انتقام إيران من إسرائيل

 

صادق بن محمد سعيد اللواتي

كثر الحديث عن انتقام إيران من الكيان الصهيوني لجريمة انتهاك سيادة الجمهورية الإسلامية واغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران  المجاهد إسماعيل هنية، وتشير أغلب التحليلات إلى أنَّ ضربة إيران حتمية ووشيكة.

وقد سئم البعض من الانتظار وخلص إلى أن إيران ربما كانت تحسب حساب القوات البحرية العديدة بمُختلف أنواعها التي حشدتها أمريكا في المنطقة، بما في ذلك الغواصة النووية التي تحمل القنابل النووية. وهناك من يقول إن إيران سترد على الكيان المحتل بضربة قوية في مواقع استراتيجية، لكنها لن تشن حربًا شاملة.

من قرأ العديد من مقالاتي عن حرب غزة، كما تنبأت في الأول بتاريخ 16 أكتوبر 2023، فإن حرب غزة ليست سوى مؤامرة كبرى تتألف من ثلاث مراحل، والدليل أن أمريكا استخدمت حق النقض ثلاث مرات في مجلس الأمن لمنع وقف إطلاق النَّار في غزة، وأرسلت مئات الأطنان من القنابل منذ بداية الحرب ولم تتوقف حتى اليوم. وقد ثبت مؤخرًا من خلال الصحافة الإسرائيلية الأدلة على هذه المؤامرة، والتي يمكن تلخيصها في القضاء على حماس وكل حركات المقاومة الفلسطينية في المرحلة الأولى، وحزب الله اللبناني في المرحلة الثانية، وأخيرًا ضرب إيران في المرحلة الثالثة، وتدمير منشآتها النووية والصاروخية ومصانع الطائرات بدون طيار.

وتشير كل الدلائل إلى أن إسرائيل فشلت في مرحلتها الأولى في القضاء على حماس، ولست وحدي من يقول ذلك، بل إن  مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية ذكرت ذلك بتاريخ في 23 يونيو 2024، حيث ذكرت ما يلي:

"إنه بعد تسعة أشهر من العمليات القتالية الإسرائيلية في قطاع غزة، لم تهزم حماس وليست قريبة من ذلك أيضًا". وأضافت  المجلة "إسرائيل غزت قطاع غزة بنحو 80 ألف جندي وهجرت 80% من السكان قسرًا، وقتلت أكثر من 38 ألف فلسطيني، وأسقطت ما لا يقل عن 80 ألف طن من القنابل على القطاع، والحقت أضرارًا بأكثر من نصف مبانيه، وقيدت وصول المياه والغذاء والكهرباء إلى المنطقة، ما ترك السكان بالكامل على حافة المجاعة".

نجح نيتنياهو خلال زيارته الأخيرة لواشنطن في إقناع بايدن ونائبته وأغلب أعضاء الكونجرس بضرورة الانتقال إلى المرحلة الثالثة والأخيرة من الخطة، رغم فشله في حرب غزة. ووُعِد بايدن بأصوات اليهود والصهاينة له ولحزبه في الانتخابات التي ستجري نهاية العام الجاري، وهي ضرب إيران إلى الحد الذي تعود معه إلى حالتها ما قبل الثورة. ونظن أنه بموافقة أمريكية، قررت إسرائيل استفزاز إيران باغتيال هنية وانتهاك سيادتها، ولعل هذا يجعلها تبدأ بالانتقام بحرب شاملة. وهذا سيعطي أمريكا والغرب  مبررًا للبدء في المرحلة الثالثة من خطة الحرب بضرب منشآتها النووية والصاروخية ومصانع الطائرات بدون طيار، كجزء من الرد على الضربة بضربة أقوى، وبذلك يكونوا قد حققوا ما لم يتمكنوا من تحقيقه من خلال العقوبات القاسية.

صمت إيران يوحي بأنها كانت على علم بالخطة ومراحلها الثلاث منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، وهي اليوم تدرك تمامًا أن الكيان المحتل فشل في غزة وأنه لا يُريد مواجهة حزب الله. وأن اغتيال هنية في طهران ما هو إلا جزء من خطة الشياطين الكبار والصغار لتحريض إيران على شن حرب على إسرائيل.

وهنا أريد أن أضيف بخصوص الانتقام الإيراني، أن إيران ستنتقم لا محالة  لاغتيال ضيفها في طهران وانتهاك سيادتها في الوقت والظرف المناسبين، وأتوقع ذلك بعد توقف القتال في غزة وانسحاب القوات الصهيونية منها، الانتقام حتمي ولكن قد يستغرق بعض الوقت.

إن بقاء إيران قوية يصب في مصلحة حركات المقاومة في فلسطين وسوريا والعراق واليمن، وقوتها الرادعة المتمثلة بالصواريخ بعيدة المدى والطائرات المسيرة تخيف الكيان الصهيوني وأمريكا والدول الغربية، وبالتالي فإن عدم خوضوعها للحرب يخدم أيضًا كل أحرار العالم، بما في ذلك دول أمريكا اللاتينية غير الخاضعة للهيمنة الأمريكية.

تعليق عبر الفيس بوك