقد تفتح على نفسك بابًا من الكراهية والبغضاء بحديثك بعدما كنت بصمتك محبوبًا ومعشوقًا لديهم، وصدق القائل عندما قال: إن أردت أن تؤالِف فلا تُخالف.

تعليق عبر الفيس بوك