د. مجدي العفيفي
تطرقنا في المقال السابق إلى شواهد ماثلة و مشاهد دالة،على أن الإرهابي الأكبرالـ «نتن ياهو» يصر على أن يلف أحزمة نارية حول نفسه، في أجواء الحرب الصهيوأمريكية على فلسطين. حتى أنهم في الكيان الصهيوني الشتات، قالوا« لن نسمح لنتن ياهو المصاب بجنون العظمة أن يقود الحرب».
ولعل كل من يتابع ما يحدث في فلسطين من جرائم الصهيونية التي يرتكبها الـ نتن ياهو.. كيف يجلس على الكرسي الذي يحكم ويتحكم في الكيان الصهيوني كل هذه السنوات؟ ولماذا كل هذه الدموية والتترية والوحشية في قتل النساء والأطفال في فلسطين، ويعجز عن مواجهة وقتل أسود المقاومة الفلسطينية؟
هذه التساؤلات وغيرها شغلت أيضًا عالم النفس الدكتور محمد المهدي الأستاذ بجامعة الأزهر أن يجمع شتات هذا ال«نتن ياهو» في سلة واحدة، بعد أن وضعه في مختبر التحليل، وهو يتقزز من شخصه وشخصيته - ونحن معه - إذ لابد مما ليس منه بد، حتى يتعرف الرأي العام، خاصة الانهزاميين والمتنطعين والمطبعين العرب أنهم يدورون في فلك النفايات البشرية الصهيونية، بلا حياء أو خجل. وقد وضع الجدلية تحت عنوان "التحليل النفسي لشخصية نتنياهو.. دكتاتور الكيان الصهيوني".
ونواصل الترحال في المستوطنات الإجرامية في شخصة هذا المجرم الأكبر في هذه السطور، ونتوقف مع طبيعته الشكاكة، هذا الشك بأن «العالم كله ضده» يرافقه شعور بأنه ضحية. ومعارضوه الأساسيون هم ممثلو الحكومة السابقة، فضلاً عن فصائل النخبة في حزبه.
ويبدو من سلوكه وخطبه أنه عندما يتعرض للهجوم على وجه التحديد يشعر بأنه في بيته، ومن الواضح أن مشاعر الإيذاء تحشد موارده الداخلية وتمكنه من القتال والفوز في محاولة لإظهارها.
ومنذ دخول نتنياهو الحياة السياسية بكل همجيته وغطرسته وغروره، ارتفعت مستويات الشك لديه، ويشتد هذا الميل خلال الأزمات، عندما يشعر أن منصبه مهدد، وغالبًا ما يتم الاشتباه تلقائيًا في الأفراد الذين ليسوا أعضاء في طاقمه المقربين بعدم الولاء والتآمر ضده، والتهديد، كما يراه، شخصي في المقام الأول.
ثم يتمهل الدكتور المهدي عند الخصائص الوظيفية، أو ما يسميه بالسلوك تحت الضغط حيث يختلف سلوك بنيامين نتنياهو تحت الضغط حسب الموقف، ليستدعي الدكتور المهدي مشهدا، لزعيم المستوطنين في الضفة الغربية «إسرائيل هاريل» في مقابلة بعد حادثة محاولة اغتيال خالد مشعل والقبض على المنفذين في الأردن، إن نتنياهو فقد رشده، وأصيب بالذعر، ودفع للأردنيين ثمناً باهظا، وذكر تقرير المحلل العسكري أمير أورين أن نتنياهو كان منزعجا للغاية من اعتقال اثنين من عملاء الموساد في عمان لدرجة أنه اقترح بنفسه إطلاق سراح أحمد ياسين على الملك حسين، وهو عرض لا يمكن قبوله.
كما أفاد الأشخاص الذين عملوا بشكل وثيق مع نتنياهو عن ردود أفعال جسدية أثناء التوتر: فهو غالبًا ما ينسحب أثناء الأزمة بسبب آلام في المعدة، يشير هذا النوع من ردود الفعل الجسدية إلى آلية تكيف تحفزها مشاعر لا يرغب نتنياهو في الاعتراف بها أو التعبير عنها.
ولغة الجسد عند نتنياهو تعكس قدرا كبيرا من العصبية والحدة والتوتر، وأحيانا كثيرة الغضب، والإستهانة بالآخرين، والعدوانية.
