مشعل الأحمد في مسقط

 

يوسف عوض العازمي

@alzmi1969

 

"العلاقات الكويتية- العُمانية تسير بخطوات ثابتة وفقًا لمنهج واضح وبعزيمة لا تلين؛ إذ تجمعهما أواصر المحبة ووحدة المصير والأهداف المشتركة تحت ظل قيادتي البلدين الشقيقين" محمد ناصر الهاجري (1).

 

*********

يقوم الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت بزيارة دولة إلى سلطنة عُمان بدعوة رسمية من أخيه السلطان هيثم بن طارق آل سعيد سلطان عُمان، وهي الزيارة الخارجية الثانية لسمو أمير دولة الكويت منذ توليه مقاليد الحكم؛ حيث كانت الأولى إلى المملكة العربية السعودية.

وليس غريبًا تبادل الزيارات بين البلدين الشقيقين؛ إذ يرتبط البلدان بتاريخ عريق منذ قرون حيث كانت العلاقة بين الشعبين متجذرة حتى قبل قيام الدولة الحديثة. ولا شك أن الموقع الجغرافي للبلدين لعب دورًا مُهمًا في توطيد العلاقة منذ عدة قرون حيث إن الكويت تقع في الشمال الشرقي من الخليج العربي، وعُمان تقع في جنوبه مطلة على مضيق هرمز الحيوي، ووقتذاك كان البحارة الكويتيون يتوقفون في عدد من الموانئ العُمانية كميناء صحار ومسقط (السلطان قابوس حاليًا) وغيرها، وأصبحت العلاقات بين الشعبين من خلال تبادل المصالح التجارية علاقات قائمة على الأخوة والمودة والثقة المتبادلة، وبعد اكتشاف النفط وقيام الدولة الحديثة في الكويت وفد إليها كثير من أهل عُمان لقربها منهم اجتماعيًا وثقافيًا، وهناك من بقي في الكويت مددا طويلة وهناك أيضًا من استقر. وحتى في وقتنا الحاضر ما يزال التواصل الاجتماعي في نشاطه المعهود، حتى في المجال العلمي الأكاديمي؛ حيث أتذكر أن رسالة الدكتوراه للدكتور الكويتي خالد ناصر الوسمي كانت عن تاريخ عُمان (2).

وبناءً على الثقة المتبادلة بين البلدين والمحبة، قامت استثمارات مشتركة بين البلدين من أهمها الاستثمار الصناعي في ميناء الدقم ذلك الميناء المطل على مياه بحر العرب، والذي يعد جوهرة الاستثمارات الكويتية في عُمان العزيزة، وهذا الميناء بالذات سيشهد زيارة ميمونة لقائدي البلدين صباح اليوم التالي للزيارة لافتتاح عدد من المشروعات النفطية التي تعبر عن مدى التقارب والود والثقة بين البلدين الشقيقين.

وقامت كذلك سلطنة عُمان من خلال شركة عُمانتل للاتصالات باستثمار وشراء ملكية مهمة في شركة زين للإتصالات إحدى أكبر شركات الاتصالات في الكويت، ولها أعضاء في مجلس إدارة هذه الشركة الشهيرة.

وذكر المؤرخ الكويتي الدكتور يعقوب الغنيم أنه: "كانت علاقة الشيخ مبارك الصباح بعُمان قوية جدًا، وكان يستورد السلاح للكويت عن طريقها، إضافة إلى ذلك فإنَّه يقدر سلطان عُمان في وقته السيد برغش ولا يريد لأحد ربابنة السفن أن يتجاوز ما يقرره السلطان في بلده، ولذلك فإن الشيخ مبارك تلقى طلبًا من بعض الربابنة الكويتيين الذين قالوا له: إننا نلتمس السماح لنا بنقل أي حمولات تتاح من مسقط إلى الباطنة أو صحار ضمن عُمان، فقال لهم: «إنه لا مانع بشرط أن يكتب لكم السيد برغش (سلطان عُمان آنذاك) ورقة يرخص لكم فيها بذلك، وأن تقوموا بعملكم علانية لا سرًا". (3).

ومن نفس المصدر السابق تحدث عن الأديب الكويتي عبدالله العلي الصانع، وهو من أدباء الكويت الذين اهتموا بالكتابة عن عُمان تاريخًا وقبائل وجماعات، والذي أمضى فترة من حياته في عُمان وما جاورها، وكان محبًا لهذه المنطقة بأسرها، وكتب عدة مقالات عنها في مجلة "كاظمة" التي كان يصدرها الأستاذ أحمد السقاف، ومجلة "البعثة". وكانت معلوماته كما هو واضح لقارئها معلومات رجل خبير بالمنطقة وأهلها. ونستطيع القول إن وجوده هناك كان ضمن الأسباب التي أدت إلى تمتين الصلات بين أبناء المنطقة. (4)

لا شك أن الزيارة الميمونة لأمير الكويت إلى سلطنة عُمان، تُعبِّر عن عمق العلاقات بين البلدين، خاصة وهي الزيارة الثانية منذ تولي سمو الشيخ مشعل الأحمد سدة الحكم، ولا ننسى في هذه السطور الاعتزاز الكبير بمشاركة سلطنة عُمان بقوات عسكرية في عمليات تحرير دولة الكويت من الغزو العراقي الغاشم؛ حيث كان للمواقف العُمانية إبان فترة السلطان قابوس بن سعيد- رحمه الله- أطيب الأثر في نفوس أهل الكويت.

حفظ الله البلدين الشقيقين، وأدام الود والتآخي بين البلدين الشقيقين، بقيادة حكيمة من جلالة السلطان هيثم بن طارق، وسمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد حفظهما الله ورعاهما.

مصادر:

  1. محمد ناصر ماضي الهاجري سفير دولة الكويت في سلطنة عُمان.
  2. د. خالد ناصر الوسمي، أكاديمي وسياسي كويتي مخضرم.
  3. مقال للدكتور يعقوب يوسف الغنيم في جريدة الوطن الكويتية في يوم 11/ 11/ 2009.
  4. نفس المصدر السابق.