«حزام ناري» حول الـ«نتن ياهو» (1- 3)

 

د. مجدي العفيفي

 

كل الشواهد الماثلة والمشاهد الدالة تؤكد أن الإرهابي الأكبر نتن ياهو يصر على ان يلف احزمة نارية حول نفسه، في أجواء الحرب الصهيونية الأمريكية على فلسطين.. كيف؟

عندما قال رئيس حزب «اسرائيل بيتنا» ليبرمان قبل يومين:« لن نسمح لنتن ياهو المصاب بجنون العظمة أن يقود الحرب».

وحين أعلن الكاتب الصهيوني شافيت أن نتن ياهويعتقد أن مهمته البطولية هي إنقاذ وطنه، وأن اللعبة السياسية تحكمها «قوانين الغابة» حيث يبقى القوي ويسقط الضعيف على جانب الطريق

ويوم أن كتب «موشيه ياتوم» الطبيب النفسي الذي كان يعالج نتن ياهو قبل سنوات- قبل انتحاره بسبب هذا الـ نتن ياهو«لا أستطيع أن أتحمل الأمر بعد الآن، السرقة فداء، والفصل العنصري حرية، ونشطاء السلام إرهابيون، والقتل دفاع عن النفس، والقرصنة شرعية، والفلسطينيون أردنيون، والضم تحرير، ولا نهاية لتناقضاته»

***

من يكون هذا الـ نتن ياهو؟ وكيف يجلس على الكرسي الذي يحكم ويتحكم في الكيان الصهيوني كل هذه السنوات ؟

ولماذا كل هذه الدموية والتترية والوحشية في قتل النساء والأطفال في فلسطين، ويعجز عن مواجهة وقتل اسود المقاومة الفلسطينية؟

وما كل هذا الغرور والصلف والغطرسة لديه؟ وما معنى هذاالإحساس بالعظمة والتفرد ، وازدراء الآخرين واستغلالهم،والتعالي والقهر وحب السيطرة والتحكم والعدوان والإستبداد والمراوغة والخداع  والكذب، ونقد العهود والوعود وبلادة المشاع وانتهاك حقوق الآخرين بلا رحمة ، وعدم الإحساس بالندم أو الخطأ ، والإستخفاف بكل المعايير الدينية والأخلاقية والإنسانية؟

تساؤلات متوحشة تطل برأسها وانا أتابع هذه الحرب الامريكية الصهيونية البريطانية على أطفال ونساء فلسطين،متابعة ميدانية ليس فقط عبر الفضائيات الحقيقية، بل عبر زملاء صحفيين وأصدقاء إعلاميين  في فلسطين، عرفتهم عبر ٥٠ عاما في شارع الصحافة.

ولم يكن من قبيل المصادفة - وأنا أديرعلامات الاستفهام والاستنكار- أن أعثر على مذكرات الطبيب النفسي الذي كان يعالج الـ نتن ياهو، وبسببه انتحر احتجاجا على دمويته عام ٢٠١٠.

هذه واحدة، والثانية، أنه لم يكن من قبيل المصادفة أيضا أن تتزامن تساؤلاتي تلك، مع رسالة من عالم النفس الدكتور« محمد المهدي» الأستاذ بجامعة الآزهر، تحمل عنوان «التحليل النفسي لشخصية نتنياهو.. دكتاتور إسرائيل»(!!)

***

ولأن العنوان يفكر للنص، فإن عنوان الرسالة، كما أتشارك الرؤية مع د. المهدي- قد يبدو العنوان غريبا، إذ كيف يحكم إسرائيل دكتاتور مع أنها٠ كما يزعمون - كيان ديموقراطي ، أو على الأقل لديه مؤسسات وآليات ديموقراطية للوصول إلى الحكم ، وكيف تسمح مؤسسات وآليات ديموقراطية بوصول شخص يتعامل بطريقة دكتاتورية إلى قمة السلطة عدة مرات على مدى 16 عاما قضاها كرئيس للوزراء ، وهي أطول مدة لرئيس وزراء في إسرائيل ، هذا بخلاف المناصب الوزارية الأخرى العديدة التي شغلها ، وكأن الرجل لديه شغف جنوني وتعلق هوسي بالسلطة لا يكاد يغادرها بالقواعد الديموقراطية حتى يسعى بكل قوة للعودة إليها متلااعبا بتلك القواعد أو مراوغا لها.