وحول أسلوب القيادة والإدارة العمل توصل د. المهدي إلى إنه يعمل بمفرده، ولا يتشاور مع المستشارين الرئيسيين ذوي الخبرة، ولا يدرك أنه في يوم من الأيام سوف يحتاج إليهم،. إن تصريحات النت نياهو وتصرفاته توحي بطابع غير ديمقراطي، وهذا ما يعترف به وزراؤه وأعضاء حكومته، وقد اتُهم باستخدام التلاعب غير الديمقراطي لترجيح كفة الميزان في حزب الليكود.
أما عن العلاقات مع وسائل الإعلام، فإن الإعلام يناسب شخصية نتنياهو، وهو يعرف كيف يحقق أقصى استفادة من المواضيع التي يسهل التوصل إلى إجماع بشأنها (مثل الإرهاب أو المحرقة). لديه موهبة تحويل القضايا إلى ما يود مناقشته، وليس بالضرورة ما يقصده الشخص الذي يجري المقابلة معه أو منافسه، إنه يعرف كيفية استخدام الصحفيين لتسريب المعلومات عندما يكون ذلك مناسبًا، ولتمرير الرسائل إلى وسائل الإعلام عبر الآخرين، والتلاعب بالصحافة لصالحه (على سبيل المثال، الدخول إلى قاعة المؤتمرات بالضبط عندما تبدأ نشرات الأخبار في وقت الذروة). وهو يعترف بمعاملة أستوديو التلفزيون كساحة معركة، حيث يجب عليه هزيمة منافسه، حيث قال في إحدى المقابلات: «بالنسبة لي، التلفزيون هو ساحة ملاكمة، أنت تقف في مواجهة شخص يريد مهاجمة ما تمثله، وعليك أن تقرر متى وماذا وكيف ترد.
أما عن وجهة نظر العالم السياسية والدينية ووجهة نظره العالمية فيما يتعلق بالصراع العربي الصهيوني- كما عبر عنها في خطاباته ومقابلاته وكتبه- هي كما يلي:
- من منظور تاريخي، لا يوجد شيء أكثر عدالة من عودة اليهود إلى وطنهم، إلا أن إسرائيل فشلت في نشر هذه المعلومات بشكل فعال.
- هو يزعم أن الدول العربية المحيطة بالكيان ليست ديمقراطية، وبالتالي فإن السلام معها لا يمكن أن يقوم إلا على توازن الخوف، وعلى قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها، ولن يختفي العداء العربي خلال هذا الجيل.
يمتلك نتنياهو أيضًا بعض سمات الشخصية الاستبدادية فهو يميل إلى إنكار نقاط ضعفه وإلقاء اللوم على الآخرين (على سبيل المثال، وسائل الإعلام) في إخفاقاته؛ وعلاقاته مع الناس متلاعبة وتعتمد إلى حد ما على الهيمنة؛ يرى الأحداث والأشخاص من حيث القوة، وهو ما لديه شغف كبير بها؛ إنه قائد عدواني، يقيم العالم بتناقضات صارخة، فسياساته المعارضة محافظة وصارمة، وبرنامجه الأساسي هو القومية الواضحة. إنه ينزع قلوب مؤيديه الشعبيين، ويؤجج نيران غرائزهم، ويعد بتأسيس هياكل اجتماعية وحكومية جديدة، ويدعو جمهوره المخلص إلى التمرد ضد النظام الاجتماعي القائم، وحين كان يشكل حكومته، أشار كبار أعضاء الليكود إلى أنه يقوم بتصفية الحسابات بشكل منهجي، وإذلال قادة الحزب والسيطرة عليهم، وقد تم سحق الأفراد الذين يشكلون تهديدًا له.
هذه الخطوط الإجرامية في شخص هذا الـ«نتن ياهو»، وهذه المعالم اللابشرية، كانت ضمن مجموعة الأسباب التي أرغمت طبيبه النفسي والعصبي «موشيه ياتوم» الذي كان يعالج "نتن ياهو" قبل سنوات، وترك مذكراته التي تفضح المزيد من الوجه البشع لها الـ«نتنياهو»، وهو ما نتاوله في الحلقة الأخيرة من هذه السلسلة.