زخات المطر.. وما بعد!

 

سارة البريكية

sara_albreiki@hotmail.com

 

 

يحين موعد الأمطار التي نترقبها بعد انتظار ووقت طويل لتتساقط على المنازل والشوارع والمدائن والحواري القديمة وأزقة الطرقات والممرات المكتظة بالذكريات والأيام السالفة وتهب رياحٌ من نسمات الهواء العليل وما بين هذا وذاك تهبط الأودية فيخضر الزرع وتنبت سنابل القمح والياسمين والورد الجبلي فتكتمل صورة جمالية لم يبدعها بشر ولم ينتجها مرسم وتفوح عطور الرياحين والنرجس، لكن رغم تلك المناظر الجميلة ورغم تلك المشاعر الدفينة التي تروادنا مع نزول الأمطار نتفاجئ بما يحدث وأنه رغم كل التحذيرات ورغم كل الهتافات ورغم كل التنبيهات لا تزال هنالك عقول لا تعي حجم مرارة الفقد والتضحية والمجازة ورحيل الأطفال، هذا ما وصل إلينا من أخبار؛ إذ إنَّ فقدان 7 أرواح بينهم أطفال في الأودية هذا أمر محزن وأمر متعب وأمر لا يتقبله العقل والقلب عندما يتحدان ولكن رغم ذلك فهو أمر حاصل ونهايات مأساوية كتبها المطر.

لم يكن المطر يعلم بكل ذلك الذي حدث فقد جاء ليسعدنا بعد طول انتظار وطول غياب إلا أن التصرفات اللاعقلانية هي التي أودت بحياة الضحايا وأودت بقلوب أهل عمان فرحيل فرد واحد تحزن عليه دولة فما بالك برحيل كبير كيف للقلب أن يهدأ؟!

إننا ونحن نشهد منخفض الوبل وعندما تصلنا تلك الأخبار المؤسفة نحزن ونتأسف ونناشد الجهات المسؤولة بوضع قوانين صارمة للحد من مثل هذه الظواهر المتكررة عند نزول الأودية وعند نزول الأمطار فيا حبذا من وضع قوانين وعقوبات لكل مرتادي الأودية ولكل المجازفين ولكن العابثين بالأرواح والمستهترين بالأنفس والذين لا يملكون أدنى مسؤولية على أنفسهم وأهلهم وذويهم ويعرضون حياتهم للخطر الجسيم وللموت المطلق.

إن ما يحدث من تكرار تلك المشاهد ومن مجازفة أفراد الشرطة والدفاع المدني بأرواحهم لأجل الوطن والمواطن هو أمر يجعلنا في مسائلة إذ إنه لو حفظ كل شخص نفسه لن تحدث تلك المآسي ولن يفقد الآخرون أرواحهم في سبيل إنقاذ أرواح أخرى.

ونحن نشهد ونعيش أيام منخفض الوبل وتزايد كميات الأمطار نشكر الله ونحمده أولاً على هذه النعمة العظيمة التي حبانا بها ونسأله أن يحفظ عُمان وأهل الخليج والوطن العربي  من كل سوء وشر ومكروه وأن يجعلها أمطار خير وبركة على البلاد والعباد.

ولقد تحقق الكثير من منجزات في السلطنة في هذا الجانب، منها تعدُّد السدود ومنها سد وادي ضيقة وهو يعتبر أكبر سد للتخزين السطحي في سلطنة عُمان ويعد من أهم مشاريع الاستدامة المائية ومزارًا سياحيًّا، وتبلغ السعة التخزينية للسد 100 مليون م³ هي من المنجزات المهمة والتي تنصب في خدمة الثروة الزراعية والحيوانية والبشرية في السلطنة.

لكننا عندما نرى في الجانب الآخر كمية المجازفات التي تحدث وتزايد في عدد الضحايا نرى أنه لابد من وجود تلك العقوبات الصارمة وأيضا أن يكون هناك حصص تعليمية في المدارس بين الحين والآخر للتثقيف وتعليم النشء على خطورة المجازفة بالأرواح في تلك الأودية والأجواء الممطرة وأنه من الضرورة بمكان وضع منهج خاص بثقافة الأجواء والأودية والأمطار لتجنب حدوث ما يتم حدوثه ولتوعية الجيل القادم وأن يكون الجيل القادم ذا دراية بما له وما عليه.

من جانب آخر لا بُد من وجود حلول تصريف مستدامة للمياه المتجمعة في الشوارع والطرقات لكي تصبح الحركة سلسة ومرنة بحيث لا تتعطل الحياة لمجرد نزول الأمطار وتتوقف بشكل تام.

من هنا أوجِّه رسالة عاجلة إلى كل المسؤولين لأن يسارعوا في تصحيح الأخطاء التي تودي بأرواح البشر وتعطل الحركة والتسريع في إيجاد حلول لتصريف المياه في أنحاء السلطنة كي نكون دولة عصرية متكاملة في كل المجالات.

حفظ الله عُمان ومن يسكنها وجلالة السلطان.