مركز ظفار للثقافة والتراث والإبداع.. صرح ثقافي واعد

 

 

تأسَّس المركز بأفكار شبابية من أبناء المحافظة بدافع أساسي يتمثل في إنشاء مؤسسة ثقافية تُعنى بالموروث الثقافي والأدبي وإحياء الإرث الثقافي العُماني

 

د. سالم عبدالله العامري

 

يُعدُّ مركز ظفار للثقافة والتراث والإبداع أوَّل مركز ثقافي أهلي في محافظة ظفار تحت إشراف وزارة الثقافة والرياضة والشباب، ومختص في مجال الفكر والثقافة والإبداع، يهدف لتعزيز الوعي والتنوع الثقافي والتواصل الفعال بين مختلف شرائح المجتمع؛ من خلال تقديم مجموعة متنوعة من الأنشطة والفعاليات والبرامج: التعليمية، والفنية، والثقافية، والترفيهية. كما يسعى المركز لأن يكون مرجعية ثقافية للمجتمع يشجع على الابتكار والإبداع وتوظيف التكنولوجيا الحديثة وإذكاء روح البحث والابتكار ومواكبة التطور السريع؛ بما يُحقِّق مستهدفات رؤية "عُمان 2040" في بناء منظومة شراكة مجتمعية مؤسسية مُتكاملة، تعزِّز الهُوية والمواطنة والترابط والتكافل الاجتماعي، واستثمار مُستدام للتراث والثقافة والفنون.

يُباشر المركز مهامه وأنشطته من مدينة صلالة بمحافظة ظفار؛ كونها تضم مجموعة من المؤسسات الثقافية والاجتماعية والتعليمية المختلفة، والأندية الثقافية والرياضية والشبابية المتعددة التي تُشكِّل نواة العلم والثقافة والأدب في المحافظة، ونقطة تجمُّع والتقاء المبدعين والناشطين من الأدباء والمثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي والاجتماعي والبيئي من داخل المحافظة وخارجها.

تأسَّس المركز بأفكار شبابية من أبناء المحافظة، كان دافعُها الأساسي هو إنشاء مؤسسة ثقافية تُعنى بالموروث الثقافي والأدبي وإحياء الإرث الثقافي العُماني، ويكون لهذه المؤسسة أو المركز حضور فعلي وحيوي على المستويين المحلي والإقليمي، وهكذا بدأ مركز ظفار للثقافة والتراث والإبداع.

تَشرفتُ بالانضمام إلى هذا المركز الأهلي بعد أن تلقَّيت دعوة واتصال من رئيس المركز لحضور لقاء تشاوري وجلسة نقاشية للوقوف على الرؤية والأهداف الإستراتيجية والمقترحات التطويرية للمركز، وذلك برفقة عدد من الزملاء الكتَّاب والأدباء بالمحافظة، وكان لقاءً هادفاً وبنَّاءً خرج بتوصيات ومقترحات تطويرية وموجِّهات عمل مقترحة لتأسيس منظومة متكاملة من شأنها تعزيز الوعي والتنوع الثقافي والإبداعي في المحافظة والسلطنة بشكل عام.

إنَّ الدورَ الذي تقوم به المراكز الثقافية الأهلية هو بلا شك دور رائد وحيوي، ويؤدي رسالة نبيلة مضمُونها الاهتمام بالثقافة والإبداع، والمحافظة على مفردات الثقافة العُمانية المحلية والموروث الحضاري، وتوفير مناخ فكري واجتماعي مُناسب لمختلف شرائح المجتمع، واستثمار طاقاتهم لخدمة المجتمع المحلي في مختلف المجالات: الثقافية، والاجتماعية، والتعليمية، والبيئية. وعلاوة على ذلك تُسهم هذه المراكز الثقافية -بلا شك- في مدِّ جسور التواصل الحضاري والثقافي مع المراكز الثقافية والإعلامية المختلفة وتنمية الحوار بين الثقافات والحضارات محليًّا وعالميًّا.

وبناءً على ما سبق، يسعَى القائمون على مركز ظفار للثقافة والتراث والإبداع -من خلال تقديم المركز لأنشطته وبرامجه المتنوعة- إلى إحداث تغيير إيجابي يستهدف عموم شرائح المجتمع، خصوصاً فئة الشباب، وحملهم على العمل، وتغيير العادات والسلوكيات الخاطئة، وتزويدهم برصيد علمي وثقافي وفكري يُسهم بصورة واضحة في تشكيل الملامح الحضارية للمجتمع العُماني وما تفرضه التنمية ومتطلبات الدولة العصرية الحديثة.

وعلى الرغم من الدور الذي تقوم به المراكز الثقافية في إحداث هذا التغيير والتطوير الإيجابي على المستوى الثقافي، والفكري، والعلمي، إلا أنها لا تزال تواجه الكثير من التحديات والصعوبات التي تحد من دورها في أداء رسالتها على أكمل وجه. وأبرز هذه التحديات: قلة توافر الإمكانات والوسائل المادية والبشرية، وضعف التنسيق والتواصل الحكومي فيما يتعلق بتحسين وتطوير أداء المراكز الثقافية، رغم وجود توافق مجتمعي وأهلي كبير ومقبول تحظى به المراكز الثقافية الأهلية في السلطنة، وبالتالي وجود بعض الداعمين من مختلف القطاعات الأهلية والخاصة، وبعض المؤسسات الحكومية التي تُعنى بالشأن الثقافي والاجتماعي والبلدي في المحافظات.

وختاماً.. إنَّ المراكز الثقافية يُمكنها أن تؤدي دورًا مهمًّا وحيويًّا في إحداث التغيير المنشود لتشكيل ملامح الجيل القادم، ورفع المستوى الثقافي والإبداعي وتوظيف التقنية الحديثة بما يحقق تنظيم وتطوير حراك ثقافي متنوع ومستدام محليًّا وعالميًّا.

تعليق عبر الفيس بوك