راشد بن حميد الراشدي **
وطنٌ ينعم بخيرات كثيرة وشباب في مقتبل العمر بكفاءة عالية وهمم وقادة وخبرات عالية، وبينما يبحث 100 ألف مواطن عن عمل وفي قطاعات يستطيع أبناء الوطن العمل فيها بكفاءة عالية، ترتفع أعداد العمالة غير العُمانية إلى أكثر من 1.8 مليون!!
هذه معادلة صعبة على فهم خوارزمية لُغزها، فأين يكمن الخلل الذي لو فكّر في حله مواطن بسيط لحل معضلته وخوارزميته في ثوانٍ بسيطة؛ فالأرقام تعطيك الحلول والنتائج المُباشرة لقضية تؤرق كل بيت وتغلق كل أبواب البطالة التي يعيشها عدد من أبناء عُمان في أوطانهم بين باحث ومُسرح من عمله.
إذن أين الخلل في أرقام رسمية مُعلنة بلا حلول فورية وبين أعداد كبيرة من العاملين غير العمانيين، دون تنفيذ قرارات الإحلال.
إن ما يحدث اليوم من صعوبة توظيف أبناء الوطن في القطاعين العام والخاص أمر يستدعي الدراسة، فأبناء عمان يقفون في طوابير العمل لسنوات طويلة دون الحصول على وظيفة تسد رمقهم وتُحسن من مستواهم المعيشي وهم يقفون أمام أبواب التوظيف بالآلاف من أجل وظيفة مُعلنة يتنافسون للحصول عليها، والمسؤولون يعلمون ويعلنون تلك الأرقام، مع ضعف جهود المؤسسات المعنية بتنظيم سوق العمل لمتابعة هذا الملف المهم، وبينما مئات الآلاف من العاملين غير العمانيين مستقرين في وظائفهم نجد خريجين معطلين عن العمل، ما يمثل عبئًا كبيرًا على أُسرهم.
اليوم وللأسف الشديد كل الطرق تؤدي إلى زيادة عدد المواطنين من باحثين عن عمل ومسرحين وآخرين لم يحالفهم الحظ في ريادة الأعمال، فكيف بخريج الجامعة أن يحصل على وظيفة براتب لا يتجاوز 600 ريال، والذي يذهب إلى مصاريف النقل والسكن والتغذية ومتطلباته اليومية، في ظل الارتفاع الكبير في الأسعار، وكيف لصاحب مؤسسة صغيرة ومتوسطة الوقوف على قدميه في ظل منافسة الوافدين له، وغياب تطبيق القوانين التي تحميه، فضلًا عن ارتفاع تكلفة تأسيس أعمال خاصة وعدم وجود الخبرة في إدارة الأعمال والمشاريع.
معيقات كثيرة أمام الشباب يجب وضع الحلول لها، من أغرب المُعيقات أن معظم الوظائف تشترط توافر الخبرة لدى المتقدم للعمل، فما حال الخريج الجديد؟! من أين يأتي بالخبرة، في ظل عدم توافر فرص التدريب والتأهيل لكل الباحثين عن عمل؟
إنَّ ملف التوظيف يحتاج إرادة قوية من المسؤولين وأصحاب الشركات التي تُفضِّل العامل غير العُماني على العامل العماني. لذا يجب الإسراع في معالجة هذا الملف الوطني المهم قبل أن تتفاقم الأوضاع، فالشباب هم عماد الوطن ومستقبله، ولو استمر هدر طاقاتهم وتهميشهم، فلا نعلم ماذا سيكون الحال مستقبلًا!
إنني أناشد جميع الجهات المعنية والمسؤولين أصحاب العلاقة، ضرورة حسم هذا الملف من خلال المقترحات التالية:
- ضرورة وضع استراتيجة وطنية فاعلة للقضاء على البطالة لتصل إلى صفر بطالة في جميع فئات الشباب.
- توظيف المواطن العماني وتشغيله يجب أن يكون أولوية الحكومة ثم تأتي أية مشاريع أخرى، مع تأجيل المشاريع غير المستعجلة، واتخاذ كل القرارات التي يمكن أن تخفف من أزمة التوظيف.
- رفع الحد الأدنى للأجور كي يتناسب مع احتياجات المواطن وغلاء المعيشة ومتطلبات الحياة الكريمة، مع الوضع في عين الاعتبار الخلفية الأكاديمية للخريج، فحامل شهادة البكالوريس يختلف عن صاحب شهادة الدبلوم، وهكذا.
- إدراج بند في الميزانية العامة للدولة سنويًا يتعلق بمُستهدفات التوظيف، وأن تُعلن كل جهة عن خطتها للتوظيف في بداية كل عام.
- إلزام الشركات التي تفوز بمناقصات بنسبة توظيف معنية للمواطنين، على أن تزيد النسبة مع زيادة عدد المناقصات التي تحصل عليها الشركة.
- تشديد الرقابة على الشركات المخالفة لقانون العمل، وتغليظ العقوبات في حال عدم الالتزام بقرارات الإحلال.
وأخيرًا.. إنَّ وضع حلول واستراتيجيات وطنية لمعالجة ملف التوظيف سيؤتي ثماره في أسرع وقت، خاصة إذا توفَّرت الإرادة والقوانين الداعمة لإحلال الباحث عن عمل والمُسرح بدلا من العامل غير العماني، والاستفادة من مئات الآلاف من الفرص، إذا ما طبّقنا الإحلال والتعمين على أكمل وجه.
حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها وأسبغ عليهم نعمه، ظاهرةً وباطنةً.
** عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العُمانية