قضية فلسطين إلى محكمة العدل الدولية

 

حمد الناصري

 

في قرارها الأوّلي بشأن الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل وتتهمها فيها بارتكاب "إبادة جماعية" في قطاع غزة، طلبت محكمة العدل الدولية الجُمعة من الدولة العِبْرية "منع ومعاقبة" التحريض على الإبادة، وإدخال مُساعدات إلى القطاع المُحاصر. فيما تُعتبر الأوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية التي تبتّ في النزاعات بين الدول، مُبرمة ومُلزمة قانوناً .

 

ويُعتبر هذا القرار نصراً لقضية فلسطين وأوّل هزيمة مُنكرة لإسرائيل في المحافل الدولية فهو إضافة لإدانته لجرائم إسرائيل فقد اعْترف بدولة فلسطين وبمُعاناة شعبها من جرائم الاحتلال الإسرائيلي.

 

 وكدأب سَلطنة عُمان ومواقفها المُشرفة سارعت بالترحيب بهذا القرار التأريخي مُعَبّرة مرة أخرى عن صلابة وثبات مَوقفها الأصيل تّجاه القضية الفلسطينية إلى جانب شقيقتها دولة قطر الشقيقة في مواقف راسخة لدعم القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مَصيره وإقامة دولته المُستقلة والعيش على أرضه وتُرابه بالأمن والأمان، والعِزة والكرامة وعاصمته القدس الشرقية وفق حدود ما قبل الرابع من حزيران/ يونيو 1967  أو ما يُعرف عربياً بالنّكسة .

 

 

 

وبحثَ القُضاة الذين تمّ تعيينهم بطلب مُستعجل لوقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة ووقف أيّة أعمال إبادة جماعية وتجريم الأفعال القبيحة الإسرائيلية وفق أدلّة مرفوعة إلى القُضاة الـ 15 بالنظر في أول قضية ضِد الكيان الصهيوني الغاشم بقيادة القاضية الأمريكية "جوان دونوغو" من مواليد 1957 والتي انْتُخِبت في 2021 لتكون رئيسة لمحكمة العدل الدولية، كأول امرأة أمريكية رئيسة لمحكمة العدل الدولية.

 

وقد قام فريق من ٦٠٠ مُحامي بتقديم الأدلة والبراهين على ارتكاب إسرائيل لجريمة الإبادة الجماعية علماً بأنّ المحكمة رفضت في وقت سابق الْتماس الجانب الإسرائيلي بإلغاء القضية وهذا وحده يُعتبر إنجازا لأول مرة ضد إسرائيل.

 

وكان لافتاً تصويت القاضية الأوغندية جوليا سيبوتيندي التي عارضت جميع التدابير المؤقتة الـ6 التي فرضتها المحكمة، بما في ذلك تدبيران حظيا بموافقة زميلها الإسرائيلي القاضي أهارون باراك.

 

 وأعلنت محكمة العدل الدولية قبولها النظر بدعوى جنوب أفريقيا التي تتهم إسرائيل بالإبادة الجماعية، وقضت بأنّ الشروط مُتوفرة لفرض تدابير مؤقتة على إسرائيل لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في غزة وتوفير الاحتياجات الإنسانية المُلحة فوراً، لكن هذه التدابير لم تتضمن الأمر بوقف إطلاق النار، وهو المطلب الرئيسي لبريتوريا.

وحسب نص القرار الذي نشرته المحكمة، يتعين على إسرائيل الالتزام بـ6 تدابير مؤقتة، من بينها الامتناع عن القتل والاعتداء والتدمير بحق سُكان غزة وضَمان توفير الاحتياجات الإنسانية المُلحة في القطاع بشكل فوري.

 

 

 

وجاءت نتائج التصويت بالمُوافقة حيث تمّ اعتماد 4 من هذه التدابير بموافقة 15 من القضاة الـ17، بينما عارضها القاضي الإسرائيلي والقاضية الأوغندية.

 

وانفردت القاضية الأوغندية سيبوتيندي بمعارضة اثنين من التدابير رغم مُوافقة بقية أعضاء اللجنة بمن فيهم العضو الإسرائيلي، وهُما إجراءان يتعلّقان بمطالبة إسرائيل بالعمل فوراً على ضَمان وصُول المساعدات الإنسانية إلى غزة، ومنع التحريض المُباشر على إبادة الفلسطينيين في القطاع ومُعاقبة المحرضين.

 

 وفي تعبير عن مرارة الهزيمة والإحساس بالخطر هاجم نتنياهو، القرار، وقال إنّ " الادعاء بأن إسرائيل تنفذ جريمة إبادة شعب هو ليس كذباً فحسب، بل مثيراً للانتفاض. واستعداد المحكمة للتداول فيه هو وصمة عار لن تُمحى لأجيال» فيما صرّح مسؤولون إسرائيليون آخرون بأن المحكمة مُعادية للسامية في تكرار لنفس الأسطوانة المشروخة والتي يستعملونها كلما حاول طرف إدانتهم وإدانة جرائمهم المتكررة ".

 

 خُلاصة القول.. إنّ العالم أصبح يَنظر إلى القضية الفلسطينية لأوّل مرّة بعدالة وعلى المُجتمع الدولي تحمّل مَسؤوليته ومُساندة الجهود للضغط على إسرائيل لإيقاف جرائمها ومُمارساتها العنصرية، وسنبقى في حالة ترقّب للقرار النهائي للمحكمة عسى أنْ يُنهي مُعاناة أهْلنا في فلسطين ويُلجم الاستهتار والعُدوان الإسرائيلي إلى الأبد.

تعليق عبر الفيس بوك