جمال فودة لـ"الرؤية": الشعر العماني يرتكز على ثوابت الثقافة التقليدية.. والخلود للعمل الأدبي مسألة نسبية مرتبطة بالمضمون

 

◄ لا يمكن لأيّ لون أدبيّ أنّ يحل محل لون أدبي آخر

◄ الأديب يُقدِّم رؤية ذاتية عبر نصوص إبداعية.. والناقد يطرح رؤية موضوعية

الرؤية- ناصر أبوعون

يقول الدكتور جمال فودة عضو الاتحاد الدولي للغة العربية، إن سبب الاختلاف بين الأديب والناقد في تحديد ملامح الإبداع في النص، يرجع إلى اختلاف الزاوية التي ينظر منها كلاهما للنص، إذ يمثل الأديب الرؤية الذاتية للإبداع، أما زاوية الناقد فتعتمد على الرؤية الموضوعية، فضلاً عن تفاوت الأفكار والمعتقدات وتباين الأذواق، التي لولاها بارت سلع الكثير من الكتاب والأدباء.

ويشير- في تصريحات لـ"الرؤية"- إلى أن لكلّ نوع أو فنّ أدبي ميّزته الخاصّة؛ فلا يمكن لأيّ لون أدبيّ أنّ يحل محل لون أدبي آخر في التعبير عن المشاعر والأفكار والعواطف، موضحا: "فالشعر مثلاً لا طاقة له بالتفاصيل والاستطراد في سرد الوقائع والأحداث، ولا في رصدها وتفسيرها، والوقوف على نتائجها وأسبابها، فهذا عمل الرواية، وإن كانت المنافسة بين فنون الأدب قائمة منذ القدم، ولكن في العصر الحديث تكاد الحواجز النوعية بين فنون الأدب تتلاشى، فالشاعر يصوغ قصائده في شكل قصصي، والراوي يبدع في رسم صوره الخيالية التي تصف أبطاله".

ويبين فودة: "لولا الأدب ما كان النقد، والعلاقة بين الأدب والنقد علاقة جدلية، من ناحية التأثّر والتأثير؛ فكثيرمن النظريات النقدية مستوحاة من إبداعات كبار الشعراء والأدباء، تلك النظريات التي أسست فيما بعد لمذاهب أدبية نقدية كالرومانسية والرمزية والسريالية، وغيرها، ثم ما يلبث الفعل النقدي والنظري التراكميّ أن يضع الأسس والمناهج المتعلقة بهذه الفنون الأدبية، فتصبح بمثابة خصائص وركائز لا يستطيع الأدباء التغافل عنها، شعورياً أو لا شعورياً، أثناء فعلهم الإبداعيّ".

ويرى الدكتور جمال فودة أن الإبداع في مجال الأدب يحتاج إلى العمل الدؤوب والتميز والتجديد، لافتا إلى أن العمل الأدبي يمكن أن يكتب له الخود بما يحتويه من مضمون إنساني يتجاوز حدود الزمان والمكان، فضلاً عما يملك من عناصر فنية وإبداعية مميزة تضمن له التفرد في بابه، وخير مثال على ذلك قصائد أبي الطيب المتنبي.

ويتابع قائلا: "النقد الموضوعي، أو موضوعية الناقد سمة لا تأتي من الفراغ، وإنما تستند إلى علم ومعرفة وفهم وذوق وممارسة، وإن كان الذوق أساس النقد ولكن ليس كل ما يقال يعتد به، فليس للناقد أن يخرج على ما اتفق سابقوه، هذا فضلاً عن البعد عن الهوى في الأحكام النقدية قدرَ الإمكان".

ويعتبر قودة أن المسابقات الشعرية التي ازدهرت في السنوات الأخيرة بصورة غير مسبوقة، خاصة عبر منابر القنوات الفضائية الشعبية، تعد رافداً من روافد الحركة الشعرية، وإن اختلفت أهدافها حسب توجه منظميها؛ فهناك الأهداف الأدبية والثقافية، وهناك الأهداف الوطنية، في حين يغلب على أكثر هذه المسابقات الأهداف التجارية.

ويؤكد أن الشعر العُماني ارتكز على ثوابت الثقافة التقليدية، ولقد تركت هذه الثقافة التقليدية بصماتها في أساليب الكتابة الشعرية، وطبعتها بطابع القوة والجزالة، وأصبحت النصوص الدينية مصدرا مهما من مصادر التجربة الشعرية، وظهرت على أنماط متعددة من التناصات والتعالقات الفنية في بنية القصائد، ويبدو هذا الأمر جلياً في أشعار السالمي والخليلي والرواحي والنبهاني والستالي والسيابي، وغيرهم، مضيفا: "في العصر الحديث ظهرت ازدواجية التعبير الشعري كمحصلة حتمية ونتيجة فعلية للنقلة الحضارية التي عاشها الشعراء في مرحلة النهضة الحديثة، وما ترتب عليها من تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية أسهمت في خلق ظروف نفسية أخذت أثرت كثيراً في طبيعة الشعراء، وانعكس ذلك على قصائدهم، ومن هؤلاء سيف الرحبي، سماء عيسى، محمد الحارثي، وعبد الله الريامي، وناصر العلوي، ومبارك العامري، وعاصم السعيدي، ومحمد اليحيائي وغيرهم".

يشار إلى أن الدكتور جمال فودة حاصل على المركز الثالث على مستوى الوطن العربي في النقد الأدبي من المنظمة العالمية للإبداع بلندن، وله مؤلفات أدبية ونقدية ولغوية، منها: "ظاهرة الاغتراب في شعر مجاهد عبد المنعم مجاهد" (دراسة فنية) (منشورات كلية الآداب جامعة بنها، ومكتبة عبد العزيز البابطين بالكويت)، و"مستويات البناء الشعري" (دراسة أسلوبية) منشورات كلية الآداب جامعة الزقازيق، ومكتبة العبيكان بالمملكة العربية السعودية)، و"بنية التضاد في شعر الستالي" (دراسة فنية موضوعية) منشورات (مكتبة العبيكان) المملكة العربية السعودية، و"مائة سؤال وجواب في قضايا النحو والإعراب"، منشورات (مكتبة الهلال/ سلطنة عمان)، و(مكتبة العبيكان) المملكة العربية السعودية، كما نُشرت مقالاته في عدة صحف ومجلات عربية.

 

تعليق عبر الفيس بوك