أبواق عربية صهيونية

 

 

◄ الأحزاب الدينية اليهودية ترفض "الصهيونية" لأنها تمثل "شكلًا من العلمنة والاندماج الثقافي" في مخالفة لمشيئة الرب

 

صالح البلوشي

 

في الأسابيع الماضية كرست أغلب قراءاتي عن القضية الفلسطينية والصهيونية، ومن بين ما قرأته "موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية" الموجزة في جزأين للدكتور عبدالوهاب المسيري، وكتاب "الأحزاب الدينية الإسرائيلية ودورها في صنع القرار السياسي" للدكتور محمد عمارة تقي الدين، وكتابه أيضا "الحركات الدينية الرافضة للصهيونية داخل إسرائيل".

والذي لفت انتباهي ما كتبه عمارة عن الأحزاب الدينية اليهودية الرافضة للصهيونية والكيان "الإسرائيلي" منذ نشوء هذا الورم السرطاني في قلب العالم العربي، ومن أسباب هذا الرفض كما جاء في الكتاب: "أنها تمثل شكلا من العلمنة والاندماج الثقافي وبذلك تعتبر تمردًا على مشيئة الرب، وبأنها حاولت فرض خلاص اليهود من خلال نشاط دنيوي متسرِّع، بينما الحل هو الصبر انتظارًا لمجيء المسيح الذي وعد به الرب" وأسباب أخرى.

وللأسف الشديد، فإنَّ هذه المعلومات غائبة عن كثير من العرب وغير العرب أيضًا؛ لأن الصورة النمطية التي يقدمها الإعلام العالمي عن القضية الفلسطينية تركز على أنها صراع إسلامي يهودي، مع أن الواقع يقول غير ذلك، فدول عربية وإسلامية لديها علاقات دبلوماسية مع الكيان الصهيوني وفي المقابل فإنَّ هناك الكثير من اليهود ضد الكيان ويعلنون تضامنهم مع الشعب الفلسطيني.

وفي الوقت الذي يُعارض فيه الكثير من اليهود الصهيونية والكيان "الإسرائيلي" الغاصب، نجد البعض من بني جلدتنا ومن الذين يتكلمون بلغتنا يدافعون عن هذا الكيان أكثر من الصهاينة أنفسهم، ويهاجمون حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وباقي فصائل المقاومة أكثر من الإعلام الصهيوني نفسه، تارة بحجة أن "حماس" فصيل إخواني، وأخرى بحجة أن الحركة تتلقى دعماً من إيران، والحجة الأخيرة تنقسم إلى سببين، سياسي وطائفي.

وينتشر هذا الصنف المُتصهيِن الذي أستطيع تسميته بـ"الوباء" كثيرًا في وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة منصة إكس (تويتر سابقا)؛ حيث لا تجد في حساباتهم إدانة واحدة للكيان الصهيوني أو الدول الداعمة للكيان، ولا منشورًا واحدًا رافضًا للجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية، ولا حتى مشاركة واحدة لخبر واحد يُندد بالكيان وجرائمه، وإنما كل ما يشغلهم هو إدانة حماس والمقاومة، بعضهم بشكل صريح وبعضهم بشكل غير مباشر لكنه لا يخفى على المتابع، مما يجعلنا نتساءل: إلى أية جهة ينتمي هؤلاء؟ وما مصلحتهم في نشر هذه السموم في وسائل التواصل الاجتماعي؟

لقد اتهم البعض هذه الفئة بالعمالة لـ"إسرائيل" مع أني لا أتفق على ذلك، وإنما يرجع الأمر كله إلى قطار التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي انطلق منذ عدة سنوات للأسف وكاد أن يستمر في طريقه برعاية أمريكية صهيونية، لولا عملية "طوفان الأقصى" التي أعطبت القطار وأوقفته عن الاستمرار.