موسم الهجرة إلى ظفار

 

 

د. محمد بن خلفان العاصمي

في كلِّ عام، وفي مثل هذا الوقت، ترتدي محافظة ظفار حلتها الخضراء السندسية، لتتحول بنعمة الله إلى إحدى قطع جنان الدنيا، بطبيعتها الخلابة وجمالها الأخاذ وجوها الذي يبعث في النفس الراحة والسعادة والبهجة، مشكلاً لوحة فنية خلابة تُبهر من يزورها، وتضع ألف علامة استفهام في عقله: كيف تأخر لهذا الحد في زيارة هذه البقعة من الأرض القريبة جغرافيًّا، وفي بلد عربي ومسلم وعادات وتقاليد متشابهة؟!

هذه الهبة الربانية التي وهبها الله تعالى لبلادنا الحبيبة، ينبغي الاستفادة منها بأقصى درجة مُمكنة؛ فهي باب رزق لأبناء المحافظة ومصدر دخل لموازنة الدولة، ولذلك يجب أن نُعظم الفوائد من موسم الخريف، أسوة بما يحدث في بلدان العالم الذي صنع سياحة من لا شيء، وأوجد العديد من الأفكار التي خلقت لهم مواسم سياحية، مستفيدين من العناصر الطبيعية في أحيان وفي أحيان أخرى الإبداع الفكري لإيجاد سياحة من نوع جديد.

إنَّ ما يتوافر في محافظة ظفار من مقومات تجعلنا قادرين على تقديم منتج سياحي متفرد ليس في موسم الخريف وحسب، وإنما في جميع أيام وشهور السنة؛ حيث تمتاز المحافظة بتنوع طبيعتها بين جبل وسهل وبحر وامتداد مساحتها من صرفيت إلى سدح وتنوعها الثقافي بين الريف والحضر والبدو، وكل ذلك جدير بالاستغلال من أجل خلق سياحة متنوعة تسهم في الجذب السياحي.

لقد شهدت السنوات الماضية جهوداً كبيرة من قبل الحكومة من أجل التنشيط السياحي، وذلك من خلال تحديث الخدمات السياحية وتطوير البنية الأساسية وإقامة مشاريع سياحية متنوعة في مختلف مناطق المحافظة، وفي المقابل عمل القطاع الخاص على إقامة مشاريع استثمارية سياحية جديدة تصبُّ في نفس الاتجاه؛ مما جعل المُحافظة وجهة جاذبة للسياحة، وارتفعت أعداد السيَّاح لتلامس الأرقام المستهدفة من قبل الجهات الرسمية المعنية بالسياحة.

إنَّ التنوُّع الذي يُميز السياحة في محافظة ظفار وتعدُّد الفعاليات والأنشطة -سواء الثقافية أو الترفيهية أو الرياضية أو غيرها من الأنشطة- أسهم بشكل ملحوظ في تحقيق معدلات النمو المستهدفة للقطاع السياحي في محافظة ظفار، وهذا يعكس مستوى التغيير الذي طرأ على ملف السياحة في سلطنة عمان، خصوصاً مع التوجهات الحكومية الجديدة، والجهد المبذول من المسؤولين عن هذا الملف المُهم، ووجود شخصيات وازنة بفكر إبداعي تدفع باتجاه تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة للسياحة الداخلية.

وفي محافظة ظفار، سوف تجد ما تبحث عنه كسائح، وسوف تستثمر أموالك بطريقة تعود بالفائدة عليك وعلى أسرتك مع ميزة إضافية تتمثَّل في كرم أبناء ظفار ورحابة صدورهم وترحيبهم بالضيوف وحسن تعاملهم ورغبتهم الكبيرة في تقديم صورة إيجابية عن المواطن العماني الذي يتمتع بمستوى عال من القيم والأخلاق الطيبة؛ لذلك عندما تقرر الذهاب إلى ظفار فإنك تختار الوجهة الأنسب للسياحة العائلية.

ومع زخَّات المطر وضباب الجبال وأكشاك النارجيل والمشاوي الظفارية، سوف تمر بتجربة فريدة، خاصة عندما يكون برنامجك السياحي شاملاً كل المناطق والعيون السياحية في ظفار، وعليك ألا تنسى اللبان الحوجري الذي يميز هذه المحافظة وأنت في طريق عودتك، حتى تبقى ذاكرة الزمن مرتبطة بعبق اللبان والصمغ والبخور الظفاري.

تعليق عبر الفيس بوك