هل استسلمنا للعدو؟

 

راشد بن حميد الراشدي

لم أرَ ولم أسمع عبر مجريات التاريخ ضعفًا مرَّ على أمتنا مثل الذي يحدث اليوم، حيث يبدو أنَّ الجميع استسلم لعدو جاثم على صدر أمة قوامها أكثر من مليار مسلم منذ أكثر من 70 عامًا.

لن يسامحنا التاريخ على إبادة شعب بأكمله والفتك بأهله وإعدامهم أمام مرأى ومسمع الجميع بحجج بني صهيون وأقاويلهم الكاذبة. أي ذل وأي مهانة وصلنا إليها وكُبِلنا بأصفادها أكثر مما نراه اليوم؟ وأي عار نعيشه اليوم من أيامنا وليالينا العصيبة المظلمة؟ وأي عزة نرجوها بعد ذلك وقد سمحنا لظالم مغرور أن يعتدي على أهلنا وحُرماتنا؟ وأي تقدير ونصر وكرامة ننتظر وقد فرطنا في شبابنا وشجعان الأمة.

اليوم غزة تُباد وبحكم قضائي من ظُلام العالم والحاقدين الفاسدين المفسدين في الأرض الذين عاثوا فسادًا في الأرض، والويل ثم الويل لمن ناصرهم وشايعهم ومشى في طريق ضلالتهم، فهم أخبث أهل الأرض، وهم قتلة الأنبياء والأطفال والشيوخ والنساء منذ الأزل، قبَّحهم الله وأخزاهم.

أين عقلاء أمة الإسلام والعالم وأحرارها من هذه الأفعال المقيتة الوحشية الغاشمة؟ وأين المنظمات والهيئات الماجنة التي تنادي بالحقوق الإنسانية وكرامة الإنسان وترصدها في الشعوب الضعيفة لتُملي عليها شروطها وتستعرض قدرتها وتصمت اليوم على جرائم حرب وصلت رائحتها أقطار السموات والأرض.

اليوم استخدم العدو المحتل كل وسائل الإجرام التي بيديه وبأريحية تامة دون أن يرقب إلًّا ولا ذمّة من الشعوب كلها وبدون خوف أو تردد؛ لأنه ليس هناك رقيب ولا حسيب يخاف منه، فهي نكبة أمة نائمة ضائعة تائهة مستسلمة، وأنظمة وحكومات قُيِّدَت أيديهم وكُبلت أفعالهم وكُمِّمت أفواههم.

كيف نتصالح مع أنفسنا ونحن نرى قصف شعب أعزل لأكثر من 130 يومًا، عاثت كلاب اليهود فيها فسادًا وتقتيلًا لأمة مسلمة مسالمة لا تبتغي سوى عيش كريم في أوطانها.

اليوم نأمل أن تنهض الأمم والشعوب وتعود إلى رشدها وتزمجر وتنتفض ضد عدوها وعدو الله ورسوله في حدث مجلجل سوف يهز- بعزيمة المؤمن- ذلك الكيان الغاصب ويسقط عروش اليهود الطغاة من تحت أقدامهم ويسموهم سوء العذاب بما قدمته أيديهم وأفعالهم النتنة التي ألبست ثوب الباطل على الحق وثوب الذل على العزة فالنصر قادم لا محاله والفجر مشرق برجاله (وإن غدا لناظره قريب بإذن الله).

طفح الكيل وساد الظلام وكُبحت حماسة الأحرار، وبقي المنافقون والمستسلمون في دروب المستبدين في الأرض يسيرون على خطى يهود خائنين لله ورسوله؛ حيث بقيت بوارق الأمل التي سطرها اليوم أبطال غزة الشرفاء، فهم البقية الباقية من شرفاء الأرض وشرفاء المسلمين الذين تعلقت بأفعالهم وتضحياتهم أروح الصالحين التواقين إلى نصر الله وكرامة وعزة البشر، فما أثبتته الأيام من صمت الشعوب على أفعال حفنة من الطغاة سيعود عليهم بالويل الشديد.

أيها المسلمون جاهدوا عن دينكم وكرامتكم وأخلاقكم وارفعوا راياتكم، فلن يَنصُر الإسلام سوى ما نصره من قبل، وما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، والله سينصر عباده الصالحين بإذنه، والأيام دول بين بني البشر، وسيخزي الله الظالمين ويمزق اليهود الكافرين.