نشطاء التواصل الاجتماعي بين مطرقة النقد وسندان المسؤولية الاجتماعية

 

 

ناصر بن سلطان العموري

abusultan73@gmail.com

انتشر، مؤخرا، تريند عبر منصة إكس بعنوان "مشاهير البرجر"، وحقيقة يختلف الكثيرون حول مدى الفائدة والأثر الذي يقدمه نشطاء السوشيال ميديا، بل ويجمع الأغلب كذلك على أنَّ القلة القليلة منهم هم من تقدم الإضافة؛ سواء في الطرح أو في خدمة المسؤولية المجتمعية، وتحوز إعجاب المتابعين نظير المحتوى الرصين والهادف الذي يُقدِّمونه عبر رسائل إعلامية غاية في الرقي. ولكن في مقابل ذلك، يوجد العديد منهم ممن يختلف على محتواه هذا أو ذاك، يملكون متابعين يصلون إلى مئات الآلاف، والكل يعلم أنه في العالم الافتراضي لا يُمكن تحديد الأعمار بدقة أبدا، فتجدهم مختلفى الأذواق والميول بناءً على أعمارهم أو عقلياتهم ورغباتهم.

بل إنَّ منهم من وجه أصابع الاتهام لنشطاء السوشيال ميديا حينما بات البعض منهم يهدف لرفع قيمتهم السوقية على حساب متابعيه؛ فتجد أن تغطيتهم لا تشمل الأماكن المتواضعة والخيرية، وإنما تشمل الأماكن التي لهم فيها مصالح شخصية تخدمهم، وتزيد من متابعيهم؛ حيث تكون الأضواء فيها مُسلطة عليهم.

بل إنَّ منهم من يقدم إعلانات تمس جوانب مهمة من حياة الإنسان ومنها بطبيعة الحال الصحة من خلال الترويح لمراكز طبية خاصة خارج البلاد على أنها متخصصة في علاج عدة أمراض، ويشيد بالمركز الطبي المتخصص في مجاله على أنه الأول من نوعه من أجل ماذا؟!!!! حفنة من المال؟!!! ويجد المتلقي الواقع مختلفًا تمام الاختلاف عما ذُكِر في الإعلان الترويجي، ولكن بعد ماذا؟ بعد أن تجشم عناء السفر للخارج، وأنفق ما أنفق من أموال من أجل البحث عن علاج؟!

ناهيك عن الإعلانات الترويجية للسلع والخدمات بأنواعها؛ فمن الملاحظ أن بعض نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي يقومون بالإعلان والترويج لسلع وخدمات وتخفيضات بوصف مبالغ فيه بعيد كل البعد عن الحقيقة.

ولي تجربة شخصية منذ عدة سنوات مضت عندما دخلت في نقاش عبر منصة "إكس" حاليًا عندما كان يطلق عليها "تويتر" مع أحد النشطاء وكان في بداياته آنذاك ومن الذين يطلقون عليهم المشاهير حاليا، ويتجاوز متابعيه مئات الآلاف حول إعلان عرضه عن محل للأحذية في محافظة مسقط وكان الإعلان بالطبع مليئًا بالعبارات الرنانة للمحل وما يحتويه من منتجات متعددة ومتنوعة وبأسعار تنافسية والغريبة أنِّي بعدما زرت المحل لم أجد ما وصفه صحيحا ودقيقا كما جاء في المقطع، وعندما ناقشته حول ذلك أجاب وبكل برود: إنني لست مسؤولًا عمَّا يحدث بعد تقديمي للإعلان.. طيب والمصداقية والأمانة في الطرح أين هي؟! أم أن المادة حجبت ضوء الحقيقة؟

نحن هنا بطبيعة الحال لا نُعمِّم الوضع على جميع نشطاء السوشيال ميديا؛ فمنهم من يقدم المحتوى الرصين من خلال ما يعرضه وبأسلوب هادف وطرح عميق، متضامنا مع المواقف المجتمعية الداخلية والخارجية، وبرأي حيادي لا تحيز لتوجه معين.

وفى الفترة الأخيرة، وضعت وزارة الإعلام مجال نشطاء التواصل الاجتماعي في إطار تنظيمي فيما يتعلق بإصدار التراخيص المهنية لكل من يرغب بممارسة هذا النشاط، وهذا قرار تشكر عليه، ولكن السؤال هنا: ما أثر المتابعة من قبل الجهات الحكومية الرقابية بكافة تخصصاتها لكل ما ينشر ويبث من قبل نشطاء التواصل الاجتماعي للإعلانات التجارية؟

الرقابة مطلوبة على ما يطرح من قبل نشطاء التواصل الاجتماعي وذلك للحفاظ على مصداقية هذا القطاع المتنامي، وعدم ترك الحبل على الغارب من جانب العديد من النشطاء، ممن يدخلون هذا المجال حبًّا في الظهور والشهرة، وما يصاحب ذلك من إغراءات مادية مغرية يسيل لها اللعاب، ويتناسون الهدف الأسمى وهو خدمة المجتمع باختلاف مكوناته.