إبداع وتميُّز ربابنة صور

 

د. خالد بن علي الخوالدي

أُجزم وأؤكد أنَّ مدينة صور في محافظة جنوب الشرقية كانت أبرز اسم يُبحث عنه في متصفحات البحث على الإنترنت خلال الأيام الماضية؛ ففوزها بعاصمة السياحة العربية لعام 2024 جعلها في الصدارة كأهم المناطق السياحية الواعدة، وهي كذلك سابقًا؛ حيث كان لها الصدارة سياحيًا في محافظتي شمال وجنوب الشرقية، وجنوب الشرقية بصفة خاصة؛ وهي التي تشد إليها الرحال سياحيًا، وأبرزها تاريخيًا وتراثيًا وثقافيًا وأدبيًا، وعاصمتها الإدارية وميناؤها البحري منذ قديم الزمان، وحُق لنا في سلطنة عُمان أن نفخر بمثل هذه المدينة.

وتزامناً مع الإعلان عن مدينة صور عاصمة للسياحة العربية احتضنت المدينة الحدث الأبرز إعلاميًا "الملتقى الصحفي" الذي يُعد تجمعًا إعلاميًا مُهمًا لإبراز الجوانب الرائعة من معالم هذه المدينة العريقة. وقد أعدت لجنة الصحفيين بمحافظتي الشرقية برنامجًا حافلًا ومشرفًا يليق بما وصلت إليه هذه المدينة من تألق، وتفاعل الإعلاميين مع هذا البرنامج وساهموا مساهمة بارزة في إظهار المعالم السياحية والتراثية والتاريخية والتجارية والاقتصادية التي تشتهر بها مدينة صور.

أبهرنا حسن الاستقبال والتنظيم والجدول المعد لملتقى الصحفيين بولاية صور، إنِّه إبداع وتميز من أهل الفن والربابنة والنواخذة والتاريخ وهذا ليس بغريب عليهم فقد قال عنهم السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- "هذه المدينة الزاهرة، التي يزهو التاريخ بأصالتها، ويُباهي الزمان بعراقتها، ويعبق التراث المجيد في ساحاتها وعرصاتها.. مدينة صور.. ذات الأمجاد البحرية التليدة التي سار بذكرها الركبان، فكانت مفخرة من مفاخر أبناء عُمان..نعم.. فمن هذه المدينة التاريخية انطلق الشراع العماني، حقبة طويلة من الدهر، يجوب البحار والمحيطات، زاهياً متألقاً كالغيمة البيضاء الصافية، يحمل الخير إلى أركان الدنيا النائية، ويؤوب منها ظافرا بصنوف من السلع والبضائع المتنوعة، في تبادل تجاري كبير ومنتظم، جعل من عمان إحدى المحطات التجارية الهامة على امتداد فترة غير قصيرة من عمر الزمان".

واتضح لنا هذا جليًا عندما زُرنا متحف "فتح الخير"، ضمن ملتقى الصحفيين بولاية صور الذي ضم بين جنباته تاريخاً عريقاً من المجد والحضارة والتواصل العالمي التي حققته السفن العمانية التي انطلقت من مختلف ربوع عمان عامة ومن ولاية صور خاصة،  تاريخ لا يمكن اختزاله في متحف بل يحتاج إلى متاحف متعددة ومتنوعة فالغنجة وحدها تحتاج إلى متحف فما بالك بالسفن الأخرى والنواخذة الذين يملكون علوماً مختلفة كعلم الفلك والنجوم وعلم اللغة وحفظ القرآن وغيرها من العلوم التي تؤهلهم لمعرفة أحوال السفر والطقس وأوقاته ومخاطره وغيرها، فصور اشتهرت في عرض المحيطات وعلى طول شواطىء الخليج وجنوب أفريقيا وشبه القارة الهندية وآسيا، وحملت سفن الغنجة والبغلة الصورية، اسم عمان في عرض البحار والمحيطات وبقيت صور على مدى آلاف السنين تعيش على مهاراتها في الإبحار وجرأتها وأحواض بناء السفن فيها وأساطيلها الشراعية التي سيطرت على التجارة في مياه الخليج وما ورائها، وتعرفنا على أكثر من هذا في هذا الملتقى الرائع حيث صور الحاضر المشرق والمستقبل الواعد والمجد التليد، والأجمل ذلك الربط بين الملتقى والتطورات التي حدثت في الإعلام "جنوب الشرقية.. إعلام وتنمية"، والذي قُدِّمَ فيه عدد من أوراق العمل التي حملت طابعاً إعلامياً وفي نفس الوقت تعريفاً بصور من النواحي الجمالية والسياحية والتنموية والخدمية.

نتقدم بخالص الشكر وصادق التقدير لكل الجهود التي بُذلت لإنجاح هذا الملتقى الذي كان مُتميزًا منذ الوهلة الأولى وحتى ختامه، مُقدمين جزيل الشكر والتقدير للجنة الصحفيين بمحافظتي الشرقية ومكتب محافظ جنوب الشرقية وكل من قدم أي جهد في تميز الملتقى.

ودُمتم ودامت عُمان بخيرٍ.