طريقي إليك

 

عائض الأحمد

كنت في زيارة لأحد الأصدقاء، وسألت: أين أجده؟ فقال لي أحدهم: إن كنت تعرفه حقًا فتتبع "عطره" وستجد مكتبه! لفتني هذا الوصف وأنا في طريقي له أغبطه على هذا الأثر الجميل، وكيف لهذا الرجل أن يصفه بالعطر، هكذا رأيت حتى أصبح دليل حضوره وغيابه.

من منَّا ترك أثرًا يُستدل به ومن منَّا أفسد كل ما حوله، في لحظات تظن بأنك كل شيء ومثلها يأتيك قائلا أنت لا شيء. البعض يرى هذا طبيعيا، ونرجسية آخرين تجعل منه موقفًا، عليه أن لا يمر كريمًا سالمًا، فأنا هنا أصنع المستحيل وأتبنى اللامنطق؛ وأجعلُ منه حقيقة ملموسة حتى لو سحقتُ ندًا أو ظن هو ذلك.

الواقع نهرب منه جميعًا دون استثناء، ثم نستحضر بعضًا منه وقتما نشاء لنُحلل تفاصيله، ونُلبِسه أفكارنا بغطاء نحن من جلبه دون أن نسمع ذاك الصوت الهاتف الخفي. عليك ألا تعود إلى مثل هذا، فربما تخطاك الزمن وأنت تقف على أطلاله لتحقيق مكسبٍ لم يره أحد سواك، ولم يخطر على بال أدهى مُفكري عصرك، وكأنَّ أفكارك "المتخمة" قد أينعت فشلًا، وحصاده سيغرقك في "شبر ماء"!

العادة وريثة أفكار بالية، وصدمات لم يستطع خيالك سحقها، تتهيأ لك حتى يتلبس الوهم حركة قدميك قبل عقلك، فيأخذك إلى حطام الماضي ومستنقعات اللاعودة على قاعدة الإبادة الجماعية لمخالفي الرأي، وبسط النفوذ في رقعة يتخللها النور وتكاد لا تُغطِّي جسدًا أو تحمي من لسعة فكر. الاستدامة تعني أن تقرأ نفسك أولًا، إن كنت تريد النشر.

الحديث مشاع للجميع، فلا تجعل منه حدثًا ينقلك إلى صفوف لم تعتد الوقوف فيها، وسيخذلك حينها المستمعون وكأن الإنصات جريمة لا تُغتفر. والغالب ليس ما تشاهده، لأنَّ الزاوية كانت حادة فحجبت الرأس والرؤية.

ختامًا.. بعض القوى الغائبة عنك ينسفها التجاهل، إن علمت في أي وقت حينه. وعلاقتك بما يدور داخلك أكثر أهمية من ترقب نظرة الآخرين لك.

شيء من ذاته: محط الأنظار وقبلة المدبرين في لحظات ضعفهم، كنتَ وستظل رسول سعادتي، فقدتُ عقلي حينما مَلَكْتَ قلبي، فمتى تُعيد لي رشدي؟

نقد: قُل ما تريد، وأنا أفهم كما أشاء.