المصلحة العامة والمشهد الثقافي

 

 

سارة البريكية

sara_albreiki@hotmail.com

في هذه الأثناء، تدور انتخابات جديدة سواء كانت في جمعية الصحفيين أو جمعية الكتاب والأدباء، أو بعض المجالس الأدبية والثقافية، لضخ دماء جديدة وتجديد النشاط، وربما السعي لتقديم الأفضل، من غير منقصة من الذين كانوا في ذلك المكان، ولكنَّ التجديد مطلوب.

وعندما نتحدَّث عن ضخ دماء جديدة لتعزيز المشهد الثقافي في البلد، فإننا ندرك أنَّ هذا الأمر صحي للغاية، ووجب التنبيه له، ووجب تفعيله بشكل دوري، إن لم يكن سنويا فليكن على الأقل على مدار 4 سنوات، وهكذا نضمن أن الإدارة الجديدة سيكون بمقدورها العمل والبناء طيلة السنوات التي ستكون بها أمام خط الإنجاز وخط العطاء وخط التقدم وخط البناء وخط إعطاء الأولوية وكل الأولوية للمشهد الثقافي بدون التفكير بالمصلحة الذاتية.

والشخص المناط به قيادة ما، يجب أن يحترم النظام والعمل الموكل إليه، احتراما يُشار إليه بالبنان، وأن يجتهد لينجز ويدفع بالمشهد الثقافي عاليا في ظل متغيرات الحياة واختلاف البيئات في عصر التكنولوجيا والسرعة والتطور والزمن المتسارع.

ومن ناحية أخرى، أرى أنَّه لا بُد لنا من اختيار الأنسب والأفضل للمشهد والحراك الثقافي، ومن نرى أنه الأكفأ لتسيير عجلة القيادة على ما يرام، وأن لا يتأثر العمل القديم والجديد فكل واحد من الأعضاء مُكمِّل للآخر.

نعم للتجديد، ونعم للتطوير، ونعم للجديد الذي أتى مادًّا كفيه بحُبٍّ؛ لأنه يحب ذلك المجال ويسعى من أجل رفع اسم الكيان الذي يُمثله حق تمثيل، ونعم للتغيير، ونعم لإعطاء الفرص، ونعم لاتخاذ قرارات جديدة تُسهم في تجديد الحركة الأدبية والاشتغال عليها جيدا، فنحن في زمن تكاد تكون الثقافة فيه آخر الاهتمامات، إن لم نشتغل على إبرازها بالطريقة التي تجعلها متاحة دائما، وتربية النشء عليها باهتمام دائم وحرص بالغ، وجعلها متاحة في كل الميادين.

ونحن في طريقنا للتجديد، علينا أن لا نهضم مكانة الآخرين، إنما نقف معا ونشجِّع بعضنا البعض، وأنْ لا نستبد لكي نملك المجال كله لنا، فالثقافة أنْ نتشارك الآراء والأفكار والخبرات، وأن نقف جنبا إلى جنب لخدمة الصورة الأدبية والمشهد الثقافي في البلد.

لا للتحزُّبات ولا للانقسامات ولا للزوبعة التي ليس من شأنها إلا خدمة سين من الناس، وقد رأينا في الآونة الأخيرة بعض التحزبات والانقسامات التي كانت في التوقيت الخطأ، وكانت بمثابة قشة لهدم سنوات من العمل والتعاون عندما كانت القلوب أكثر سماحة وصفاء، وكان الجميع يعمل لخدمة الكيان الثقافي لا لخدمة نفسه ولا للتفكير بإبراز اسمه على حساب الآخرين.

كان يجب لنا أن نقف، وأن لا ننجر خلف ما يدور ويحدث في المشهد، وكان يجب أن نتخذ بعض القرارات التي لم تأتِ من فراغ، وإنما بعد عدة حوارات لم تُجدِ نفعا وكان كل طرف يفكر بشيء مُختلف، فعندما تطغى المصالح الشخصية على المصالح العامة، هنا يهتز الكيان أيًّا ما كان نوعه، وأيًّا ما كان ما يقدمه، وأيًّا ما كان موقعه وعمله.

ومن هنا، أوجِّه رسالة لكل من بيده اتخاذ القرار، أن يفكر مليا بمن سيُعطِيه صوته ليُكمل مسيرة البناء والعمل والعطاء، وأن لا يجعل العلاقات والمصالح الشخصية تؤثِّر على اختياره، فأنت في نهاية المطاف ستختار من يمثلك ومن سيعطي ذلك الكيان من قلبه وروحه وعقله أكثر، ولن يتأفف في خدمتك يوما، ولن يُغلِّب مصالحه على مصلحة الثقافة والأدب والوعي والنهوض، وسيكون نُصب عينيه الاهتمام بمصلحة المثقف والكاتب والأديب، ورسم صورة مشرفة للمشهد العام.