العصفور الأزرق

 

قصة: سعود بن حمد الطائي

 

كان منصور معتادًا كل صباح أن يدع شرفة الغرفة مفتوحة. وكان طائر أزرق يأتي كل صباح ويقف على الشرفة ثم يبدأ في الغناء.

تعلَّق منصور بحب ذلك الطائر الجميل وتعلَّق الطائر الأزرق أيضًا بتلك الشرفة الصغيرة، وكان منصور يضع كل صباح إناءً صغيرًا يملؤه بماء بارد قليل وبعضا من حبوب القمح، وكان الطائر الأزرق يشرب القليل من الماء ويتناول بعضا من الحبوب ثم ينظر إلى منصور ويبتسم قبل أن يناديه الصباح ويذهب إلى عوالمه الجميلة الأخرى.

وفي أحد الأيام المشمسة فتح منصور شرفة المنزل وترك إناء الماء في مكانه المعتاد، ووضع حبات قليلة من القمح؛ ولكن الطائر الجميل لم يأتِ، ولكن غناءه وشدو ألحانه ظل يروح ويجيء، وجاءت طيور أخرى مختلفة الألوان تبحث عن الطائر الجميل الأزرق وبقيت على تلك الشرفة الصغيرة لفترة قصيرة، ثم غادرت هي الأخرى دامعة العين كسيرة الخاطر. ورغم غياب الطائر الأزرق فقد ترك منصور شرفته مفتوحة.

بعيدًا عن الشرفة الصغيرة وفي إحدى القرى البعيدة حط طائر أزرق جميل على غصن شجرة مورقة وبدأ يشدو بصوت رقيق ومن أحد بيوت القرية خرجت طفلة صغيرة ترتدي ثوبا أبيض رسمت عليه عصافير زرقاء.

أحضرت الطفلة الصغيرة القليل من الماء العذب وبعضا من قطع الخبز الصغيرة وضعتها تحت الشجرة، وظلت ترنو إلى الطائر الجميل وكأنها كانت على موعد رقيق مع ذلك الطائر الصغير.

كانت الفتاة الصغيرة تضع الماء في إناء صغير على صخرة تحت الشجرة وتنثر عليها كسرات الخبز اللتي تحضرها من بيت والديها، ثم تأخذ في مناجاة الطائر الأزرق وتحدثه عن حبها لوالديها وأخوتها وجميع ساكني تلك القرية، وكان الطائر يمضي سعيدا في الغناء والشدو، وفي إحدى المرات توقف فجأة عن الغناء، وبدأ في العويل.. تفاجأت الطفلة الصغيرة ولم تعرف سبب تحول شدوه إلى لحن جنائزيّ.

ومن خلف الصخرة خرج ثعبان أسود واقترب من الفتاة الصغيرة؛ فشاهده الطائر الأزرق وانقضَّ عليه مانعًا له أن يؤذيها بسمه الزُّعاف.

فوجئ الثعبان بالطائر ينقضُّ عليه من السماء فجمع ما له من قوة ولدغ الطائر الصغير.

دهشت الفتاة لهول المنظر، وأخذت الطائر عنوة من فك الثعبان، ولكن السم قد أخذ يسري في جسمه الصغير، ثم توقف قلبه عن الخفقان، وعيناه تنظران إلى الفتاة الصغيرة وانقطعت ألحانه وشدوه الجميل.

ولكن الشرفة ظلت مفتوحة.. في انتظاره!

تعليق عبر الفيس بوك