أيمن السالمي وثقافة الاختلاف

 

زكريا الحسني

 

كلمة للذين يهاجمون الدكتور أيمن السالمي، فأقول لهم حينما اخترع صمويل كولت المسدس، قال "اليوم يتساوى الشجاع والجبان"، وعندما اخترع مارك زوكربرج فيسبوك قال: "اليوم يتساوى الجاهل والعالم".

ينبغي أن نواجه الحجة بالحجة، والبرهان بالبرهان، والفكرة بالفكرة، ليحدث منهج الموضوعية والمنطقية، أما إذا اتجهنا للشخصنة والهجوم على الأشخاص في ذواتهم، فهنا يبدأ انحراف مسار منهج الاختلاف؛ فالاختلاف وارد وسُنة كونية، لكن نناقش ونحاور للمقاربة والتبيان؛ فاختلاف الرأي لا يفسد للود قضية.

مواقع التواصل الاجتماعي أتاحت للجميع التعبير عن رأيهم، لذلك نرى الغث والسمين، ونرى التنمر بكافة مستوياته وأشكاله جليًا بالظهور واستعراض ما يفقده الإنسان من قيمة ومعنى على شكل هجوم أو استنقاص من الآخرين. يا أيها الإنسان إذا كنت تعاني فهذا لا يعطيك الحق في تصنيف الآخرين كما تشاء عاملوا الناس بما يظهرونه لكم، والله يتولّى مافي صدورهم.

ليس من الذوق ولا من الأعراف ولا الإنسانية التعبير بهذه الألفاظ التي تقع في الحضيض، ولكن كثيرا من الناس استساغوا مواقع التواصل الاجتماعي في التنفيس عن مشاعرهم المضطربة على هيئة انتقاد وآراء.

يقول المولى عز وجل: "فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ" (الرعد: 17)، لكن مهما علا هذا الباطل، فإن ما يبقى وينجح دائمًا في النهاية، هو العمل والقول والفعل الحق الذي ينفع الناس، أما ما لا قيمة له فيذهب جفاء.

معظم البشر يرون الآخرون من منطلق أفكارهم ومشاعرهم وتجاربهم، وهذا التصنيف يخلق حالة من الاستنقاص والتقليل من شأن الآخرين.

هذا السلوك لا يتوافق مع المنطق والتفكير الإنساني السليم؛ حيث يجب على الإنسان أن يحكم على الآخرين بناءً على معايير موضوعية وليس انطباعات شخصية قد تكون مشوهة بسبب التجارب الذاتية.

ثقافة الاختلاف معنا أصبحت كالعلاف فإذا اختلفنا مع الآخرين فهذا الاختلاف لا يتيح لنا التعدي على الآخرين واتقوا الله في ذمم الناس ليس بأيدينا توصيفها كما نشاء

بعض الجمهور كالوحش الهائج لا تعلم كيف يتصرف. استذكر تجربة قامت بها ماريَّنا إبراموفيك قامت سنة 1974 بخوض تجربة لتتعرف أكثر على تصرفات البشر إذا منحت لهم حرية القرار بدون شرط.. فقامت بالتجربة التالية قررت أن تقف لمدة 6 ساعات متواصلة بدون حراك وأتاحت للجماهير أن يفعلوا بها ما يريدون.. ووضعت بجانبها طاولة بها العديد من الأدوات منها سكين، ومسدس، والأزهار.. وهكذا.

ببداية الأمر كان رد فعل الجماهير سلمياً فاكتفوا بالوقوف أمامها ومشاهدتها.. ولكن هذا لم يستمر كثيرًا فبعدما تأكد الجماهير أنها لن تقوم بالقيام بأي رد فعل مهما كان تصرفهم تجاهها. أصبحت الجماهير أكثر عدوانية، فقاموا بتمزيق ملابسها، وقام أحدهم بوضع المسدس على رأسها، لكن أحد الأشخاص تدخل وأخذ المسدس منه، وقاموا بنكزها ببطنها بأشواك الأزهار. وتحرش البعض بها. وبعد أن انتهت الـ6 ساعات تحركت مارينا من مكانها بدون اتخاذ أي رد فعل عدواني تجاه الجماهير. وبمجرد أن بدأت بالتحرك، همَّ الجماهير بالفرار.

هذه التجربة أثبتت لمارينا أن البشر الذين نتعامل معهم يوميًا مهما اختلف عرقهم وسنهم وخلفياتهم قادرون على أرتكاب أفعال شنيعة، ولكن إن أتحيت لهم الفرصة فقط.

هذا ما يجبرنا على أن نقر دوما بأن السلطة بحاجة إلى القوة وأن الحرية لا يمكن أن تمنح بصورة مطلقة دون رادع أو قانون ينظمها إن حريتنا الشخصية تقف عند حدود الآخرين أتمنى أن يفهم الإنسان الحرية قبل أن يطالب بها.

يقول المولى عزوجل "ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك" (آل عمران: 159).

تعليق عبر الفيس بوك