أبواق عربية أخطر من الصهيونية!

 

د. مجدي العفيفي

(1)

تؤكد الميديا عبر وسائلها المشغولة بالحرب العالمية على فلسطين: الصهيونية الأمريكية البريطانية الفرنسية الألمانية الإيطالية.. أن الانهزاميين العرب هم الألعن على الأمة.. وأن المنبطحين العرب هم الأخطر.. وأن الذين أجلسوهم على كراسي الإعلام خاصة الصحافة في المنطقة ويحركونهم مثل قطع الشطرنج، تجاوزوا كل حدود الوقاحة.. إنهم ينتشرون في «إعلام الخيل والبغال والحمير» الذي يبث في عضد الأمة، سخافات أصحابه الذين تمولهم الماسونية العالمية، وحكومة العالم الخفية.. إنهم «خُدّام التاج البريطاني» و«خدم البيت الأمريكي الأسود» ولاعقو أحذية الصهيونية القذرة، ولا يكفون عن ثرثرتهم الساذجة..!

(2)

في هذا السياق، شاهدت على شاشات التليفزيون الصهيوني لقاءً مع كائن بشري عربي متصهين حتى النخاع وحتى الثمالة، وللأسف العنيف هو رئيس تحرير موقع إلكتروني كُنا نحترمه وكُنا أيضاً «نألفه» وله فضل الريادة العربية في الصحافة الإلكترونية، لكن صاحبهم هذا المتصهين والمتنطع، استطاع في لمح البصر أن يحولَّه إلى بوق صهيوني رخيص، وأداة تمهد بسذاجة و"عبط" إلى ما يسمى- عارًا سياسيًا وخزيًا عربيًا- بالتطبيع مع النفايات البشرية الصهيونية المرتقب في المنطقة.. لكن هيهات!

حين تقول أيها المتصهين عبر شاشة التلفزيون الصهيوني: «إذا انتهت الحرب بدون التخلص من حماس، فهي هزيمة للعالم الحر، حماس يجب أن تنتهي لكي تعيش غزة ودول المنطقة بالأمان والاستقرار»! اعلم يا هذا أنكم لن تعيشوا في أمان، لأنكم مصدر من مصادر الدنس والتوتر والوحشية وانعدام الأخلاق، وهذا العالم الذي تتحدث عنه إنما هو عالمكم، عالم العبيد والشواذ فكريًا وإنسانيا وأخلاقيا.

العالم الحقيقي ليس عالم البيت الأسود الأمريكي وعصابته، ومن يدور في دائرتها الجهنمية البغيضة مثل بريطانيا الذليلة، وفرنسا الذيل، وألمانيا المنافقة، وغيرها من المقاطعات الأوروبية والمتنطعين العرب أمثالك والمتصهينين السابقين والحاليين والقادمين.. العالم المتحضر أكبر من هذه الكائنات البشرية.. العالم المتحضر ليس فيه مثل هذه الدول التي جذورها في الهواء، وتعيش عالة على دول وشعوب العالم امتصت خيراتها وخبراءها ومواردها..

(3)

ثرثرتك يا هذا لا تساوي جناح بعوضة، فأنت بوق صهيوني مدلس ومدنس... حسك العربي والإسلامي ميت لا يهمنا في شيء، فأنتم أموات في هيئة كائنات بشرية حيَّة ليس إلا..! لكن حين تهذي وتذكر في هذيانك اسم غزة، فهنا أقول لك تبت يدك ولسانك، أنت تسيء إلى أسيادك الأبطال الفلسطينيين، وكل شخص في أرض فلسطين هو بطل، رغم أنف الأنظمة المتواطئة، والتي تعرت وتعرى إعلامها وبانت سواءتهم وصاروا رموزا للخزي والعار أمثالكم.

أنت وأمثالك، سيلقون بكم في أقرب بالوعة صرف بعد أن يعاملوكم على أنك «ورق كلينكس» واسأل السابقين. أنت واهم يا ....وموهوم.

إن ظفر كل مقاوم فلسطيني بألف ألف شخص من أمثالكم.. هل تتصور أن حركة حماس التحريرية، شلة من شللكم الشاذة؟ إنها مؤسسات وجناح عسكري وحكومة وكل أبناء فلسطين هم حماس وكل فصائل المقاومة.. أنتم لا تفقهون معنى المقاومة ولن ..

