سلطان بن محمد القاسمي
إنَّ الاتصال، والسمعة يشكِّلان بوابة النجاح للمؤسسات؛ إذ تُعَدُّ الجهود الاتصالية استثمارًا مهمًّا لمواجهة التحديات المستقبلية؛ حيث لا يوجد مشروع، أو مؤسسة؛ سواء كانت حكومية، أو خدمية، أو تجارية، أو صناعية، دون أن تكون عرضةً لتغيرات السمعة، وتأثيراتها.
وتسعى المؤسسات، والأفراد- بمختلف المهام والاتجاهات- إلى صناعة صورة مؤثِّرة لها في الجمهور المستهدَف، وغرس انطباعات إيجابية من أجل التأثير، والإقناع؛ ومن ثَمَّ صنع بيئة جاذبة للخدمات، أو الأفكار، أو المنتجات التي تقدمها تلك المؤسساتُ، أو الأفراد.
ويُعَدُّ الاتصالُ المؤسسيُّ العمليةَ التي تقوم المؤسسة من خلالها بإيصال رسالتها، وقيمها، وأهدافها إلى الجمهور. من هنا سيركز الاتصالُ المؤسسي على بناء السمعة بجهدٍ مستمر عبرَ تحديد هُوِيَّةِ المؤسسة، وتمييزها عن المنافسين، والتخطيط من أجل صورة إيجابية، وموثوقة عن المؤسسة، وأدائها، والحرص على بناء علاقات قوية، ومستدامة مع كلٍّ من الجمهور، والشركاء، والمجتمع.
وهذا بلاشك سيتطلب من القائمين على إدارات العلاقات العامة، والاتصال المؤسسي أن يكونوا على قدرٍ كبيرٍ من المهارة في التعامل مع الأزمات، والتهديدات التي قد تضرُّ بسمعة المؤسسة، وأن يكون لهم القدرةُ، وبشكل مستمر على اقتراح استراتيجياتِ تحسينِ أداءِ المؤسسةِ، وتطوير برامج توعية لزيادة الوعي بالمؤسسة، وخدماتها.
إن المؤسسة أمام هذا التحدي مطالبةٌ بتعزيز قدرتِها على إدارة السمعة من خلال تحديد نقاطِ قوتِها وتعزيزِها، ونقاط ضعفِها، ومعالجتها، وبناء العلاقات القوية، والبناءة مع أصحاب المصلحة، والتواصل الفعَّال مع ذوي العلاقة، والجمهور، فضلا عن تعزيزِ قدرتِها على تقديمِ منتجاتٍ، وخدماتٍ عالية الجودة، والقيمة، والتميز، والابتكار، والتكيف مع التغيُّرات، وتطبيق مباديء الحوكمة فيما يتعلق بالشفافية، والنزاهة، والمسؤولية الاجتماعية، بالإضافة إلى قياسِ، وتحسينِ الأداء، والنتائج، والتأثير.
ولا بُد في هذا الشأن من التعرف على أنواع مكونات السمعة الكلية للمؤسسة، وهي: علامة المؤسسة التجارية، ورؤيتها، وسمعة المؤسسة، وسمعة أفرادِها كونَهم سفراءَ السمعةِ الكلية للمؤسسة، والسمعةِ الجماعيةِ عن أقسام المؤسسة.
ولا تقف إدارةُ السمعة على الجانب المعرفي، والإدراكي فحسب، بل لابد من مراقبةٍ مستمرة لكلِّ موضعٍ يمكن أن يؤثِّرَ في سمعة المؤسسة، خاصة في الوقت الحالي، مع الانفتاح الاتصالي، والبيئة التكنولوجية الواسعة، فلا بُد من متابعة أثر المؤسسة في المواقع الإلكترونية، والاجتماعية، وإجراء التحليلات، والدراسات، والتقارير التي من شأنها أن تبيِّن للإدارة تقييمَ سمعة المؤسسة، ومواطن قوتها، وتأثيرها.
ولكون إدارة السمعة هي استثمارٌ طويلُ الأمد، ونجاحٌ مستدامٌ للمؤسسات، وتستلزم دعمًا معنويًّا، وماديًّا كبيرًا، ينبغي أن ندرك أهمية جودة، وفاعلية الاتصال المؤسسي، والمهارات الذاتية، والمهنية التي يمتلكها أفرادُ المنظمة في بناء، وتعزيز السمعة المؤسسية، واعتمادِ المساراتِ العلميةِ الناجحةِ في قيادةِ، وإدارةِ السمعة، وقياسها؛ ومن ثَمَّ القدرة على فهم الواقع، ومعرفة الانطباع، الذي يؤدي إلى تحسين الأداء، والإنتاجية.
إنَّ المؤسسات يجدر بها أن تدركَ أن السمعة الطيبة لا تحدثُ صدفةً، بل هي نتاجٌ لعقولٍ تفكِّر، وسواعد تبني، وأن الإدارة الناجحة للسمعة تعكس الاستعداد لمواجهة التحديات، وبناء مستقبل، ناجح، كريم.
وفي سياقِ هذه الأهمية، كانت لي الفرصة الرائعة في المشاركة في الدورة التدريبية المكثفة التي نظَّمها مركزُ التدريب الإعلامي في وزارة الإعلام في سلطنة عُمان على مدار خمسة أيام، والتي هدفتْ إلى تعزيزِ مهاراتِ التواصلِ، وإدارة السمعة المؤسسية، وقد قام بتقديمها الأستاذُ "أحمد عودة"، استشاري، ومدرب دولي في الاتصال، والعلاقات العامة، والذي يتمتع بخبرة واسعة في مجالات الاتصال، وإدارة السمعة، كما شارك فيها ثلةٌ من الكفاءات الإعلامية المتخصصة في مجال الاتصال من مختلف المؤسسات الحكومية، والأمنية في سلطنة عُمان.
إنَّ المشاركة في هذه الدورة التدريبية بمثابة تجربة غنية، وفرصة حقيقية للارتقاء بمهارات التواصلِ، وفهم أعماق إدارة السمعة، والفضل يعود- بعد الله- إلى الأستاذ أحمد عودة الذي قدَّم لنا إلهامًا، ومعرفة قيِّمة في مجالاتِ الاتصالِ، وإدارة السمعة، كما قَدَّمَتْ لي الدورةُ منصةً لتبادل الخبرات، والمعرفة مع المشاركين الآخرين، مما أثَّر إيجابيًّا على تطويرِ مهاراتي الشخصية، والمهنية.