سارة البريكية
Sara_albreiki@hotmail.com
دعا ديننا الحنيف للمساواة بين الرجل والمرأة، وتختلف هذه المساواة باختلاف الوضع وطبيعة الحياة وطبيعة الدول وطبيعة المجتمع، إلا أنَّ هناك بعض الأمور يجب أن تُراجع قوانينها مرة أخرى؛ فالروح البشرية غالية الثمن، ولا مُقارنة بين الرجل والمرأة في ذلك، فلماذا نشاهد أنَّ دية المرأة نصف دية الرجل؟ وبالنسبة للإصابات أيضًا يكون تعويض المرأة أقل بمستوى النصف عن الرجل؟ وهذا إنْ دل فإنما على عدم تكافؤ وعدم مساواة وعدم إنصاف للذات البشرية؛ فمقدار الإصابات التي تتعرَّض لها المرأة قد تكون لها أضرار أكبر بطبيعة جسدها وتختلف عن الرجل.
وهناك مخالفة صريحة وواضحة للنظام الأساسي الذي قرَّر مبدأ المساواة بين الجنسين؛ فعلى سبيل المثال: لو كانت دية المرأة 7500 ريال وأصيبت بكسور يُحسب تعويضها من هذه الدية وليس ربع 15000 ريال الذي يجب أن يكون كإصابات الرجل تماماً.
لقد أوضحت المادة 186 من قانون المعاملات المدنية العماني بشأن المسؤولية الناشئة عن الضرر الذي يقع على النفس، أنه تسري الأحكام العامة للفعل الضار على الضرر الذي يقع على النفس أو ما دونها، وفيما يتعلق بالتعويض فتطبق الديات والأروش مضافاً إليها نفقات العلاج الضروري، وأفادت المادة الأولى من المرسوم السلطاني رقم 118 لسنة 2008 بتعديل الديات والأروش، بأن تُرفع دية النفس إلى خمسة عشر ألف ريال عماني، وتقدر الأروش في الإصابات والجروح من منطلق الدية، وفي جميع الأحوال يعتبر فقد منفعة العضو في حكم فقده، ولا تتعدد دية العضو الواحد بتعدد منافعه، كذلك أكدت المادة الثالثة من ذات المرسوم على أنه تكون الديات والأروش المشار إليها جابرة لجميع الأضرار المادية والمعنوية.
وعليه، فإننا بحاجة لوقفة جادة من القضاء العماني العادل من أجل أن تكون هناك مساواة حقيقية في مقدار الدية التي يجب أن تكون، وأهم من ذلك هو العدل بالمساواة التي طالبنا بها ديننا الحنيف.
إنَّ سلطنة عمان -وهي تعتبر مثالا يحتذى في تطبيق القوانين والتشريعات والأنظمة الدولية الحديثة والسياسات العامة، وهي أيضا قدوة حسنة لكثير من الدول في مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وغيرها من المجالات- من الضروري فيها الحفاظ على هذه النظرة وهذه القواعد وهذه الصدارة بأن نكون دولة متصدرة مُطبِّقة لقوانين الحياة العامة، وأيضاً ان لا نبتعد عن التشريعات السماوية في هذا الجانب الذي قد يكون قليلون من يتحدثون عنها أو يثيرونها لأنه موضوع مهم للغاية، ويخدم فئات المجتمع كافة، والخسارة التي تكون في النفس تكون واقعة على الجميع، فروح المرأة ليست أرخص من روح الرجل، جميعهم سواسية ويجب عدم التفرقة في هذا الجانب، إن كان من خلال الدية أو الأروش ومقدار الإصابات الناجمة؛ حيث إنَّ المرأة كائن مهم تقوم عليه البلد والإنسانية، وكائن فعَّال في المجتمع تقف جنباً إلى جنب مع أخيها الرجل، تؤدي دورها بكل قوة في مواجهة كل التحديات وبمشاركة فعالة في المجتمع؛ فهي الأم والأخت والطبيبة والممرضة والوزيرة والكاتبة والمعلمة والوكيلة وربة البيت وصانعة رجال المستقبل ومؤسسة حضارات وشعوب وقبائل، وهي منبع الحب والسكينة والأمل والتفاؤل.
إيمانُنا كبير بأنَّ القضاء العادل سيقوم بتعديل ما يجب تعديله، وإضافة ما يجب إضافته، ومساندة هذه الأنثى التي تستحق حياة كريمة وحقوق إنسانية سليمة، وكان ذلك كله في يد العادلين في بلدنا الحبيب، والقادرين على صنع القرار والعمل عليه، واتخاذ الإجراءات اللازمة وفق القوانين التي تكفل الحقوق والواجبات وتحفظ الروح الإنسانية وتقدر قيمتها.