(4)

وأسفاه على الذين لا تزال تجندهم القوى الغربية، من ساسة وإعلاميين وكتاب ومثقفين، أو مدعي السياسة والإعلام والكتابة والثقافة، سواء أكانوا يعلمون أم لا يعلمون دلالات استراتيجية إلهاء الشعوب، وسواء أيدركون أم لا يدركون خفايا تقنية اغتصاب عقولهم، وقد آلت الأمور بهم إلى تبني المثل الأمريكي البغيض: «إذا تعرضت للاغتصاب، ولم تستطع المقاومة، فعليك إلا أن تسترخي وتستمتع» (!!).

هم في غيهم يعمهون، ويستكثرون على حملة مشاعل التنوير في المنطقة، أن يكشفوا الزيف بمصدريته، وينزعوا أقنعة التضليل بمرجعيته، ولا يبالون أنهم عندما لا يدفعون ثمن البضاعة فإنهم البضاعة نفسها، لكنهم لا يشعرون أو يشعرون.

(5)

أنت يا هذا «الداعية الصهيوني» ممن يحتاجون بين الحين والحين، إلى من يوقظ فيهم الشعور بالذات، في عصر يعز فيه العثور على الذات، والتقابل معها، إلا أننا لا نعدم الأمل في النور الذي يضيء الطريق، وإن توارى خلف الأستار، بعضا من الوقت، ويفتح النوافذ التي غُـلقت، ويفتح المنافذ التي جثمت عليها وحجبتها خفافيش الظلام، ويجعل من الأمس الأصيل، قوة لاحتواء اليوم، والتحريض على اقتحام الغد، دون انتظاره حتى يجيء، وقد لا يجيء!

لا .. لهؤلاء الذي يسخّرونهم لبث دعاواهم، وبعد حين يسْخرون منهم، فالخفافيش فقط هي التي تظهر في الظلام، وعلينا أن نفيق، فالحريق مدمر، لن يبقي ولن يذر..! التربص الغربي بالشرق الأوسط، لا يزال حادا ومسعورا، ويبدو أنه سيظل مستعرا، شواهد كثيرة وبغيضة نراها بجلاء، كلما انطفأت نار اشتعل جحيم، كلما هدأت بقعة استعرت أخرى، الأيادي التي كانت خفية من قبل، وهي تحرك قطع الشطرنج على مسرح الأحداث، أعلنت عن نفسها.

(6)

متى يفيق التائهون في شرقنا العربي، بحثا عن زعامات رخيصة، في زمن تعز فيه الزعامات، أو بالأحرى في زمن لا يحتاج زعامات فردية، ولا يجوز، ولا ينبغي ولا يستطيعون.. فإن للزعامة أصولًا، لا يعلمها ولا يدركها محدثو النعمة السلطوية. إن صح التعبير، هؤلاء الذين يغمضون أعينهم ويتعامون، ويتجاهلون، وينساقون وراء بريق المال، ويسكرون بشهوة الحكم وسوط السلطة، وهم لا يبصرون.

إن شهوة السلطة، أيضا، تعمي القلوب التي في الصدور، وتمنح الفرص الذهبية للغرب الدموي أن يجوس في ديار الشرق، ويعيث فيها فسادا وإفسادا، تحت أقنعة التحضر والحضارة، والتنوير والمدنية الحديثة، وتحت أوهام حماية العروش وكراسي الحكم.. و.. و.. غيرها من الأقنعة، التي حين تسَّاقط تبدو وجوه أصحابها مثيرة للغثيان السياسي والحضاري والثقافي، وبكل أنواعه ونوعياته، فهل من مدكر؟

(7)

ولا تزال نار الشرق الأوسط مستعرة، ومهما كانت وحشية النيران فلن يتحول الشرق الأوسط إلى (الشر... الأوسط) هيهات هيهات، لا سيما ما تفعله الصهيونية بكل ضآلتها السياسية وعملائها في المنطقة.

وأذكِّرك يا هذا المنبطح، بكلمة للسياسي الأمريكي روبرت ف. كينيدي جونيور: «إسرائيل هي معقل لنا... الأمر أشبه بوجود حاملة طائرات في الشرق الأوسط. هذا هو أقدم حليف لنا. إذا اختفت إسرائيل، ستسيطر روسيا والصين ودول البريكس+ على 90% من نفط العالم، وستكون هذه كارثة على الأمن القومي الأمريكي».

إن كيد الصهيوني ضعيف.. وضعيف جدا.. وسيظلون.. لكن مهما كانت ماكيناتهم الإعلامية، فضجيجها بلا طحن.. ولا تغرنكم الغواية الصهيونية والماسونية..

(8)

الذي جذوره في الهواء لا ينمو.. ولن ينمو أبدًا.. فلا نمو بدون جذور.