  فعلا ابتعد العالم عن التحيزات الشخصية، إذ اخارت منهجية قائمة على استكشاف معالم الشخصية من مصادر متعددة وبطريقة علمية موثقة ومن علماء ومؤسسات محسوبين على المجتمع الإسرائيلي والمجتمع الغربي (حيث لا شبهة في معاداة زعيم صهيوني . 

وتأسيسا على ذلك بنى التحليل على منهجية مسح شامل على مدى سنوات عن شخصية نتنياهو سواء في كتب، أو تصريحات صدرت عنه هو نفسه ، أو ما كتب عنه بواسطة آخرين، أو لقاءات قام بها ، وأيضا على ملاحظة سلوكه في مواقف وأحداث عديدة ، ونظرا لأنه من أكثر الشخصيات ظهورا في قيادة إسرائيل على مدى سنوات طويلة ، فقد كانت هناك فرصة كبيرة لقراءة شخصيته  الموية الديكتاتورية بكل تناقضاتها واستبدادها وسوادها وأنانيتها التي تتجلى في أن النجاح الشخصي أهم بالنسبة له من الأيديولوجية وهو يسعى باستمرار لتحقيقه على حساب أي شئ. ويتجلى هذا النمط في قبوله المساعدة من المساهمين الأمريكيين الذين لديهم وجهات نظر متطرفة تختلف تمامًا عن آرائه ولا يتردد في استغلال الآخرين، بما في ذلك زملاؤه،  وحين  كان يشكل حكومته ، أشار كبار أعضاء الليكود إلى أنه كذلك ، فهو يقوم بتصفية الحسابات بشكل منهجي ، وإذلال قادة الحزب والسيطرة عليهم . وقد تم سحق الأفراد الذين يشكلون تهديدًا له

وهو يرى نفسه أكثر إدراكا من الآخرين. وبالتالي فإن من يختلف معه لا يفهم العمليات التاريخية/ السياسية بشكل صحيح، ويجد نتنياهو صعوبة في التمييز بين الأبعاد الشخصية والعامة أو السياسية لحياته

 يتأخر نتنياهو بشكل مزمن عن الاجتماعات حتى مع رؤساء الدول، وهو ما يفسره القادة الأجانب والسياسيون وغيرهم على أنه مهين، لكن هذه التقارير لم تؤثر على سلوكه.

و يريد دائما أن يكون الأول وأن ينتصر على الآخرين ، وأن يصل إلى القمة،  وهو يعلن أن اللعبة السياسية تحكمها «قوانين الغابة»، حيث يبقى القوي ويسقط الضعيف على جانب الطريق،  وبالنسبة له ، تحقيق الهدف يبرر أي وسيلة سياسية.

***

ويكثف الدكتور المهدي الأنماط السلوكية  المتكررة منذ دخول نتنياهو إلى السياسة يذكر منها، أنه يهاجم بشكل استباقي أي شخص يُنظر إليه على أنه خصم أو منافس. وقد يكون الهجوم مباشراً أو غير مباشر.

  وأنه يهدف إلى التقليص، وإذا لزم الأمر، طرد الحلفاء الذين قد يهددونه في المستقبل ، ويتم التعبير عن ذلك في المراوغة والسخرية من المنافسين المحتملين ، أو حتى الحلفاء الذين قد يهددون مكانته المستقبلية .

ثم انه يستعين بمساعدين وزملاء للقيام «بأفعال» قد تثير الغضب أو الانشقاق ، ثم، اعتمادًا على النتائج ، إما أن يدعمها أو ينكر أي تورط شخصي لها 

ومن أبشع سلوكيات هذا الـ «لنتن» انه يبرم المعاهدات وينقضها ، مما يقرب الناس منه أو يبتعد عنهم ، حسب الاحتياجات أو الاعتبارات السياسية الحالية ، وقد يكون حليف اليوم منافس الغد ، والعكس صحيح   فهو يستخدم الناس لتلبية احتياجات فورية ، دون ولاء أو التزام طويل الأمد .

 وطبقا لشهادات السياسيين والصحفيين والقادة والشخصيات العامة تصور نتنياهو كشخص يوقع وعودًا لا يفي بها. ونتيجة لذلك، يعتبرغير جدير بالثقة،وقد اتهم العديد من القادة نتنياهو بأنه وعدهم بأشياء ثم نفى القيام بذلك على الإطلاق .

***

وإلى لقاء مع الحزام الناري القادم حول.. الـ ( نتن - ياهو) !!.