من يتحمل مسؤولية وفاة الطلبة؟

 

 

حمد الحضرمي **

 

 

الأحداث والوقائع المؤلمة والمحزنة التي تعرض لها أبناؤنا الطلبة بمدرسة الحواري للتعليم الأساسي بتعليمية محافظة شمال الشرقية والتي راح ضحيتها عشرة من الطلبة الأبرياء نتيجة الأمطار الغزيرة التي تعرضت لها المحافظة يوم الأحد، لهي أمر مؤسف ومحزن حقًا قد تألم الجميع لحدوثه. وتتحمل الجهة المعنية ومسؤولوها المعنيون بالأمر مسؤولية ما حدث، نتيجة فشلهم في اتخاذ القرار اللازم والمناسب في وقته، حفاظًا على أمن وسلامة وأرواح الطلبة من أي ضرر يلحق بهم.

والثابت من الوهلة الأولى أنَّ الوزارة المعنية قد فشلت في القيام بمسؤولياتها وواجباتها الموكولة إليها، ولم تقم باتخاذ الإجراءات الاحترازية والاستباقية لمثل هذه الحالات، كتعليق الدراسة وتحويلها عن بعد، رغم التنبيهات الصادرة من المركز الوطني للإنذار المبكر من المخاطر المتعددة، والذي أصدر تنبيهاته بغزارة الأمطار المتوقعة.

ما حدث يثبت من الوهلة الأولى وبالدليل الإهمال والتقصير من مسؤولي الوزارة المعنية، الذين يتحملون المسؤولية نتيجة أخطائهم والتبعات المأساوية التي لحقت بأرواح الطلبة وأسرهم المفجوعة بوفاة أبنائهم المفاجئة والذين ما زالوا ببهجة وفرحة العيد. والمصيبة أن الوزارة كما يبدو بأنها قد أولت بروتوكولها الإداري أولوية واهتماماً أكبر من بروتوكول السلامة وأمن وحماية أرواح الطلبة، وقد تسببت بهذا الموقف السلبي بأضرار بالغة راح ضحيتها طلبة صغار السن أبرياء، وتعرض طلبة آخرون لأضرار نفسية كبيرة وهم يحاولون النجاة من الموت ومصارعة الأودية الجارفة والأمطار الغزيرة.

وقد ضاقت وانقطعت السبل بعدد كبير من الطلبة فوجدوا أنفسهم عالقين ومحتجزين بين الأودية، وخاطر بعضهم بحياته للوصول لمكان آمن. وقد أصبح الناجون من الطلبة  في حالات نفسية صعبة من الخوف والفزع والرعب والقلق والتوتر الشديد، وستبقى هذه الأحداث الصعبة عالقة في عقولهم لفترات طويلة وستؤثر على حياتهم النفسية، لأنها أحداث مؤلمة ومؤثرة تتجاوز ما يمتلكه هؤلاء الطلبة الصغار من قدرات وإمكانيات ومهارات عقلية وبشرية في التعامل مع مثل هذه الأحداث العصيبة.

كما كشفت المعطيات والشواهد على أرض الواقع فشل الوزارة المعنية في التصرف السليم في الوقت المُناسب، وعدم تمكنها من القيام بمسؤولياتها وواجباتها في تحديد المخاطر وتقييمها وتأثيرها وعواقبها المحتملة، لكون هذه الحالة المناخية حدوثها متكرر وليس بجديد، والمركز الوطني للإنذار المبكر من المخاطر المتعددة قد أصدر تنبيهاته بغزارة الأمطار المتوقعة لأخذ الحيطة والحذر من الجميع، فكان لازمًا على الوزارة المعنية اتخاذ الإجراءات الاحترازية السريعة في وقتها المناسب وقبل فوات الأوان لمنع حدوث خطر متوقع حدوثه، ولتجنب العواقب الوخيمة والسلبية التي تؤثر على الآخرين، ولحفظ أمن وسلامة وأرواح الطلبة.

ما حدث كان سببه الرئيسي عدم اتخاذ القرار المناسب من الوزارة المعنية بالأمر في وقته، وهذا دليل عدم القدرة والكفاءة من المسؤولين في تحمل المسؤولية والواجبات والأمانة، وضعف في القيادة والإدارة، وهذا الحدث المأساوي يتطلب من أصحاب القرار تشكيل لجنة تحقيق من الجهات المختصة للتحقيق في الواقعة وكشف ملابساتها ومساءلة ومحاسبة كل مسؤول قد قصَّر أو أهمل في القيام بمسؤولياته وواجباته وعن من يتولى رقابته والإشراف عليه، وإرجاع الحقوق لأصحابها وجبر الأضرار التي لحقت بالأرواح والممتلكات، من منطلق المبدأ الإسلامي العظيم "لا ضرر ولا ضرار والضرر يزال".

وفي هذا الحدث الحزين نتقدم بخالص العزاء والمواساة لأهل وذوي طلبة مدرسة الحواري للتعليم الأساسي بتعليمية محافظة شمال الشرقية الذين وافتهم المنية يوم أمس، وندعو الله أن يتغمد الطلبة بواسع رحمته ويسكنهم فسيح جناته مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا، "إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ".

** محامٍ ومستشار قانوني